في تونس : " الكلّ شاكي بالكلّ " والكلّ يصف أفعال " الآخر " بالإجرام والحقيقة والمواطن ضاعا في الزحام ؟

في تونس : " الكلّ شاكي بالكلّ " والكلّ يصف أفعال  " الآخر " بالإجرام  والحقيقة والمواطن ضاعا في الزحام ؟

بكل صدق وكل صراحة احتار دليل التونسي في هذه البلاد ولم يعد أحد منّا يفهم شيئا . هذا رئيس الحكومة يقيل وزير الصحة ويقول إن ما قام به من أخطاء وخاصة فتح مراكز لتلقيح من هم في سن 18 عاما فما فوق جريمة ويكلّف من لهم الاختصاص برفع دعوى قضائية ضد الوزير بعد إقالته.

وهذا رئيس الجمهورية يستقبل الوزير المقال في نوع من التكريم ويشكره على كل ما بذل ويعلمه بأن فتح مراكز التلقيح  أمام  عشرات الآلاف من الشباب دون تأمين العملية  أو الإعداد لها جريمة كبرى في التونسيين وأن ذلك أمر مقصود من أجل نشر العدوى على أوسع نطاق ممكن وكأن الوزير المقال لم يكن بالأمس فقط ( أي قبل يوم من استقباله ) طرفا في تلك الجريمة سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة؟؟؟.

ومن جهة ثالثة تحرّك نوّاب بمجلس نواب الشعب ( وأولهم نواب من التيار الديمقراطي )  وجهّزوا  ما يلزم لرقع دعوى جزائية ( أو جنائية ) ضدّ رئيس الحكومة لنفس الأسباب وهي " اقتراف جريمة في حق الشعب التونسي ".

ومن جهة رابعة ها إن حكومتنا التي من المفروض أن تكون في الصف الأول في جيش رسمي يحارب ضد الوباء اللعين مشلولة وحوالي نصف أعضائها " نوّاب " وهم الذين عجز أغلبهم عن تسيير وزارة فما بالكم أن تضاف له وزارة أخرى ؟؟؟.

وها إن البلاد " تغرق " في التلاقيح والهبات الدولية الخاصة بمجابهة كورونا لكن إلى حد الآن لم ير الشعب نتائج تذكر ولا أحد يعرف أين ذهبت تلك المساعدات التي هطلت بها السماء فجأة ولا أحد يعرف كيف يتم التصرف فيها ومن يتصرّف فيها تحديدا ؟.

وها إن أشياء غريبة تحدث في حياتنا كل يوم إلى درجة أن العديد منّا لم يعد يصدّق نظريات ضعف الدولة وضعف مواردها أو " الصدف العجيبة " التي تجعلنا  أمام أمور لا يقبلها عقل أو منطق.

ولعلّ ملخّص كل هذا أن كافة أطراف السلطة في تونس ليس همّها هذا الوطن وهذا المواطن بل اتضح أن الهمّ الوحيد هو التموقع وتسجيل أكثر ما يمكن من نقاط على حساب " الآخر" بقطع النظر عن النتائج التي يتّضح يوما بعد يوم أنها كارثية ولا تبشّر بأي خير.

إن ما يحصل في البلاد يتحمّله كل من في السلطة دون استثناء إما بالعجز عن التسيير والتشبّث رغم ذلك بالكرسي وإما بالتواطؤ وإما بالصمت وترك الأمور تسير كما هي طالما أن في ذلك مصلحة للجهة الفلانية أو الطرف الفلاني أو الحزب الفلتاني ...ولعلّ الأدهى من كل ذلك أن لا أحد دعا إلى التوقف عن العبث وأخذ هدنة يتفرّغ فيها الجميع إلى محاربة الداء وإنقاذ أرواح الناس وإنقاذ الدولة ومؤسساتها ومنظوماتها الصحية والاجتماعية والاقتصادية من الانهيار. فنحن لا نجد إلا من يصبّون الزيت على النار ويحاولون إذكاء الخلافات وإنعاشها بدل أن يعملوا على التهدئة ويبحثوا عن مصلحة البلاد قبل مصالح " المتحاربين ".

نحن اليوم في وضع لا يحتمل أن نقول إن هذا الطرف هو المسؤول وإن علينا أن " نعدمه " أو ننفيه في الصحراء لأن ذلك لن ينفع في الوقت الراهن على الأقل. فيا عباد الله اتّقوا الله في من أعطوكم رقابهم وحياتهم وقوتهم وصحّتهم وأملاكهم أمانة بين أيديكم ... حاولوا أن تضعوا كل شيء جانبا ولو إلى حين ثم هناك مواعيد أخرى يمكن أن تأكلوا فيها بعضكم مثلما يحلو لكم ... ولكن ليس الآن بكل تأكيد . فهل تثوبون إلى رشدكم ولو مؤقّتا أم سيكتب عليكم أن تظلّ لعنة التاريخ والأجيال تلاحقكم أبد الدهر؟؟؟.

جمال المالكي

التعليقات

علِّق