في التعليم العالي : 1840 أستاذ تونسي يدرّسون بالخارج لا يرحمون ولا يتركون رحمة الله تنزل ؟

في التعليم العالي :  1840 أستاذ تونسي يدرّسون بالخارج  لا يرحمون ولا يتركون رحمة الله تنزل ؟

 

خلال جلسة المساءلة التي دعي إليها اليوم في  مجلس نواب الشعب أشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي سليم خلبوس إلى أن ما لا يقلّ عن 1840 أستاذ تعليم عال تونسي يدرّسون بالخارج منهم 1640 أستاذا يعملون  في في بلدان عربية .
وقال الوزير في هذا السياق :  " لسنا ضد تصدير المعرفة لكننا مع حوكمة الموارد البشرية في الجامعة .  وهناك من  طالت هجرتهم أكثر من 10 إلى 15 سنة وظلوا يتمتعون بامتيازات الوظيفة العمومية من ترقية وغيرها  في ظل استحالة القيام بانتدابات جديدة . وهذا  من شأنه أن يضر بالجامعة التونسية.. وأظنّ أن عليهم الاختيار إما العودة وإما  الانسحاب نهائيا وترك المجال لغيرهم ...".
وفي حقيقة الأمر فإن ما طرحه الوزير أمر خطير للغاية ويحمل عدّة أوجه لا يمكن أن تظلّ على حالها أبد الدهر. فالأستاذ  ( الجامعي وغير الجامعي ) عندما يهاجر فبسبب البحث عن تحسين وضعه المادي في بلدان توفّر له أضعاف ما يتقاضاه في تونس ... وهذا من حقّهم طبعا . إلّا أن القانون التونسي في هذا المجال ظلّ جامدا ولم يواكب تطورات العصر ومتطلّباته . وهذا القانون يسمح لأساتذة التعليم العالي بالاحتفاظ بالعديد من الامتيازات وهم هناك في الغربة . ومهما طالت هذه الغربة فإنهم عندما يعودون يجدون أماكنهم في انتظارهم وامتيازاتهم أيضا . وهذا الوضع الذي يستغلّه أغلبهم وبكل انتهازية  يجعلهم في مأمن ومطمئّنين على وظائفهم عند العودة بينما يوجد مئات من زملائهم لم تعط لهم فرصة واحدة ليأخذوا حقّهم في التدريس ... ونعرف جميعا وضعيات العديد منهم خاصة ممّن قبلوا العمل في أوضاع هشّة وغير مستقرّة .
وهذا الوضع يعني أن من له عمل قار نمنحه امتيازات أخرى حتّى لو بقي خارج البلاد أبد الدهر في حين أن الآخرين لا يجدون العمل أصلا والأتعس من ذلك أن القوانين لا تسمح بانتدابهم طالما أن الأماكن ما زالت على ذمّة  " الأمراء " الذين يدرّسون في الخارج .
ونعتقد أنه كان على وزير التعليم العالي أن يتقدّم بمشروع قانون يصلح ما أفسدته هذه الوضعية  أو أن يطالب الحكومة أو مجلس النواب بالإسراع في معالجة هذا المشكل العويص الذي لا يتطلّب حلّه إلا أن يوضع هؤلاء الأساتذة  أمام اختيار جدّي وقانوني ألا وهو إما أن يعودوا لمواصلة عملهم في تونس وإما أن يتركوا أماكنهم لغيرهم . أمّا أن يبقوا كمثل من لا يرحك ولا يترك رحمة الله تنزل فهذا عيب وحرام وغير أخلاقي وغير قانوني ... وغير ما تشاؤون ...
جمال المالكي

التعليقات

علِّق