لأنه وضع الإصبع على الجرح الأكبر : امتحان الإنشاء في " النوفيام " يثير غضب الموظفين العموميين ؟؟؟

لأنه وضع الإصبع على الجرح الأكبر : امتحان الإنشاء في " النوفيام " يثير غضب الموظفين العموميين ؟؟؟

يبدو أن الكثير من التونسيين لا يريدون أن يروا حقيقتهم ساطعة بلا أقنعة وبلا مساحيق . وعلى سبيل المثال فقد أثار موضوع الإنشاء في امتحان " النوفيام " موجة من " الغضب والاستياء " في صفوف العديد  من الموظفين العموميين . وقد ذهب بعضهم من خلال ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي إلى حد اتهام التيار الديمقراطي وتحديدا وزير التربية محمد الحامدي المنتمي إلى هذا الحزب بتعمّد صياغة الموضوع بهذا الشكل وبأن ذلك " يدخل في إطار محاربة الفساد ... أي في صلب مهمة محمد عبّو " .
وبكل صدق  لم أجد مبررا واحد لهذا " الغضب " وهذه الحملة التي تشنّ الآن على التيّار والحامدي ومحمد عبّو على وجه التحديد . فالموضوع  عادي وليس بالضرورة أن نقحمه في السياسة . ثم إن الموظف الذي يحترم نفسه ويحترم عمله ويعرف أنه ليس معنيّا بالأمر من أساسه لماذا يغضب أصلا ؟. ثم لماذا لم يقم هؤلاء الموظفون ( وغيرهم ) الدنيا عندما طلب من تلاميذ أحد الأقسام الابتدائية في عهد الوزير محمد بن سالم أن يصفوا ما رأوا في حمام النساء عندما يرافقون أمهاتهم إلى الحمام ؟ . هل إن وصف العراء في الحمام مسموح به ( خاصة في عهد الوزير السابق )  والحديث عن أحد الأمراض المزمنة للإدارة التونسية منذ الأزل ممنوع ؟؟؟.
إن الإدارة التونسية عموما ( مع بعض الاستثناءات الإيجابية ) تشكو منذ عقود وعقود من أمراض عديدة لعلّ أهمّها مغادرة مكان العمل أو التغيّب دون موجب . ونحن لم ننزل من المريّخ بل نعيش في هذا البلاد ونعرف كيف تدور الأمور في الإدارة ولا يكفي أن يغضب اليوم هؤلاء الموظفون حتى نقول " نعم لقد أخطأ من وضع موضوع هذا الامتحان ... " وأن نلومه لأنه " لم يراع مشاعر وأحاسيس جماعة الإدارة ".
نحن نعرف الإدارة جيّدا وأجزم أن 90 بالمائة على الأقل من الموظفين يعرفون أن تلك حقيقتهم . فلماذا المكابرة والجحود والنكران ؟. إني أكاد أجزم أيضا بأنه لن تقوم لنا قائمة في هذه البلاد طالما أننا لم نجد الجرأة لننظر إلى وجوهنا كما هي في المرآة ولم نقم بإصلاح أنفسنا قبل أن ننادي بإصلاح غيرنا . إن أمراضا كثيرة تنخر الإدارة التونسية من بابها إلى محرابها والجميع يعرف هذا لكن الجميع تعجبه سياسة النعامة .
وحتى أختم سوف أسوق هذا المثال وهو من صميم الواقع  وما على الموظفين الغاضبين إلا أن يعطوا  رأيهم فيه ... وبعد ذلك تعالوا نتحاسب . فذات يوم من إحدى سنوات ما قبل الثورة دخل أحد الموظفين إلى مكتبه صباحا . بعد لحظات أي بعد أن رأى رؤساؤه وجهه نزل إلى المقهى المجاور كعادة جلّ الموظفين وبقي هناك حوالي ساعة . وعندما عاد كان يحمل معه قهوة ...  وضعها على مكتبه ووضع " الفيستة " على ظهر كرسيّه وخرج مرة أخرى . لكن هل تدرون إلى أين ذهب ؟. أبدا لا تدرون لأن ذلك لن يخطر على بال أحد منكم . فقد سافر صاحبنا إلى  المغرب ...نعم  إلى المغرب حيث بقي 3 أيام كاملة ... وكان كلّما سأل عنه أحد رؤسائه أجاب أحد زملائه قائلا : تي هاو هنا ... هاوكة القهوة متاعو  على بيروه ... والفيستة  على الكرسي " ... وصاحبنا يغرم زمانه في المغرب ...
هل هذا المثال يغضب هؤلاء الموظفين الغاصبين مثلا ؟.
جمال المالكي


 

التعليقات

علِّق