في الحرب على الفساد : الشاهد " يطمئن " التونسيين وتصريحات شوقي الطبيب لا تبشّر بأي خير ؟

في الحرب على الفساد : الشاهد " يطمئن "  التونسيين  وتصريحات شوقي الطبيب لا تبشّر بأي خير ؟


قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد منذ حوالي يومين إن الحرب على الفساد  ستتواصل ولن تستثني أحدا بالرغم من أن العديد من المتابعين للشأن العام في تونس يؤكّدون أن هذه  " الحرب " استثنت أطرافا  وشملت أطرافا أخرى بعينها .
وفي المقابل قال رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب البارحة  في التلفزة الوطنية كلاما لا يبشّر بأي خير رغم أنه بدا متفائلا إلى حد ما  مدركا أن الحرب طويلة وتستوجب العديد من الآليات والأدوات التي لا يتوفّر أغلبها في الوقت الحالي .
ومن خلال حديث  " العميد " يمكن لنا أن نحتفظ خاصة بأمرين اثنين على غاية من الأهمية لأننا نعتقد أن الحرب على الفساد دون هذين الأمرين ستصبح حكاية فارغة  أو كمن يحرث في البحر .
الأمر الاول يتعلّق بالقضاء إذ أكّد الطبيب أن الكثير من الملفات " راقدة " على رفوف بعض القضاة منذ سنة 2011 ولم يتم اتخاذ أي إجراء فيها مهما كان هذا الإجراء بما في ذلك الحفظ . وقال الطبيب إن هذا البطء الشديد في التعاطي مع تلك الملفات يثير العديد من نقاط الاستفهام مستثنيا  " التعاون الجيد بين الهيئة والقطب القضائي المالي " . ولئن عزا العميد هذا " البطء " إلى أسباب عديدة منها خوف بعض القضاة من التعاطي مع بعض الملفات  فقد ألمح بصفة أو بأخرى إلى أن هناك بعض التواطؤ من قبل بعض القضاة أو أطراف العدالة عموما من خلال " تعطيل النظر " في بعض الملفات المحالة منذ فترة طويلة .
أما الأمر الثاني الذي لا يقلّ خطورة عن الأول فهو امتناع الإدارة التونسية بمختلف فروعها عن التعاون مع الهيئة في مكافحة الفساد بالرغم من قرارات رئيس الحكومة التي يبدو أنها بلا فائدة أو يراد لها أن تكون كذلك . فقد أمضى رئيس الحكومة مذكرات تطالب الإدارات العمومية بضرورة تكوين هياكل إدارية تكون المخاطب المباشر مع هيئة شوقي الطبيب  في أقرب الآجال . وأكّد الطبيب أن عدد المؤسسات والإدارات العمومية  المعنيّة بهذا الأمر لا يقلّ عن 1000 إدارة  لكن للأسف الشديد لم  يستجب إلى قرار رئيس الحكومة سوى عدد قليل من هذه الإدارات لا يتجاوز 70 إدارة .
وإذا عرفنا أن 70 إدارة عمومية لا تمثل سوى أقل من  10 بالمائة من الإدارات المطالبة بالعمل والتعاون مع هيئة مكافحة الفساد  ندرك أن 90 بالمائة من الإدارات التونسية  على الأقل " تكره " مكافحة الفساد  وتعمل بالتالي على تعطيله بشتّى الطرق لأنه ببساطة سيكشف عيوبها ( وما أكثرها ) ويكشف حجم الفساد الذي استشرى في كياناتها قبل الثورة ثم استفحل بعدها .
وبما أن الإمكانات اللازمة ما زالت تعوز الهيئة  للقيام بعملها على أكمل الأوجه فإن رئيس الحكومة ومثلما قال شوقي الطبيب مطالب  بمتابعة قراراته وتفعيلها وإجبار كافة الإدارات العمومية على  الإمتثال إلى القرارات والأوامر إذا كانت النوايا موجودة فعلا لمحاربة الفساد حربا حقيقية وليست حربا مثلما يقول عنها الكثير من التونسيين الذين أظهر آخر استطلاع للرأي أنهم يرون أنها  غير جادة وستنتهي إلى الفشل .
وفي كافة الأحوال ومن خلال " الحديث المخيف " الذي قاله شوقي الطبيب لا يمكن لأحد أن يمنع التونسيين من التشاؤم خاصة أن مؤشرات عديدة باتت اليوم  تقول بوضوح إن الكثير من الأمور لن  تستقيم أحوالها طالما أن  الراغبين في إبقاء الحال مثلما هو عليه أو إعادة إنتاج الماضي أكثر عددا وعدّة وقوّة وإمكانات من عدد الراغبين في خوض هذه الحرب إلى النهاية .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق