كان على وشك إبرام الصلح مع الدولة وإنهاء "كابوس التتبّعات " ... من "حطّم " سامي الفهري ؟

كان على وشك إبرام الصلح مع الدولة وإنهاء "كابوس التتبّعات " ... من "حطّم " سامي الفهري ؟

 

كما هو معلوم ، قضت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي فجر اليوم الثلاثاء 9 مارس 2021 حضوريا بالسجن مدة 8 اعوام في حق سامي الفهري صاحب قناة "الحوار التونسي" وغيابيا 10 أعوام في حق بلحسن الطرابلسي صهر الرئيس الراحل زين العابدين بن علي مع النفاذ العاجل لكليهما وتخطئة كل منهما بمبلغ 40 مليون دينار .

وقررت المحكمة عدم المؤاخذة الجزائية بموجب قانون المصالحة الادارية لعبد الوهاب عبد الله وخمسة رؤساء مديرين عامين سابقين للتلفزة الوطنية، وذلك بخصوص القضية المتعلقة بعقود الاشهار بين كاكتوس والتلفزة الوطنية .

وللتذكير فإن القضية التي انطلقت سنة 2011 كانت في وقت ما سنة 2012 في طريقها للحلّ وفق اتفاق قانوني صلحي تمّ خلال عهد رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي ، حيث اقترحت عائلة سامي الفهري إقامة صلح مع التلفزة الوطنية مقابل إسقاط التتبعات الجزائية .

وبعد مشاورات عديدة تم تقديم اقتراح لإدارة التلفزة وللنقابات ، إقامة الصلح مقابل مبلغ مالي يعوض التلفزة الوطنية على الخسائر التي تكبدتها . وإثر مفاوضات ماراطونية اتفقت جميع الاطراف على أن يرجع المتهم  سامي الفهري مبلغا ماليا يناهز 25 مليارا إلى خزينة الدولة ومؤسسة التلفزة الوطنية مقابل انتفاع الفهري بالمصالحة في إطار العدالة الإنتقالية وبالتالي يتم على ضوئها غلق القضية نهائيا واسقاط جميع التتبعات الجزائية في حقه .

غير أن عديد الجهات تدخلت - على ما يبدو - وأجهضت الإتفاق الصلحي الذي كان سينهي المسلسل ، ويخرج على ضوئه جميع الأطراف راضون وهنا نقصد مؤسسة التلفزة التونسية التي ستنتفع بمبلغ مالي محترم والمكلف بنزاعات الدولة الذي سيضمن استرجاع الاموال لخزينة الدولة والمتهم سامي الفهري الذي سيتخلص نهائيا من كابوس التتبعات ويسترجع حريته ويعود الى نشاطه بشكل عادي .

فقضية " كاكتوس " تم تحويل وجهتها - بصفة غريبة - من قبل بعض المقربين من الفهري إلى قضية حرية تعبير ثم تصفية حسابات سياسية ، مما زاد في تعقيدها وسمح للعديد بالمتاجرة بها ، ليجد الفهري نفسه يعاني الأمرين طيلة 9 سنوات متتالية جرّاء أخذه بنصيحة" بعض المتاجرين بقضيته ".

وإن كان هناك إجماع في الشارع التونسي والإعلامي والسياسي على رفض سجن الفهري أو كل من استفاد ماديا من نظام بن علي شريطة أن يبرم صلحا ويقوم بإرجاع الأموال وفق جدول محدد قضائيا ، إلا أن بعض المقربين من الفهري أفسدوا كل محاولات الصلح ، و جرّوه إلى " مسلسل "التتبعات الذي طال كثر من اللازم ثم اخيرا  انتهى به الأمر بالحكم الأخير بالسجن 8 سنوات وغرامة كبرى .

كما أن هذه القضية المعقدة والطويلة زمنيا ، تسببت لا فقط في تحويل حياة سامي الفهري الى كابوس ، بل في تدمير وتحطيم حياة العديد من المتهمين الاخرين في القضية والذين برّأهم القضاء اليوم على غرار المديرين العامين السابقين لمؤسسة التلفزة التونسية مثل الأستاذ الفاضل محمد الفهري شلبي المعروف باستقامته والسيد ابراهيم الفريضي والسيد مصطفى الخماري والسيد منصف قوجة والسيد الهادي بن نصر الذين وجدوا أنفسهم محل ملاحقة قضائية طالت أكثر من اللازم دون أن يرتكبوا أي جرم تقريبا ...

وعموما ، ما وقع لسامي الفهري في قضية " كاكتوس " يذكّرنا بالمثل العربي الشائع " جنت براقش على نفسها  " ، و سيكون درسا لعديد المتهمين في قضايا فساد في عهد بن علي ، بأنه لا مناص لهم اليوم سوى القضاء أو قانون العدالة الانتقالية لغلق مشاكلهم مع القضاء و طي صفحة الماضي بعيدا عن أية حسابات أخرى ..

شكري الشيحي

التعليقات

علِّق