قضية شائكة : الحكومة رمت الكرة في الملعب فأصيب اتحاد الشغل بجروح قد يداويها في الخارج

قضية شائكة : الحكومة رمت الكرة في الملعب فأصيب اتحاد الشغل بجروح قد يداويها في الخارج

 

بتاريخ 16 نوفمبر 2015 أصدر رئيس الحكومة الحبيب الصيد المنشور عدد 22   الذي يسمح لجميع المنظمات العمالية النقابية في تونس بحق الاقتطاع المباشر من الأجر للمنخرطين بعد أن كان حكرا على الاتحاد العام التونسي للشغل دون سواه.
وجاء في المنشور أنه دعما لعمل المنظمات النقابية وتسهيلا لنشاطها يمكن خصم معلوم انخراط الأعوان بهذه المنظمات بعنوان الفترة المتبقية من سنة 2015 وأن تتولى المؤسسات والمنشآت  العمومية خصم المعلوم الشهري البالغ قدره  1.5دينار عن كل عون عمومي منخرط بإحدى المنظمات النقابية بعد تقديم طلب كتابي وإمضائه على المطبوعة التي تعدها المنظمة النقابية للغرض.
ومثلما كان منتظرا لدى قياديي النقابات الأخرى بالخصوص فقد أثار هذا المنشور حفيظة القيادة في الإتحاد العام التونسي للشغل الذي كان وما زال يعتبر نفسه الأولى والأحق بهذا الإقتطاع  وأنه الأجدر من غيره بتمثيل العمال في كافة المفاوضات مع السلطة أو مع منظمة الأعراف أو مع غيرهما .
وبناء على ذلك عبّر الناطق الرسمي باسم اتحاد الشغل سامي الطاهري عن عدم الرضا  وقال في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية "وات" إن إمضاء رئيس الحكومة الحبيب الصيد هذا المنشور في هذا الوقت بالذات وفي خضم الصراع بين اتحاد الشغل واتحاد الأعراف بسبب مفاوضات القطاع الخاص يظهر تموقع الحكومة للضغط على المنظمة الشغيلة .
وذكّر الطاهري بأن هذا المنشور كان قد أمضاه  رئيس الحكومة سابقا علي العريض يوم 27 جانفي 2013  أي سويعات فقط قبل تسليمه السلطة لخلفه مهدي جمعة وبالتزامن مع الأزمة آنذاك بين الحكومة واتحاد الشغل خلال المفاوضات الاجتماعية في القطاع العام قبل أن يقع تجميده. وبين أن في إصدار هذا المنشور خلطا وعدم تمييز بين التعددية النقابية المنصوص عليها في الدستور والاتفاقيات الدولية ومجلة الشغل التي تشمل حق التنظم ولا تتضمن حق الاقتطاع من الأجر وتمثيلية الشغالين التي يترتب عنها قانونيا عدد من الاستحقاقات من بينها حق التفاوض والاقتطاع والحصول على امتيازات أخرى.
ووصف الطاهري منح حق الاقتطاع من الأجر لجميع المنظمات النقابية في تونس بأنها "عملية سطو على حقوق الآخرين من خلال تعميم مكسب ناضل من أجله أبناء الاتحاد وعذبوا وسجنوا من أجل تحقيقه" على من أسماها "دكاكين منها من لم ينجز مؤتمره ومنها المشبوه الذي يعمل على خلفيات لا علاقة لها بالعمل النقابي" حسب تعبيره.
واعتبر الطاهري أن هذا المنشور سيؤدي إلى تعطل المرفق العمومي وسيقحم الإدارة التونسية في عملية "تلاعب" بسبب صعوبة مراقبة صحة إجراءات الاقتطاع من الأجر.وأكد  على حق اتحاد الشغل في الاعتراض على هذا المنشور وفق المرجعيات القانونية ومنها بالخصوص منظمة العمل الدولية مشيرا إلى أنه بصدد دراسة الملف قانونيا وبحث طريقة الرد عليه عن طريق منظمة العمل الدولية .
ولعلّ المتتبعين للشأن النقابي في تونس يلاحظون أن اتحاد الشغل أصبح منذ فترة يحلّ لنفسه ما يحرّمه على غيره وأنه دخل في منافسة  وصراع علنيين مع نقابات  لا تعادله وزنا من حيث التاريخ وعدد المنخرطين وما إلى ذلك . ويقول المتابعون أيضا إن الإتحاد الذي يدافع مبدئيا عن حق العمل النقابي وعن التعددية النقابية كعلامة صحيّة وديمقراطية ويدافع أيضا ضد الإقصاء يمارس الإقصاء في أوضح صوره إذ استكثر على النقابات الأخرى حقّها الذي يصرّ على الإحتفاظ به واحتكاره دونا عن الآخرين .
ج- م

التعليقات

علِّق