فرعون " الكورة " ... يريد ابتلاع الرّابطة بالغورة ...
اتضح مساء أمس بما لا يدع مجالا للشكّ أن الخلاف بين الرابطة المحترفة لكرة القدم والجامعة التونسية لكرة القدم أكبر وأعمق ممّا يبدو على الصورة . ومن خلال " القرار " الغريب الذي اتخذه المكتب الجامعي أمس وهو تجميد عضوية ستّة من أعضاء الرابطة يتّضح أن رئيس الجامعة وديع الجريء ماض إلى الأمام في تعنّته وحساباته غير مبال بأي طرف في هذا الوجود .
كان واضحا عندما تم انتخاب أعضاء مكتب الرابطة أن القائمة التي فازت كانت مدعومة من طرف رئيس الجامعة الذي سعى أن يضمن الطاعة والولاء له قبل أن يبحث عن أي شيء آخر يجب أن يتوفّر في هؤلاء الأعضاء . إلا أن الأمور لم تسر حسب ما تمنّى الجريء إذ أن الخلافات بدأت تتفاقم مع مرور الوقت خاصة من خلال القرارات التي اتخذتها الرابطة وكانت قرارات " متحررة " نوعا ما من ضغط الجريء وهنا نتحدّث بالخصوص عن العقوبات التي أرادت الرابطة أن تكون عادلة بين الجميع بينما يرى الجريء أن " هيبته ووقاره وسلطته " لا تكتمل إلا إذا حكم بين الفرق بغير العدل . وعلى هذا الأساس رأينا أن الجامعة كسّرت في أكثر من مرة قرارات الرابطة لعلّ أبرزها قرارها القاضي بمعاقبة اتحاد تطاوين ثلاث مقابلات دون حضور الجمهور ثم يأتي المكتب الجامعي ليكسّر القرار ليلة لقاء الاتحاد والنادي البنزرتي . إثر ذلك خرج الناطق الرسمي للرابطة هشام المناعي وقال إن الجامعة هي المسؤولة عمّا حدث وإنها كسّرت قرار الرابطة بغير وجه حق...
الجامعة تتعسّف مرّة أخرى
ومن هنا بدأت الخلافات تزداد حدّة خاصة أن الجامعة ( وخاصة رئيسها ) لم يعجبها هذا الكلام . ويأتي اللقاء الشهير بين النجم الساحلي والترجي الرياضي ليضع الرابطة والجامعة في " مواجهة " حقيقية لكنها في الخفاء . فقد حصلت في ذلك اللقاء تجاوزات خطيرة وكثيرة وتم اقتحام الميدان وقام أحد الأحباء بلقطة لا رياضيّة شاهدها الجميع ... وكان اتجاه الرابطة أن تعاقب النجم الساحلي العقاب الذي تستوجبه الأفعال . وفي اجتماعها تمسّك الأعضاء عادل الدعداع ومعز المستيري وهشام المناعي ومعز بوراوي وبلحسن بن سمرة ومهذّب الشواشي بتطبيق القانون لكن الجامعة استعملت كافة وسائل الضغط الممكنة والمستحيلة كي لا تتم معاقبة النجم ...
قرار الرابطة لا يعجب الجريء ؟
وبعد هذه الحادثة التي أحدثت شرخا في العلاقة بين الطرفين رأت الرابطة أن تهدئة الأمور وإنهاء البطولة على خير يتطلّب جلب بعض الحكام الأجانب والمغاربيين بالخصوص لإدارة بعض المقابلات الصعبة علما بأن الكثير من الحكام الليبيين الممتازين يقيمون في تونس ويديرون العديد من اللقاءات على المستوى القاري . لكن رئيس الجامعة مرّة أخرى لم يعجبه أن تفكّر الرابطة بهذه الطريقة ورأى في ذلك تجاوزا لصلاحياتها ومهامها والحال أن أغلب العارفين بعالم كرة القدم يقولون ويؤكدون أن الرابطات وفي العالم أجمع تقريبا هي التي تدير البطولات في استقلالية تكاد تكون تامة عن الجامعات . وفي المقابل رأى بعض العارفين بالخفايا أن جلب حكّام أجانب سيقطع الطريق أمام الجريء الذي لن يجد عندئذ حكّاما على المقاس يتحكّم فيهم كما يشاء ويوظّفهم لمصلحة من يشاء . وأكثر من هذا فقد أكّد أحد أعضاء الرابطة أن الأدلّة الدامغة على تورّط رئيس الجامعة وتدخّله في شؤون الحكام لترضية هذا الطرف أو معاقبة ذاك الطرف كثيرة وموجودة وسيتم الكشف عنها في الوقت المناسب .
الأقربون أولى بالإعتداء ؟؟
حادثة أخرى ساهمت في تأزيم الوضع أكثر فأكثر بين الرابطة ورئيس الجامعة . فقد اعتدى أحد أقارب وديع الجريء بالعنف على مراقب إحدى المباريات . لكن هذا القريب المقرّب ظل بلا عقاب إذ انقسم أصحاب القرار بين من كان حريصا على تطبيق القانون وبالتالي معاقبة المعتدي وبين من كانوا يدينون بالولاء التام لرئيس الجامعة وبالتالي فعلوا كل شيء ليفلت الرجل من العقاب . وبالرغم من أن العديد من الأطراف طلبت من رئيس الجامعة أن يبعد أفراد عائلته وكافة " المتحدّثين باسمه " عن الشأن الرياضي فإنه أبى أن يفعل .
نأتي الآن إلى واقعة أخرى بات يعرفها القاصي والداني . فقد تمّت معاقبة منصف خماخم رئيس النادي الصفاقسي بتجميد نشاطه الرياضي مدى الحياة للأسباب التي نعرفها جميعا . وفي الأثناء صرّح نائب رئيس أولمبيك مدنين أيمن شندول مؤخّرا بأن " وديع الجريء خط أحمر " وبأنه مستعد " لإشعال " حرب لو أن أحدا يلمس شعرة من رأس رئيس الجامعة . وقد مرّ هذا التصريح مرور الكرام ولم يعاقب صاحبه بالرغم من أنه أخطر ألف مرّة من تصريح رئيس النادي الصفاقسي .
ممارسات جاهليّة في القرن 21
إن القرارات التي اتخذها المكتب الجامعي مساء أمس بضغط من وديع الجريء لا يمكن أن نسمّي بعضها إلا بأنها ممارسات جاهليّة في القرن الواحد والعشرين . فالرابطة هيكل منتخب ولا يمكن للجريء حلّها أو تغييرها إلا من خلال جلسة عامة انتخابية . أما قراراتها فهي من الناحية المبدئية حرة ومستقلة باعتبار أنها تمثّل الدرجة الأولى في التقاضي . لكن يبدو أن رئيس الجامعة لا يعترف بهذا المنطق فسعى بكل الطرق إلى تأجيج النيران المشتعلة للدفع نحو الفراغ والفوضى كي يخلو له الجوّ فيفعل ما يشاء . وفي هذا الإطار يمكن لنا أن نذكر أمرين : الأول يتعلّق بتصريحات نائب رئيس الرابطة عادل الدعداع في خصوص رئيس النادي الإفريقي سليم الرياحي وقرار مكتب الرابطة المبني على معطيات تفيد بأن هناك تجييشا قبل لقاء " الدربي " فتم إعلام الأمن ليتم اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية . أما الثاني فهو أن اجتماعات الرابطة أصبحت تعقد يوم الخميس منذ أن أصبحت اللقاءات تجرى وسط الأسبوع .
وإثر لقاء الدربي وما حصل فيه من أحداث دعا أغلب أعضاء الرابطة إلى التهدئة وإلى تنقية الأجواء مع النادي الإفريقي وجمهوره . وبالتوازي دعوا إلى معاقبة الإفريقي العقوبة المنتظرة التي ينصّ عليها القانون لكن في الاجتماع العادي ليوم الخميس . ومرّة أخرى يبدو أن الجريء تدخّل وطالب بتقديم موعد الاجتماع العادي من الخميس إلى الثلاثاء بدعوى أن " الحالة استثنائية " وطالب بمعاقبة النادي الإفريقي . وحسب المعلومات المتوفرة فإن أعضاء الرابطة الذين تم تجميد نشاطهم رفضوا تدخّل رئيس الجامعة واتصل بعضهم ببعض وأعلنوا أنهم لن يذهبوا إلى الاجتماع ... وكان الاتجاه السائد أن يدور لقاء اليوم بين الافريقي والنجم بحضور الجمهور وقد يكون ذلك في إطار رأب الصدع بين جمهور الإفريقي والأمن وإقرار مصالحة بين الطرفين ... وتؤكّد العديد من الأطراف أن أعضاء الرابطة لم يتغيّبوا عن اجتماع الأمس هربا من تحمّل المسؤولية بل رفضا للانصياع إلى أوامر الجريء أو طلباته .
وطبعا لم يعجب تصرّف أعضاء الرابطة رئيس الجامعة الذي نادى أعضاءه في الجامعة لاجتماع " طارئ " تمتّ فيه معاقبة النادي الإفريقي 3 مباريات دون حضور جمهور وغرامة مالية قدرها 3 آلاف دينار ... وقرر أعضاء الجريء أيضا تجميد عضوية أعضاء الرابطة المتغيّبين ( وعددهم 6 ) حتى آخر الموسم وبالتالي ضمّ الجريء إلى نفسه سلطة إضافية من خلال سلطة الرابطة ... ولعل ما أثار ضحك البعض من قرار التجميد أنه أشار في أحد الأسباب إلى " كثرة تغيباتهم " والحال أنهم لم يتغيّبوا أبدا .
قرار عادل وظالم في نفس الوقت
من الناحية المبدئيّة وبقطع النظر عمّن يتحمّل المسؤولية فإن قرار اللعب دون جمهور يعتبر عاديا ومنتظرا . أما من الناحية القانونية فهو قرار ظالم وجائر. فالجميع يعرف أن الجامعة الدولية لكرة القدم تضمن 3 درجات للتقاضي كي تمكّن أي فريق يرى أنه مظلوم من استنفاد كافة السبل التي قد تعيد إليه حقّه . ولعلّنا ما زلنا نذكر أن رئيس الجامعة نجح سابقا في حذف الدرجة الثالثة للتقاضي ( الكناس ) فأصبح لزاما على كل فريق تونسي يريد التظلّم لدى هذه الدرجة أن يذهب إلى سويسرا مع كل ما يتبع ذلك من أتعاب ومصاريف .
وفي ظلّ كافة الاخفاقات التي حققها الجريء في الكرة التونسية منذ أن تولّى رئاسة الجامعة يبدو أنه حقق نجاحا جديدا ( في الجانب السلبي طبعا ) وهو حذف أو تجميد هيكل رياضي منتخب وله من الصلاحيات التي تخوّلها له " الفيفا " في انتظار ما يخالف ذلك .
ويبقى السؤال الذي سيظل بلا إجابة : إلى أين يحمل وديع الجريء كرتنا وإلى متى سيظل بلا حسيب ولا رقيب ؟؟؟.
التعليقات
علِّق