في ظلّ غيابها واستقالتها التامة : هل ثمة روح شريرة تحكم التلفزة الوطنية ؟

 في ظلّ غيابها واستقالتها  التامة : هل ثمة روح شريرة تحكم التلفزة الوطنية ؟

 

تحت عنوان  " هل ثمة روح شريرة تحكم التلفزة الوطنية ؟  " كتب الزميل كمال الشارني فقال : 
" أنا من النوع الذي يبحث عن الإعلام العمومي في أوقات الشدة . إنما عندي حالة "تمزق عاطفي" بين احترامي وحبي لزملائي الصحفيين والتقنيين في التلفزة الوطنية  لما أعرفه لديهم من استعداد للعمل والتضحية وما أراه فيها في مثل هذه اللحظات العصيبة من "غياب الوعي المهني" حيث تسقط الروح البشرية ويسيل الدم الوطني في الفضاء العام  "وكأنها تلفزة إمارة موناكو"  وكأن ما يحدث في تطاوين يتبع دولة أخرى لا يعنيها  هي التي يفترض أن تكون المرجع لوسائل الإعلام العالمية .
قبل ذلك  في محن أخرى كثيرة  مثل الفيضانات والثلج الذي عزل مئات القرى والمدن  وفي ما كنا نقتل أنفسنا بحثا عن المعلومة النادرة حول الطرقات المفتوحة  كانت القناة الوطنية تبث مسلسلا من الصور المتحركة اليابانية القديمة .
عمليا: بالحد الأدنى للحرفية  كل مؤشرات الأزمة واضحة منذ الصباح . لذلك  يتم إعلام كافة الزملاء الصحفيين والتقنيين بالدعوة إلى برمجة استثنائية بإلغاء كل ما يمكن إلغاؤه من برامج الحشو وخصوصا مسلسلات الحب السخيف و إحياء "النيوز بار" بآخر المعلومات استعدادا لتغطية استثنائية و تسخير كل الوسائل و تفعيل شبكات المراسلين والمصورين وشهود العيان وربط ذلك بوسائل التواصل الاجتماعي و حشد الخبراء وقادة الرأي  ووضع المشكل كله في الفضاء العام بموضوعية  حتى نفهم  وحتى نرى الفكرة ضد الفكرة  ونرى الفكرة تدافع عن نفسها في مواجهة التشويش والفوضى ... وحتى لا يخرج أحد إلى الشارع إلا وهو واع ... إنما، هل ثمة روح شريرة تحكم التلفزة الوطنية ؟ ".
إلى هنا انتهى كلام الزميل . وطبعا لابد من بعض الملاحظات والإضافات . فقد تعوّدت تلفزتنا التي ما زلنا نظنّ أنها  " متاعنا " على أن تقتفي أثر النعامة  كلّما جدّ حدث في البلاد فتراها تغرس رأسها في التراب دون أن تعي أن بقيّة جسمها معرّض إلى  الضرب بالحجر. إذن ليس غريبا عنها أن تبثّ مسلسلات أو أشرطة وثائقية عن جبال " الهيمالايا " أو عن سكّان جزر " واق الواق " في الوقت الذي يكون فيه حزء من البلاد  يشتعل أو يعيش على وقع حادث أو تحرّك اجتماعي ما . إن تلفزتنا العزيزة  تعوّدت على أن تختفي وتنتظر الرياح كيف ومن أين سيكون هبوبها . وبعد ذلك تطلع في أخبارها ومواقفها مع الطالعين وتنزل مع النازلين .
وبكل صراحة لقد مللت من الكتابة في هذا الموضوع . وقد اتضح أن تلفزة التونسيين  لا  تسمع ولا ترى ولا تتكلّم ... أو ربّما لا  يراد لها أن ترى أو تسمع أو تتكلّم .... وإذا رأت وسمعت وتكلّمت فستكون آخر المشاهدين وآخر السامعين وآخر المتكلمين . لذلك صرت مؤمنا أكثر من أي وقت مضى بأن ما بالطبع لا يتغيّر. وعلى هذا الأساس ما ضرّ لو عدنا إلى " الأصل " في الموضوع وهو أننا نستقي أخبارنا من غير قناتنا ... تماما مثلما كنّا نفعل زمن الديكتاتور...
جمال المالكي

التعليقات

علِّق