في ظل اللوبيات والأحلاف العالمية : هل تملك تونس سيادة قرارها الوطني؟؟

الحصري - رأي
بقلم : جمال المالكي
لا أحد يعتقد أننا نعيش في جزيرة نائية معزولين عن بقية العالم بل نحن نعيش مثل بقية العالم مرتبطين ارتباطا وثيقا بكل ما يحدث ،ولا يمكن أن نتصور أن سياساتنا الخارجية تبنى بمعزل عن المصالح التي تربطها بالعديد من دول العالم بنسب متفاوتة.
كل هذا يمكن أن نجد له التفسير المناسب لكن ماذا عن سيادة قرارنا الوطني ليس على المستوى الخارجي فحسب بل حتى على المستوى الداخلي ؟
لقد عرفت علاقاتنا ببقية بلدان العالم والكبرى منها بالخصوص مراحل مستقرة منذ الاستقلال حيث كانت قراراتنا تتأثر بصفة أو بأخرى بقراري أمريكا وفرنسا بالخصوص ... وبعد الثورة تغيرت بعض موازين القوى وبرزت على السطح مراكز نفوذ جديدة كان بعضها يتدخل في شؤوننا لكن في الخفاء وليس بنفس الحدة والتأثير اللذين نراهما اليوم .
بين حلفين
ولعل مراكز النفوذ الجديدة التي ذكرنا ليست سوى المحور الذي تقوده قطر وتركيا والمحور الذي يضم الجزائر والبعض من دول الخليج وتقوده الامارات العربية المتحدة . ولم يعد خافيا حتى عن الناس البسطاء أن هذين الحلفين أصبحا منذ الثورة يتنازعان النفوذ على قرارنا الوطني انطلاقا من " لعبة " المصالح التي تجمع سياسيين كما تجمع رجال أعمال وشركات بترول وغيرها إضافة إلى اللوبيات المعروفة التي تنطلق في علاقتها مع الآخرين من مبدأ حماية مصالحها أولا ... ومن خلال ما يقع تسريبه من أخبار فقد لعبت السفارات الأجنبية ببلادنا وخاصة سفارات أمريكا وفرنسا وألمانيا أدوارا متفاوتة في التأثير على قراراتنا وتوجيهها ليس بما نشتهي نحن أو بما يتفق مع مصلحتنا الوطنية بل بما يتفق مع مصالح تلك الأحلاف ليس إلّا ...وبناء على ذلك اشتغل المحور الثاني بكل قوة ويشاع أنه راض كل الرضى على ما ستؤول إليه الانتخابات الرئاسية طالما أن ما رسم له هذا الحلف بصدد التحقق ... وطالما أن الجهات التي كان الحلف يرى أنها لا تخدم مصالحه وربما تعطلها من خلال التمسك باستقلالية القرار قد تكون حظوظها تضاءلت بصفة كبيرة في أن يكون لها نفوذ يمنحها حرية التصرف وعدم الخضوع إلى الضغوطات مهما كان نوعها .
بقدرة قادر
ورغم كل ما قيل وكل ما سيقال في هذا الموضوع ... ورغم هذه الصراعات التي تجري " على أرضنا وأمام جمهورنا " من أجل تطويع قرارنا الوطني يمكن لنا أن نحمد الله على عدة أمور لعل أهمها أننا لم نسقط في منزلقات الخلافات التي أدت بالبعض إلى الحرب والإقتتال على غرار ما يحدث في ليبيا مثلا ... وأننا في النهاية شعب نملك القدرة العجيبة على التجاوز والتعايش وعلى نسيان خلافاتنا بأقصى سرعة ممكنة عندما يتعلق الأمر بالمصلحة العليا للبلاد ... ويبقى السؤال من جديد : هل نملك حقا سيدة قرارنا الوطني أم أن هذه السيادة مرتهنة بما يمليه علينا الغير من خلال المسك بالإصبع التي توجعنا أي وضعنا الاقتصادي المتردي...
التعليقات
علِّق