في خطاب انتظره ملايين التونسيين : تمخّض السبسي فولد حماية عسكرية !!

في خطاب انتظره ملايين التونسيين : تمخّض السبسي فولد حماية عسكرية !!

 

قبل حوالي أسبوع أو أكثر انطلق التحضير لما قيل إنه " خطاب تاريخي  لرئيس الجمهورية " فظلّ الشعب حابسا أنفاسه في انتظار الحدث الكبير الذي قال بعض مستشاري الرئيس سرّا وعلنا إنه سيغيّر مجرى التاريخ في تونس .
وجاء اليوم الموعود ... ودقّت الساعة الحادية عشرة صباحا فتسمّر الناس أمام التلفاز أو أجهزة الراديو يصغون إلى ما سيقوله الرئيس لشعب عصفت بها أهواء السياسيين وأشباه السياسيين والمنخرطين في بعض الحملات من الإعلاميين . وانطلق الرئيس يروي ... حتى انتهى الخطاب فخرج معظمنا بيد فارغة وأخرى فيها الوهم والهواء .
من حيث الشكل
بدأ الرئيس خطابه بخطأ كبير ما كان له  أن يرتكبه حتّى إن صنّف البعض ما حدث في خانة " زلّات اللسان " . ويبدو كذلك أنه ارتكب زلّة لسان أخرى عندما قال " رونالد ترامب " عوضا عن " دونالد" .
خلال حديثه عن بعض " إنجازات الدولة " قرأ الرئيس العديد من الأرقام الخاطئة على غرار 46 موطن شغل و164 مطلبا في إطار عقد الكرامة ... وكان على مستشاري الرئيس أن يكتبوا له الأرقام لأنه لا واحد منّا قادر على تذكّر الأرقام خاصة عندما تكون كثيرة .
من حيث الشكل أيضا انساق الرئيس في أكثر من مرّة وراء الانفعالات ومثال ذلك عندما قال بالحرف الواحد : " حتّى واحد ما ينجّم يكلّمني ... على خاطر أنا اللي نعرف " .
من حيث المضمون
قبل أن يلقي خطابه  قال أحد مستشاري الرئيس " إن الخطاب على درجة كبيرة من الأهميّة ... وسوف سيغيّر الكثير  من الأمور في البلاد ..." . لكن الخطاب انتهى دون أن يتحقق أي شيء مما وعد به المستشار. ففي ما يخص تكليف الجيش الوطني بحماية المنشآت الحيوية فهذا أمر معمول به منذ مدّة  لكنّه ليس مفعّلا على كافة المنشآت . أما  مشروع قانون  المصالحة الذي أقام الدنيا ولم يقعدها في البلاد فقد مرّ الرئيس مرور الكرام ولم يوضّح حتى موقفه منه أي هل سيصرّ على أن ينال ثقة مجلس النواب بصيغته الحالية أم ستمّ تعديل الصيغة أم ماذا ؟. وأما ملف الفساد الذي استشرى في البلاد باعتراف الجميع فقد اكتفى الرئيس في هذا المجال بسرد كلمتين اثنتين قال فيهما إنه لم يأت لتكريس الفساد . ولعلّ اللافت أيضا في خطاب الرئيس أنه احتوى على الكثير من التلميحات في خصوص بعض الأحزاب والسياسيين مما جعل الحديث في هذه النقطة سطحيّا وعموميا ولا يختلف كثيرا عن حصان طروادة الصالح لكل زمان وكل مكان . كما أن قوله إن الحوار يجب أن يكون في الأطر الشرعية مرّ مبهما ولا أحد فهم القصد منه . بل لأكثر من ذلك إن أعلن الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل  منذ قليل أن الحوار لا يمكن أن يقتصر على الأطر الشرعية التي ربما قصدها الرئيس لأن في ذلك إقصاء للعديد من الأطراف المهمّة داخل المجتمع المدني .
بماذا خرجنا ؟
أو بمعنى آخر : هل تغير حال البلاد مباشرة بعد خطاب الرئيس ؟. طبعا لا ... بل ربّما تزداد الأمور تعقيدا بعد هذا الخطاب . ومن خلال ردود أفعال السياسيين مثلا هناك شبه إجماع على أن خطاب الرئيس لم يقدّم أي شيء جديد وأن كل ما قاله أو جلّه على الأقل مألوف ومعروف ولا يقدّم شيئا لملايين التونسيين الذين انتظروه زهاء أسبوع أو ما يزيد . وليس هذا فقط  خاصة بعد أن شرعت بعض الأطراف في مدح خطاب الرئيس وتمجيده ... ولا فائدة من ذكر  أسماء الممجّدين لكن الأدهى أن البعض منها كان بالأمس القريب لا يعجبه العجب العجاب في سياسة السبسي ... وسبحان مغيّر الأحوال  إذ بمجرّد أن تتغيّر بعض التوازنات تتغيّر المواقف والأفعال .
أما خلاصة القول في كل هذا أننا ( أي الشعب التونسي وأغلب السياسيين ) لم نستخلص أي  شيء من خطاب  لم  يقدّم لنا ريع ما كنّا ننتظر منه ومن صاحبه بالرغم من أن بعض الأطراف  قالت منذ حوالي أسبوع إن خطاب الرئيس لن يأتي بأي جديد ... ويبدو أن هؤلاء كانوا على حقّ.
جمال المالكي 

التعليقات

علِّق