فيمن .. وكرامة الشعب التونسي ...

بقلم : الناصر الرقيق
يا الله كم هانت بلادنا و كم رخصت أسعارنا في أسواق الرجولة حتى لم يعد أحد يقيم لنا وزنا فيا ليت الحجاج كان تونسيا و يا ليت سيف المنصور صنع في سوق النحاسين و يا ليت بالة مراد الثالث وضعت مكان الساعة في الشارع الكبير ليبقى صليلها يرهب كلّ من يجرؤ على هذا الوطن الذي أصبح للأسف قبلة للعاهرات و الشواذ و المصيبة أن من بني جلدتنا من يدافع عنهم و يرحب بقدومهم و كذلك يدعو لسنّ قوانين تتيح لهم ممارسة أفعالهم الشاذة في بلدنا الذي غدا مرتعا لكلّ متسّخ يريد وضع شيء من درنه إذا ما زاد العفن في نفسه المريضة عن مستوياته التي يقبلها مجتمعه الغربي المتحرر.
فما فعلته اليوم عاهرات " فيمن " أمام المحكمة الإبتدائية بتونس التي تعتبر مركزا من مراكز السيادة الوطنية تمّ تدنيسها بهذه الفعلة الحقيرة لم يكن ليحصل لولا توفر مناخ يسمح بذلك فالسلطة الحاكمة التي كان من المفترض أن تظهر من الحزم و القوّة و الشدّة ما يجعل أمثال هؤلاء الشواذ لا يفكرون أصلا في القدوم لتونس لكن على العكس تماما فحكومتنا العتيدة لم نرها قويّة جبّارة إلا في قمع الخيمات الدعوية و منع إنعقاد مؤتمر أنصار الشريعة إلى درجة سال فيها الدم و أزهقت الأرواح التي لم يكلّف أحد نفسه البحث عمن قتلها و بأي ذنب قتلت ؟
كذلك " فالناشطة " في " فيمن " أمينة على حدّ تعبير سمير ديلو أظهرت التسجيلات التي بثت على الأنترنت أنها لم تدخل القيروان متخفية كما قالت وزارة الداخلية بل دخلت المدينة تحت أنظار الأمن الذي نجح نجاحا باهرا في منع دخول أيّ ملتحي و لو كان بائع خمر ثمّ غادرت أيضا تحت حماية أمنيّة إلى حيث هي موجودة الآن لذلك و أمام هذا التساهل الكبير و الجبن الواضح في معالجة هذا الموضوع قبل أن يستفحل جعل من تلك العاهرت القادمات من وراء البحار يتجرأن علينا في عقر دارنا و يقمن بالتعرّي أمام أهمّ محكمة لدينا و بجوار أقدس الأمكنة في بلادنا جامع الزيتونة فيا الله كم صعب علينا أن نشعر بالذلّ في وطن خلناه أصبح عزيزا بعد أن بذلنا الدماء من أجل أن نحرره.
لقد رأينا في فرنسا و غيرها من البلدان الأوروبية التي تعتبر للبعض من " الحثالة الفرنكفونية " مرجعا في حقوق الإنسان كيف تداس أشباه هؤلاء العاهرات بالنعال و يسحلن سحلا ثمّ يقتدن لمراكز الإعتقال للمحاكمة و لا أحد من الحقوقيين يحتجّ و هذا طبيعي لأن جميع المجتمعات على أختلاف دياناتها ترفض مثل هذه الممارسات الشاذة إذ أنه بإمكانك ممارسة ما تعتقده أكان صالحا أم طالحا لكن لا تجبر الاخرين على مشاركتك ذلك الفعل لكننا هنا في تونس أصبحا ملكيين أكثر من الملك نفسه لهذا إنتظروا أيها التونسيون قادم الأيّام و سترون العجب العجاب في بلادكم إن واصلنا على نفس هذا النهج الإنبطاحي.
فما حدث اليوم أمام المحكمة الإبتدائية لا يمكن إلا أن يغذي التطرّف لأن الكثير من العقلاء و المعتدلين سيعيدون حساباتهم أمام هذه المعاملة الغير عادلة من قبل السلطة للسلفيين الذين تجاوزوا القانون و " فيمن " اللاتي تجاوزن القانون و الشرع و الأعراف و التقاليد و أجبرونا على الشعور بالمهانة و مهما يكن من أمر الحرية و الديمقراطية لا يمكن أن نقبل مثل هذه التصرفات و لا غيرها في تونس تحت أيّ عنوان كان.
لماذا لم تتجرأ تلك العاهرات على التعرّي إلا في تونس ؟ لماذا لم يقمن بذلك في أيّ بلد عربي أخر ؟ لماذا لم يساندن علياء مهدي مثلا تلك العاهرة المصرية أيضا و التي تفوق شهرتها أمينة ؟ هي أسئلة أطرحها و أترك التونسي يحاول الإجابة عليها لأني أعرف أنه إذا ما حاولت ذلك فسأوجع كثيرا من الذين خلناهم أسودا مفترسة تلتهم كلّ من يحاول الإقتراب منا فإذا بنا نستفيق على بعبعتهم التي لا تخيف فأرا و قد نال منا بعض الذباب الذي لا قيمة له.
التعليقات
علِّق