فيلم "بين البيبان، جربة" مغامرة سينمائية بتقنية الـ 360 درجة
جلاء الطرابلسي، مخرجة وروادة في عالم السينما، تتميز بأفكارها الإبداعية ورؤيتها المبتكرة. في أحدث أعمالها، قامت بتوظيف تقنية 360 درجة لإعطاء المشاهدين تجربة غامرة تعزز اندماج المشاهد بكل تفاصيل الفيلم الذي يروي تاريخه وثقافة اليونان من خلال عيون وأذني صوفيا. تمكنت نجلاء من استغلال هذه التقنية الحديثة لخلق عالم سينمائي مبهر يجمع بين الحلم والواقع التوثيقي لينقل المشاهد إلى قلب الأحداث ويجعله يشعر بأنه جزء لا يتجزأ من القصة.
عبر استخدام تكنولوجيا 360 درجة، توفر المخرجة للجمهور فرصة ليس فقط لمشاهدة الفيلم، بل للعيش والتفاعل معه أيضًا. هذا يساعد على توسيع آفاق السينما التقليدية ويوفر تجربة جديدة ومثيرة لعشاق الأفلام. تستحق نجلاء الطرابلسي الإشادة والتقدير على تفانيها في محاولة تطوير عالم السينما التونسي وإبداع تجارب فريدة من نوعها للجمهور. في فيلم "بين البيبان، جربة"، نرى الباحثة اليونانية صوفيا وهي تزور جزيرة جربة في تونس، حيث تسعى لكشف التراث اليوناني الذي كان يتواجد في هذه الجزيرة منذ قرون طويلة والأسباب التي جعلت جدودها يتعلقون بهذه الجزيرة الساحرة. وتركز الرؤية الفنية للفيلم على سرد القصة، حيث يعرض الفيلم بزاوية 360 درجة الأحداث التي جرت في فندق اللوتس وفي كنيسة سان نيكولاس، وهم من أهم الأماكن المرتبطة بتاريخ اليونان في جربة في حوالي عام 1940.
تجربة سينمائية فريدة من نوعها، حيث تُعرض الأحداث بتقنية 360 درجة، مما يتيح للجمهور فرصة استكشاف جميع جوانب الصورة والمشاهدة من كل الزوايا. ويمكن للمشاهدين الاستمتاع بهذا الفيلم عبر نظارات الواقع الافتراضي. عندما يتعلق الأمر بالسفر والاكتشاف، فإن معظم الناس يفكرون في الأماكن السياحية الشهيرة و المزدحمة بالزوار. ولكن في هذا الفيلم الجديد الذي يركز على سرد القصة، نرى البطلة صوفيا، تقوم بزيارة جزيرة جربة في تونس لاستكشاف تاريخها وثقافتها عبر نظارات الواقع الافتراضي. يتمحور الفيلم حول قصة يونان جربة من خلال سرد قصص المعالم والشخصيات المختلفة التي مرت من هناك وتركت اثرها في تاريخ الجزيرة. الفندق الصغير "لوتوس"، الذي كان واحدًا من أولى المنشآت التي فتحت أبوابها في جربة في عام 1940. وقد قام وريث عائلة صيادين الإسفنج، الذين جاؤوا من جزيرة يونانية في دوديكانيزوس، ببناء هذا الفندق الصغير الذي يضم 15 غرفة، حول وفوق منزل العائلة، لأنه لم يتمكن من ممارسة نشاطه بسبب الحرب.
يتضمن الفيلم أيضًا حكايات العائلة كيندينيس، الذين استقروا في جربة منذ نهاية القرن التاسع عشر، وأصبحوا أحد أهم أسر اليونانيين الذين عاشوا في الجزيرة. وتعد كنيسة القديس نيقولاوس الأرثوذكسية أحد أهم المواقع التي يتم استكشافها في هذا الفيلم. تعد الكنيسة مقصداً دينياً رئيسياً للجالية اليونانية المقيمة في جربة، وتعتبر معلماً سياحياً مهماً في الجزيرة . وعلى الرغم من تعرضها لبعض الأضرار، فإن الكنيسة ما زالت تحتفظ بالعديد من اللوحات والزخارف الدينية الجميلة التي تعود للعصور الوسطى. وقد بقيت مغلقة لسنوات قبل اعادة ترميمها وفتحها سنة 2019 مما جعلها غير معروفة من قبل السكان والزوار. وقد أتاح الفيلم للمشاهدين زيارة هذا المعلم الفريد من نوعه و الكشف عن أسرار كثيرة ومفاجآت تاريخية مخبأة، وذلك بفضل تقنية التصوير ثلاثية الأبعاد المتقدمة.
في ضوء ما سبق، ندعو الجميع إلى مشاهدة هذا الفيلم الذي يوفر نظرة ثاقبة على تاريخ يوناني جربة وجمالها الخلاب. يُقدم الفيلم فرصة لاستكشاف جزيرة جربة والغوص في تراثها الثقافي والتاريخي الغني. وتعتبر التقنيات التي يستعملها الفيلم خير دليل على أهمية التكنولوجيا كوسيلة ناجعة لدعم الثقافة والتاريخ وجعلهما أكثر قربًا من الجمهور نود أن نهنئ المخرجة نجلاء الطرابلسي على هذا الإبداع الفني الرائع الذي يعكس تفانيها وشغفها لإبراز جوانب جديدة ومثيرة للسينما التونسية. نتمنى أن يشجع هذا العمل الفني المتميز المزيد من الأفراد على زيارة تونس واكتشاف تاريخها وثقافتها العريقة، وبالتالي دعم السياحة والاقتصاد المحلي.
التعليقات
علِّق