كلفة العودة المدرسية : ضرورة إيجاد حلول أكثر نجاعة

كلفة العودة المدرسية : ضرورة إيجاد حلول أكثر نجاعة

مازالت كلفة العودة المدرسية مرتفعة في بلادنا. و بالرغم من المد التضامني الموجود منذ استقلال البلاد. فما هو الحل؟

ما هي كلفة العودة المدرسية في تونس ؟ تفيد معطيات قدمتها المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك أن "كلفة العودة المدرسية للسنة الدراسية   2024-2025تقدّر بـ 800 دينار للتلميذ الواحد في مستوى السنة الأولى من التعليم الابتدائي والمستويات الأخرى من المرحلة نفسها". مضيفة أن " هذه الكلفة تطوّرت من 425 دينار في 2019 إلى 750 دينار في العام المنقضي". وهي تلك الكلفة التي "تشمل الزي الرياضي والمحفظة والميدعة والأدوات المدرسية وملابس المرحلة الابتدائية".

يقول بعض من الذين حاورناهم أن المبلغ المذكر هو معدل. وأن المعدل يعطي بطبيعة الحال فكرة من نوع "بين-بين" . فهناك من ينفق أقل بكثير من 800 دينار وهناك من ينفق أكثر. إذ أن الكلفة تختلف حسب عديد المعطيات. ومن بينها طبيعة الأدوات المدرسية. فهناك من يختار السلعة الممتازة والمستوردة وهناك من يكتفي بما هو موجه لمتوسط وضعيف الدخل. وكثير من هذه السلع تباع في السوق الموازية التي أصبحت والقول لعديد المواطنين "رحمة".

ومن المعطيات المؤثرة نجد "هوى" الولي والتلميذ فالأدوات المدرسيات يمكن أن تبرز المركز الاجتماعي للتلميذ الذي عادة ما يرغب في أن لا "يتجاوزه" بقية التلاميذ المجودون معه في القسم وفي المدرسة. ويحصل هذا كثيرا في الأحياء الراقية التي يأتي أحيانا التلميذ بأدواته حتى من الخارج أو في بعض المدارس الخاصة أو الحرة التي يكون فيها المجال سانحا ل"استعراض العضلات" إن صح التعبير.

على كلفة التلميذ

وماذا عن تأثيرات المدرسة أو المعلم؟ ففي بعض المدارس تقوم هذه الأخيرة بتوفير بعض المستلزمات مثل الميدعة الذي تستخدم حسب ما يقال للتفريق بين المنتمين للفرق و الأقسام. وذلك بالطبع على كلفة التلميذ. وأما تأثيرات المعلم فالأمر شائع إذ أن بعض المدرسين يطلبون من التلاميذ أدوات معينة تكون أحيانا باهظة الثمن.

ويكثر الحديث في عديد المناسبات في هذا الصدد عن ضرورة أن يتم تعميم التفكير في الأدوات المدرسية اللازمة وضبط قائمة موحدة بالنسبة فيها إلى كل مستويات التعليم العام والخاص يتم مراجعتها بطريقة منتظمة لمواكبة ما تتطلبه مناهج التعليم. مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن بعض الأدوات غير ضرورية وأن المعلم يمكن له أن يعوض بعض الكتب مثلا ومن بينها تلك التي تتضمن التمارين بما يقدم من مضامين خلال حصص الدراسة. وقد تم الحديث حول بعض المدرسين الذين يطلبون من التلاميذ اقتناء كتب من تأليفهم.

إفراغ المحافظ

يقول الأستاذ منصور المحامي بتونس الذي تحدثنا معه في أحد المقاهي بباب منارة على مقربة من المحكمة ومن  وزارة التربية أنه يتذكر أن عدد الكرسات التي كان يستخدمها في المدرسة الابتدائية كانت لا تتجاوز أربعة بما فيها كراسات اللغات. ويتأسف الأستاذ منصور عندما يرى التلاميذ في المدارس الابتدائية و هم يحملون محافظ "تزن أكثر منهم بكثير" مملوءة بالأدوات المدرسية. و أن البعض من هؤلاء يتولون عند عودتهم من الحصة الصباحية إفراغ المحافظ لوضع كتب و كراسات دروس الحصة المسائية.

أكثر من هذا كله يعتقد البعض أن كلفة الأدوات المدرسة لا يمكن إلا أن تساهم في انقطاع المبكر عن التعليم الذي شمل بالنسبة إلى سنة الدراسية 2022/2023  106 ألف و 895 تلميذا  (5% من التلاميذ في جميع مراحل التعليم حسب التقرير الوطني لوضع الطفولة   لسنة 2022 ).

الانقطاع المبكر للتعليم

وتشير دراسة أنجزها مكتب تنسيق تونس لمنظمة الأمم المتحدة والمنظمة العالمية للعمل وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية خلال سنة 2022 أن "الصعوبات الاقتصادية العائلية" ـتأتي ضمن أهم أسباب الانقطاع المبكر عن الدراسة. والكل يعلم تبعات هذا الانقطاع.

 ويحصل هذا بالرغم من المد التضامني الموجود في تونس منذ استقلال البلاد والذي تساهم فيه عديد الأطراف ومن بينها بالطبع الدولة وكذلك المجتمع المدني. غير أنه يبدو أن كل هذا المد غير كاف اليوم. الشيء الذي يعني ضرورة تعميق التفكير في إيجاد حلول أنجع. فكلفة الأدوات المدرسية لا تبعد كثيرا عن ضعف -وأن اعتمدنا الأرقام التي قدمتها المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك-عن مستوى الأجر الأدني بالنسبة لنظام العمل ب 40 ساعة في الأسبوع (417.558 دينارا).

محمد قنطاره

التعليقات

علِّق