"غزة" : حول أنثروبولوجيا القتل لدى "الانسان"

"غزة" :  حول أنثروبولوجيا القتل لدى "الانسان"

بقلم : محجوب لطفى بالهادي

 (باحث متخصّص في التفكير الإستراتيجي) 

في لحظة من لحظات عجز "المجتمع الدولي" الممنهج والمقرف عن ايقاف الحرب "الهولاكية"*  فى نسختها الدموية المٌشدّدة على شعب غزة ومٌقدّراته التحتية والخدماتية.. وفى لحظة البحث عن الأسباب الكامنة  خلف هذا العطش المنقطع النظير لسفك مزيدا من الدماء،  شاءت الأقدار ان أتعرّض مؤخرا الى وعكة صحية حادة قادتني الى خوض تجربة كشف القلب بتقنية "الموجات فوق الصوتية" échographie ، فكانت المفاجأة الكبرى ان أستمع الى انبعاثات صوتية مرعبة تذكرني "بحفلات التكنو" الصاخبة والرهيبة.. لحظتها فقط بدأت بإعادة تفكيك شفرات يوميات "غزة" المفتوحة الغارقة في الدم علني أتخلص يوما ما من براثن سندروم "القلب البشرى الرحيم" التي نٌسجت من حوله أساطير وسرديات مثيرة الى درجة الاحتفاء به في يوم عالم للحب يوم 14 فيفرى من كل سنة !

فكيف لي أن أستمرّ في تصديق أنّ "أنسنة الجنس البشرى" تمّت عبر شرايين القلب
وأنّ منظومات "حقوق الانسان" و"القانون الإنساني الدولي"  تٌشكّل أبرز صمّاماته الأخلاقوية-القانونية ؟

وكيف لي أيضا أن استمر في تصديق أننا أعلى شأنا من باقي الكائنات ونحن نتفنّن في تدمير كل شىء جميل من حولنا وندير خلافاتنا وفق مقولة "هوبز" الشهيرة "الانسان ذئب لأخيه الانسان" ؟

دون أدنى شك - على الأقل بالنسبة لي - أنه كان من الممكن أن تكون الحياة على وجه الأرض  أفضل بكثير دون وجود الجنس البشرى.. وأن كل الطرق ستؤدى بنا حتما - فى المنظور القريب - الى روما "نيرون" الذي أحرق "عاصمة العالم القديم" وظلّ يعزف منتشيا برؤية ألسنة اللّهب...

أخيرا، طوبا "لغزة" التي بدونها لا يمكننا التحقق بشكل لا يرقى اليه الشك عن مدى وهم سنفونية " القيم الانسانية المشتركة " التي نتغنى بها صباحا مساءا وعن زيف "قلوبنا الرحيمة" التي تخضع لباروماتر المصالح قبل غيرها

التعليقات

علِّق