لماذا أشفق على المهدي جمعة ؟

مقال رأي : بقلم : صباح توجاني المديوني
اشفق على المهدي جمعة رئيس الحكومة الجديد، رغم عدم معرفتي به شخصيا، اشفق عليه كثيرا لأني على يقين بان الهدية المسمومة التي حباه بها الحوار الوطني، ستكون حملا ثقيلا على سنواته الخمسين ولن يكون بمقدوره تحمل وزرها.
اشفق عليه لأني على قناعة بان ما ينتظره من عراقيل وفخاخ نصبها اصحاب العقول العليلة من اليمين واليسار على حد سواء، اثقل بكثير مما اعترض مسيرة سلفه علي العريض وجعله يفضل الإنسحاب بالرغم من نواياه الطيبة وتصميمه على انجاح مهمته...الا ان القوى المضادة توفقت حيث خاب، ولا اتمنى ان يحذو المهدي حذوه...
فلئن كان رئيس الحكومة الجديد قد " سقط في فخ الإشتراطات وانقاد الى لعبة الترضيات" فان عذره ان لا خيار له غير ذلك، ونحن اعلم بكواليس السياسيين القذرة والاعيبهم المشبوهة وافلامهم الممجوجة..
فالثابت ان حكومة الكفاءات المستقلة، لن تجد امامها بساطا ورديا تسير عليه مزروعا ورودا وياسمين في بلد شح فيه الأقحوان، ولكنها ستلاقي فيلقا من متضرري الإنتخابات وخاسري جولات الحوار الوطني وجرحى بن علي ومرضى احزاب ولدت كبيرة بقدرة قادر واضحت تنازل من كان مهجرا بالأمس وجاع اطفاله في انتظار عودته التي طالت عقودا، ،،،هؤلاء جميعا لن يتركوا المهدي جمعة يعمل في القصبة دون ان يكدروا صفو رفاقه الذين شمروا عن ساعد الجد، فاذا هو لا يكفي في تونس ما بعد الثورة..
رفاق المهدي جمعة سيجدون على مكاتبهم رزمة من المشاكل العالقة والحارقة عليهم معالجتها بسرعة قد لا يقوى عليها اشدهم مراسا...
اشفق على المهدي جمعة الذي لم يستلم مهامه بعد، واتحاد الشغل كشر عن انيابه وكشف عن سلاحه الملعون واعلنها صراحة " لا هدنة مع الحكومة الجديدة"...متناسيا انه هو من يقود الرباعي الراعي للحوار وهو من زكى اختيار جمعة لرئاسة الحكومة الجديدة...او لعل قياداته اكتفت بتقبل استقالة حكومة الترويكا كنتيجة ايجابية فاقت توقعات اليسار المعارض الذي ينوبه الإتحاد كافضل ما يكون.
اشفق على المهدي جمعة وهو يستعد لمغادرة بيته للمرة الأولى في اتجاه مكتبه الجديد بالقصبة، تدفعه نواياه الطيبة وتحمله ثورة الكهولة وتوقه الى اصلاح ما لا يمكن اصلاحه، لأنه سيصطدم بتلكم اللعبة النتنة التي اعتاد اتحاد الشغل عليها منذ الثورة وكأنه يمسح بها ادرانه العالقة بثوبه، واقصد السعي الى كتم انفاس كل حكومة مهما كان لونها..
اشفق على هذا التكنوكراط الذي امن بالوطن، وسخر جهده ووقته من اجل اختيار فريق حكومي مستقل من الكفاءات التي تفخر بها بلادنا، لأنه اليوم بالذات اصبح في مواجهة عواصف هوجاء تتلاطم فيها المصالح الحزبية بالشخصية ممزوجة باجندات اجنبية...هدفها اخماد ثورتنا ووأد احلام الشعوب العربية التي تتوق الى الحرية والإنعتاق،، خوفا من ان تصلهم عدوى الإنتفاضة فتقوض بنيان سلطتهم الإستبدادية.
لست متشائمة ولكني لا اتجاهل الواقع المر الذي اوصلتنا اليه نكبتنا ..اقصد نخبتنا السياسية، التي باعت الشعب واشترت مقابله مصالحها الضيقة جدا ، فانهار الإقتصاد والتهبت الأسعار، ولكنهم في غيهم لا يحسون بالنار التي اكتوى ولا يزال بها التونسيون من ذوي الدخل المتوسط او المحدود...
اشفق على المهدي جمعة، من تلك الزمرة التي تلبس افخر الثياب من المال العام وتجلس في التاسيسي لتتقاضى الملايين دون ان تقدم المقابل،ثم تتبجح بتصفية حساباتها فيما بينها وفيما لا يجمعها مع رؤساء الحكومات التي تعاقبت بعد الثورة دون مراعاة لما قدموه من خدمات وتضحيات للوطن،،في زمن شحت فيه الموارد وانقطعت فيه الإستثمارات وغاب فيه الدولار واليورو وسقط فيه الدينار بالضربة القاضية...
لست متشائمة ولكن مساحة التفاؤل لدي تراجعت.
سيدي رئيس الحكومة الجديد،،، "ربي معاك".
التعليقات
علِّق