لقاء سعيد – الغنوشي : صفر على الشمال ...

بقلم : محجوب لطفى بلهادي
على هامش لقاء "رئيس الجمهورية" برئيس "مجلس نواب الشعب" انتعشت فى الآونة الأخيرة سوق "العرافة السياسية" بشكل ملفت.. سوق يدير خيوطها "فطاحلة" البلاتوات التلفزية والإذاعية البائسة التى تفتق خيالهم الرعوانى الجامح إلى ان الرجلين بدءا فى الاعداد لمرحلة "ما بعد المشيشى" وذلك فى إطار صفقة شبيهة بتلك التى جمعت الرئيس الراحل "الباجى قائد السبسى" وزعيم حركة النهضة "راشد الغنوشى" فى شهر أوت من سنة 2013...
فإن كان منطق الصفقات من السلوكيات السياسية التى ألفناها منذ قرابة العشر سنوات فإن السياقات ليست نفسها وتأثير فاعلين اليوم محدود مقارنة بسنة 2013 ، فلا "قيس سعيد" بالباجى قايد السبسى" على الأقل فى مستوى التمثّل السياسى للدولة، ولا "غنوشى" سنة 2013 المنهك من مخرجات الحوار الوطنى "براشد الغنوشى" اليوم رئيس "مجلس نواب الشعب" وزعيم الائتلاف الحاكم الغير معلن، وبالتالى فإن المراهنة بان اللقاء يؤشر لصفقة ما بين الرجلين محورها رحيل رئيس الحكومة الحالى يعكس عدم فهم تعقيدات العلاقة بينهما.. فالرئيس يرفض علنا المنظومة المؤسساتية الراهنة برمتها ويسعى الى تقويضها بشتى السبل وبالمقابل نجد رئيسا للبرلمان ومن خلفه حركة النهضة والأغلبية البرلمانية مستميتة فى الدفاع عن الشرعية الدستورية المنبثقة عن دستور 2014، بالنتيجة فالتفويت فى "المشيشى" فى المرحلة الراهنة هو بمثابة انتحار جماعى للائتلاف المساند للحكومة وتعبيدا للطريق لمشروع الرئيس "الشعب يريد"...
1- اذا لماذا عقد هذا اللقاء ؟
من المرجح جدا ان التصريحات المستهجنة فى حق رٌوّاد "الحوار الوطنى" لسنة 2013 وما ترتب عنها من ردود نارية عنيفة من قبل قادة الاتحاد (فى مقدمتها أمينها العام) دفع برئيس الجمهورية بالإسراع بعقد هذا الاجتماع للتخفيف من العزلة المؤسساتية والمجتمعية التى أوقع فيها مؤسسة الرئاسة من جهة، ولقناعته الراسخة بان "راشد الغنوشى" لن يرفض الدعوة بأى شكلا من الأشكال من جهة ثانية...
2- وعن ماذا تمخّض هذا اللقاء بالتحديد ؟
بعيد عن طقوس العرافة وقراءة الكف التى تفوقت فيهما جزءا من أشباه النخب الإعلامية والسياسية، فإن فهم ما جرى بين الرجلين لا يمكن فصله اطلاقا عن سلسلة اللقاءات التى عقدها الرئيس فى نفس الفترة :
فى 22 من الشهر الجارى استقبل الرئيس استقبال الرفاق "مفتى قرطاج المٌستتر" والمٌنظّر الحقيقى لمشروع الرئيس " الشعب يريد " صديقه "رضا شهاب المكى" شٌهر "لينين" حيث تناول اللقاء حسب الموقع الرسمى لرئاسة الجمهورية " الى مسائل متعلقة بالشأن العام في تونس، وكذلك التصورات التي تم تداولها منذ أكثر من 10 سنوات والتي أثبتت الأحداث المتلاحقة على المستويين السياسي والاقتصادي ملائمتها للوضع لا في تونس فحسب بل في العالم بأسره. كما تم التطرق، بالمناسبة، إلى قضايا أخرى خاصة منها تلك المتعلقة بالنظام السياسي ونظام الاقتراع اللذين لم يحققا الآمال التي سعى إليها الشعب التونسي".
فى 24 من نفس الشهر ( بعد أقل من 48 ساعة ) استقبل رئيس مجلس نواب الشعب "راشد الغنوشى" فى اجتماع محاولة اذابة الجليد لا غير وفق تعبير زعيم حركة النهضة .
وفى غضون أقل من 24 ساعة من لقائه مع الغنوشى (تحديدا صبيحة يوم 25 جوان الجارى) سارع رئيس الجمهورية الى استقبال عرّاب "حكومة الرئيس" الأمين العام لحركة الشعب "زهير المغزاوى" فى رسالة واضحة للغنوشى عنوانها الكبير ان عهد الصفقات قد ولّى دون رجعة وأنّ عصر "الشعبوية الطهورية" قد انطلق...
فالزج البروتوكولى المتعمد "للغنوشى" - من حيث التسلسل الزمنى للقاءات - بين فكى كماشة "رضا لينين" من جهة "والمغزاوى" من جهة ثانية جاء ليكشف نتائج "صفقة القرن" بين الرجلين التى تعادل بالكاد صفر على الشمال !
فهل يقع "الغنوشى" ومن خلفه "حركة النهضة" فى فخاخ تكتيك الرئاسة المتمثل فى "اللعب فى الوقت الضائع" كما وقع فيه "الطبوبي" سابقا حين اعتقد عن حسن نية ان الرئيس جاد فى عقد حوار وطنى ؟
استبعد ذلك، لكن فقط وحدها الأيام القريبة القادمة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال الأحجية...
التعليقات
علِّق