فلا عاش في تونس من خانها

فلا عاش في تونس من خانها

 بقلم نوفل بن عيسى

"للبيت رب يحميه" والحمد لله، و"الدين لله والوطن للجميع". وقد علمونا أن "نموت نموت ويحيا الوطن" وهذا نداء استجاب له ابناء هذا الوطن في عديد المناسبات ومنها احداث مقبرة الزلاج في 7 نوفمبر 1911 واحداث 9 افريل 1938 وجهاد "الفلاقة" من اجل الاستقلال وحرب بنزرت 1961 واخرها احداث بن قردان في 2016.

واما الحكام فمنكبون على تحقيق مطامعهم في المكوث على "الكراسي" وان كان ذلك على حساب الدولة وديمومتها وهيبتها ومصالحها حتى صارت، أو تكاد، هباء منثورا اذ أن"كل ما بني على باطل فهو باطل".

فمنذ فجر الاستقلال بدأ الوزير الأكبر الحبيب بورقيبة بالانقلاب على الباي واتهمه واسلافه بالخيانة وبابشع التهم وسجنه وابناءه وعذب زوجته حتى الموت وسلب اهله وذويه املاكهم وكل هذا بدون محاكمة ولا وجه حق حتى لم يبق لهم إلا "جميل الصبر والسلوان" وكذلك فعل بكل من عكر مزاجه ولم يعجبه خطابه اذ اعدم وسجن وشرد ونكل بالزعماء والمناضلين والمعارضين وغيرهم من ابناء الوطن الذين تجرأوا على نقد أو انتقاد مشروع "زعيم الأمة" وحزبه ونظامه الجمهوري المزعوم.
ورغم أن النظام البورقيبي في ظاهره تقدمي وفي باطنه اقصائي وتعسفي ولاديمقراطي واستبدادي وسالب للحريات فقد كان يزعم "خطيب الأمة" ومناصروه بان "المجاهد الأكبر" قد ارسى "لجمهورية حداثية" ولكن الواقع بين عكس ذلك اذ انه لم يبن إلا لجمهورية الرئيس مدى الحياة دولة الحزب الحاكم والخرق المستدام للدستور والعبث بالقوانين والاستحواذ على املاك البلاد والعباد واستغلالها حتى اهترأت وابتليت بانتكاسة مريض الفصام.
ولان "الله يمهل ولا يهمل" و"كما تدين تدان" فقد انقلب عليه "ابنه البار" زين العابدين بن على " واستفرد وازلامه بالحكم ولما وجد "رجل 7 نوفمبر" الأرضية خصبة اوهم الجميع بعزمه على "التغيير" واكتفى بتغيير اسم الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم ليصبح التجمع الدستوري الديمقراطي وبقيت البلاد على حالها، مرتع ممن هم فوق القانون من الذوات إلى أن دخلت ليلى قلبه وقصره وتمكنت شهرزاد من شهريار عصره ومن مقاليد حكمه و"بكل حزم" واصرار عبثت وعائلتها بالبلاد وأسست لدولة الفساد.

وعندما حلت "ثورة الحرية والكرامة الوطنية"، جاءت "البرويطة" بحكام ارتهنوا البلاد على مدى اجيال واجيال وصارت الدولة دولة تفقير وتجويع وتهميش وتسفير وتهجير وارهاب وترهيب. 
وحين بقي الشعب في التسلل، ينتظر تحقيق "أهداف الثورة"، تواصل النهب والسلب والنهم واستبلاه "المواطنين السذج" حتى انقسم المجتمع الى طبقات وقبائل ومذاهب وملل ووطنيين وخونة وانتهازيين ووصوليين واسلاميين ويساريين وقوميين وجماعات وجمعيات وحتى "حومانيين" و"حومانيات".
وبعد ان قتلوا في الأهالي الأمل وانتزعوا منهم حتى سراويلهم على الملأ، انقلبوا يشتمون بعضهم بعضا ويتراشقون باشبع النعوت وارذل العبارات وصار "مجلس نواب الشعب" مرتعاً لمن هب ودب ومسرحا للفضاعة والقذف والبذاءة حتى لفظهم الشعب وازدراهم اذ تأكد أن كل همهم التمكن من اكبر نصيب من السلطة والفوز باكثر الكراسي جاها وراحة ورفاهية وأما المواطنين فحسبهم الله ونعم الوكيل.
ورغما عن هذا، وبعدما كانوا "حفاة عراة رعاة الشاة" صاروا اسيادا واربابا لهذا الوطن "يتطاولون في البنيان"
بما جمعوا من اموال السرقة والتبيض والرشوة والنهب والتحيل وما زاد عن ذلك مما لا تتخيله حتى الشياطين، وضلت الدولة كما عهدناها دولة التعليمات والعمولات، وصرت تراهم يتصدرون المحافل و"كأن على رؤوسهم الطير"، ينشدون بكل وقاحة "وبراءة الأطفال في أعينهم" :
"فلا عاش في تونس من خانها".....

التعليقات

علِّق