عيد العمال العالمي: قصته و متى بدأ الاحتفال به في تونس

عيد العمال العالمي: قصته و متى بدأ الاحتفال به في تونس

 

في الأول من ماي من كل عام، يحتفل العالم بـ عيد العمال العالمي، وهو يوم مخصص لتكريم الطبقة العاملة وتقدير جهودهم في بناء المجتمعات والنهوض بالاقتصاد. لكنه ليس مجرد عطلة رسمية، بل يحمل في طياته قصة طويلة من الكفاح والتضحيات التي خاضها العمال لنيل حقوقهم في العمل الكريم، الأجور العادلة، وساعات العمل الإنسانية.

ترجع جذور عيد العمال إلى أواخر القرن التاسع عشر، وتحديدًا في الولايات المتحدة الأمريكية. ففي ذلك الوقت، كان العمال يعملون لساعات طويلة تصل إلى 14-16 ساعة يوميًا في ظروف قاسية وغير آمنة، مقابل أجور زهيدة.

في 1 ماي 1886، نظّمت الحركة العمالية الأمريكية مظاهرات ضخمة في مدينة شيكاغو وغيرها من المدن للمطالبة بتحديد ساعات العمل بـ 8 ساعات يوميًا. وفي الأيام التالية، تصاعدت الأحداث، وبلغت ذروتها في ما عُرف لاحقًا بـ "مجزرة هايماركت"، حيث وقع انفجار خلال مظاهرة سلمية، وأسفر عن مقتل عدد من المتظاهرين ورجال الشرطة، وتم اعتقال عدد من قادة الحركة العمالية، وأُعدم بعضهم لاحقًا في محاكمات وُصفت بأنها غير عادلة.ورغم القمع، أصبحت هذه الأحداث نقطة تحوّل، وبدأت الحركة العمالية تحظى بدعم وتضامن دولي، لتصبح 1 مايو رمزًا للنضال العمالي في شتى أنحاء العالم.

في عام 1889، قررت الأممية الاشتراكية الثانية في اجتماعها في باريس إعلان الأول من مايو يومًا عالميًا للاحتفال بالعمال، تخليدًا لنضالهم وشهدائهم في شيكاغو، ومنذ ذلك الحين، بدأ عيد العمال يُحتفل به في العديد من الدول، وأصبح يومًا رسميًا في أكثر من 80 دولة حول العالم.

وعيد العمال لا يقتصر على استذكار الماضي، بل يهدف أيضًا إلى:

رفع الوعي بحقوق العمال.

الدفاع عن العدالة الاجتماعية.

المطالبة بتحسين بيئة العمل والأجور.

التأكيد على أهمية دور العمال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

في هذا اليوم، تُنظم المسيرات، والفعاليات النقابية، والخطابات السياسية التي تستعرض إنجازات العمال والتحديات التي ما تزال تواجههم، مثل البطالة، الاستغلال، أو ضعف التشريعات.

وتحتفل معظم الدول العربية بعيد العمال في الأول من ماي، ويُعد يومًا رسميًا وعطلة في دول مثل تونس و مصر، المغرب، الجزائر، ، لبنان، العراق، وسوريا. وتُنظم خلاله فعاليات لتكريم العمال المتميزين، إضافة إلى خطابات سياسية ونقابية تُسلط الضوء على أوضاع العمال المحليين.

في تونس، يعود تاريخ الاحتفال بعيد العمال إلى بدايات القرن العشرين، حيث بدأت الحركة العمالية تنشط في فترة الاستعمار الفرنسي. لكن الاحتفال الرسمي والمنظم به انطلق بشكل أوسع مع بروز الاتحاد العام التونسي للشغل (UGTT) الذي تأسس سنة 1946، والذي لعب دورًا محوريًا في الدفاع عن حقوق العمال والنضال الوطني ضد الاستعمار. وبعد الاستقلال سنة 1956،

أُقرّ عيد العمال يوم عطلة رسمية، ويُحتفل به سنويًا بتنظيم مسيرات وخطابات سياسية ونقابية، تعبيرًا عن تضامن الطبقة العاملة ومواصلة النضال من أجل العدالة الاجتماعية.

 

 

 

التعليقات

علِّق