فاشلون في الكرة ...فاشلون في السياسة

بقلم صباح توجاني المديوني
بات من الواضح ان شعور الغبن الذي يسيطر على نفوس التونسيين اضحى مضاعفا بسبب خيبتنا المخجلة في السباق نحو مونديال البرازيل 2014 بعد ان هزنا الأمل في تحقيق ترشح قد يعيد للقلوب البعض مما فقدناه في السياسة من تفاؤل بمستقبل افضل.
فلا مناص اليوم من التسليم باننا عاجزون عن التوصل الى حل توافقي عبر مسلسل الحوار الوطني لإعتبارات لا مجال لتعدادها في هذا الحيز ، بعد ان ضاقت صدور نخبتنا السياسية بمصالح الشعب التي ائتمن الرجال عليها فخانوا العهد والميثاق وانبروا يتصارعون من اجل كرسي السلطة الهزاز.
وبعد ان كان الحديث يدور في سرية تامة عن سيناريو يطبخ على نار هادئة، انتشرت اخبار مفادها امكانية ايجاد حل "ترقيعي" تنسجه حركتا النهضة ونداء تونس من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية يتقاسم فيها زعيما الحركتين، الغنوشي والسبسي، الحقائب الوزارية بما يرضيهما، حتى في حال رفض ألحزاب الصغيرة الأخرى لهذا السيناريو.
وهو سيناريو يستمد صحته من تكثف المشاورات بين قيادات نهضوية واخرى من نداء تونس على مدى الأشهر الماضية بعد اللقاءات السرية التي جمعت زعيمي الحركتين في الداخل والخارج. وكانت اخبار راجت عند التقاء الغنوشي بالسبسي في باريس منذ اكثر من شهرين، حول اتفاق الرجلين على حل وسط يرضي اكبر حزبين على الساحة السياسية تتولى حركة نداء تونس اقناع حلفائها من المعارضة بجدوى هذا الحل الذي من شانه حلحلة الأزمة التي تمر بها البلاد، وفتح المجال لتقاسم السلطة. إلى جانب لقاءات السبسي والغنوشي كل على حدة مع سفير امريكا بتونس فيما تكتفي البيانات الصادرة هنا وهناك عن الحديث عن مجرد مشاورات لحلحلة الأزمة لاغير.
هذا السيناريو او كما يسميه البعض "الخطة "ب" للنهضة"، سيتم طرحه حال اعلان الرباعي الراعي للحوار عن فشل مسعاه ووصول المداولات الى نفق مظلم، يكون الحل وقتها جاهزا وقابلا للتطبيق حتى في حال رفضته الجبهة الشعبية المعارضة، التي دأبت على اعلان عدم الرضا عن كل ما ياتي من الطرف الأخر.
والسؤال المطروح اليوم: هل يقبل التونسيون ان تتغير الخارطة السياسية في اتجاه عقد تحالفات جديدة بين القطبين السياسيين الأبرز في المشهد المحلي، حتى تصطف حركة نداء تونس التي تتضمن كفاءات عالية واطارات اثبتت خبرة وكفاءة لا يستهان بها في ادارة الشان العام، الى جانب النهضة الفائزة في الإنتخابات الأخيرة، وبذلك تتحقق الشرعية الإنتخابية وتتكرس الشرعية التوافقية ويقع الخروج من الأزمة الحالية؟
الا انه في حال تطبيق "الخطة "ب " للنهضة والنداء، فان الرباعي الراعي للحوار الذي سيكتشف ان البساط سحب من تحته بكل لطف، وبالتالي لم يعد له من دور سياسي يقوم به ويدخل بفضله الى التاريخ، لن يقبل بسهولة ان "يلعب الكبار خارج الميدان الذي رسمه لهم" ، بعبارة اوضح، سوف لن يرضى بحل تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد ان عمل جاهدا لمدة اشهر متتالية على تمرير مبادرته وخارطة الطريق المنبثقة عنها، لأن في ذلك استنقاصا من قيمته اولا، وايذانا بضرورة التزام اتحاد الشغل بحجمه الطبيعي والرجوع الى مهمته الأصلية.
والراي عندي، ان مصلحة البلد تقتضي التسليم بان توحيد صفوف الحركتين الفاعلتين في الساحة المحلية، " وترويض الشيخين" الغنوشي والسبسي، في اطار حل صلحي، يبوؤهما المناصب العليا في البلاد، ضمانا للخروج من النفق، وتجنبا لإستمرار محاولات الإستقطاب الثنائي الذي يخشاه الجميع، والذي يبدو انه نسير في اتجاهه بخطى متسارعة، مالم نرض بالحل التوافقي.
التعليقات
علِّق