عملاق في زمن الأقزام

عملاق في زمن الأقزام
بقلم : الناصر الرقيق
رغم أنّي أختلف معه في العديد من المواقف إلا أنّه و كما قال الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز « ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى » فمن هذا المنطلق مكثت لأكثر من يوم و أنا أبحث عن عنوان لمقالتي هذه لكن لم أجد العنوان المناسب إلى أن دلّني عقلي الباطن على هذا العنوان " عملاق في زمن الأقزام " الذي يعبّر حقيقة عمّا سأكتبه من كلمات في حقّ رجل تمّ شتمه كثيرا و تحقيره من قبل أراذل القوم و رعاعهم رغم كونه يجلس في أهمّ منصب في الدولة و مع ذلك لم يلق لهم بالا لأن تلك التفاهات لا تهمّه كثيرا فهو ما فتئ يثبت أنّه فعلا من أبرز  الشخصيّات السياسية في العالم الشيء الذي جعل مجلّة فورين بوليسي المتخصصة في السياسة الخارجية تختاره كثاني أفضل مفكّر على المستوى الدولي لسنة 2012 متفوّقا بذلك على الكثير من عمالقة الفكر و السياسة في جميع أرجاء المعمورة.
طبعا هذا الرجل ليس إلا السيّد محمد المنصف المرزوقي رئيس الدولة الذي جعلته مواقفه المبدئية و عدم تنازله عن مبادئه التي عرف بها عملاقا وسط واقع عربي مليء بالأقزام سواء أكانوا رؤساء و ملوك أو معارضين في بعض الأحيان الذين لا نملك إلا أن نقول لهم جميعا سوّد الله وجوهكم كما سوّدتم تاريخ شعوبكم و على عكس هؤلاء فرئيسنا لم يخيّب آمال شعبه  و كان في مستوى الثورة التونسية التي بقيت الشمعة الوحيدة المضيئة في هذا الربيع العربي الذي تكالب عليه بنو علمان مستنصرين ببعض العربان و الرهبان مضافا إليهم ضاحي خلفان في محاولة منهم للقضاء على هذا الأمل الآخير و الحصن القوّي الذي بقي للشعوب العربيّة المكلومة في أبنائها و المنهوبة في ثرواتها لكن هيهات فكما كانت تونس مهد ربيع العرب ستكون أيضا حاضنته التي يزهر فيها من جديد.
فالسيد المنصف المرزوقي كان الرئيس العربي الوحيد الذي إتّخذ موقفا جليّا و واضحا لا لبس فيه ممّا حدث في مصر حيث سمّى الأمور بمسمياتها دون مواربة كما كان رفضه للمحادثة مع الرئيس المصري المعيّن من قبل الإنقلابيين موقفا نبيلا و شجاعا لا نملك إلا أن نحيّيه و نقول له شكرا سيّدي الرئيس لقد رفعت رؤوسنا عاليا و جلبت الإحترام لتونس و طبعا لن يشعر بهذا الإحساس إلا من كان يعيش خارج الوطن أو يتعامل مع أجانب حيث تجد الكلّ يؤدّوا لك التحيّة بمجرّد أن يعرفوا أنّك تونسي لا لشيء إلا لموقف رئيسك مما يجري في بلدان الربيع العربي من ثورات مضادةّ.
كذلك فإن رئيس الدولة الذي طالما حاولت المعارضة تقزيمه و إظهاره بمظهر الرئيس الصوري المنزوع الصلاحيات  كشّر عن أنيابه و أبرز مخالبه و إنغمس في عمليّة تطهير كبرى للمؤسسة العسكرية حيث قام بتغييرات جذريّة لم تكن تخطر على بال المتنفذّين في تلك الأجهزة إذ تمكّن الرجل من الإطاحة بأسماء كبيرة في مدّة وجيزة و هو ما يدلّ على أنّه بصدد العمل دون ضجيج ليس مثل المتهكمين عليه من معارضي أنفسهم الذين لا نخالهم سيسكتوا على هذه الخطوات التي قام بها الرئيس حيث عوّدونا دائما بمعارضة كلّ شيء لكن ما فاتهم أو ما لم يفهموه إلى حدّ الآن أن أحزاب الترويكا تنسّق بلا شكّ فيما بينها خاصّة المؤتمر و النهضة حيث ما إن يهادن أحدهم إلا و يتصلّب الآخر يعني يتبادلون الأدوار و هو ما تمّ فعلا خلال هذه المرحلة.
تخيّلوا معي مثلا لو كان أحد زعماء المعارضة لا قدّر الله رئيسا لتونس في هذا الوقت كيف ستكون مواقف تونس الخارجيّة تجاه ما يحدث في مصر و سوريا...لن أضيف أكثر لأن حجم مخيّلتي حقيقة أقلّ من ذلك بكثير و هي ترجوني أن أختم المقال لأنه لا يمكنها مواصلة الخيال الذي يرفض بدوره إلا أن يكون ثوريّا كما كان الرئيس محمّد المنصف المرزوقي فشكرا مرّة أخرى لهذا الرجل لأنّ من تواضع لتونس و خدم الثورة بصدق قبّلنا له الجبين و أسكناه في عروش قلوبنا.
 

التعليقات

  • Soumis par لمياء (non vérifié) le 22 أوت, 2013 - 02:42
    أنا من بني علمان ونعيش في الخارج :) وعندي عامين كيف نتعدّى في الشارع مهبط راسي ... وما تنساش إلى الرئيس الي تمجّد فيه يقول انه من بني علمان ... من بعد أعوام سنعرف من هم العمالقة ومن الأقزام يا ناصر يا رقيق ...
  • Soumis par وحيد بالإخظر (non vérifié) le 22 أوت, 2013 - 12:34
    يكفي الرئيس الدكتور المنصف المرزوقي فخرا أنه الرئيس العربي الوحيد تقريبا الذي يقف مع الشعبين السوري والمصري رغم الأمواج العاتية التي تواجهها الثورة التونسية ومحاولةإجهاضها ويكفيه فخرا أن لايرد على السباب ومحاولات التقزيم من طرف أحقر وأحط وأرذ ل معارضة وأتفهها عبر العالم إنها المعارضة المسخرة في تونس - لايجب أن ننسى أيضا مواقف الشرف والعزة لحزبي المؤتمر والنهضة وفي مثل هذه الظروف تقاس الرجال
  • Soumis par mongi (non vérifié) le 22 أوت, 2013 - 08:22
    yabka mafkara litunis,awel raiss douktour,bahet,houkouki,kateb.... mada touridoun,am annakom ta3awatom 3ala souari zawg al-haggama allati kanat tousahibakom aynama kontom.......
  • Soumis par أنيس (non vérifié) le 22 أوت, 2013 - 08:22
    الرئيس المنتخب يكون دائما في خدمة شعبه.
  • Soumis par عبدالحكيم محيمدي (non vérifié) le 22 أوت, 2013 - 08:29
    شكرا لصاحب المقال اولا وانا اشاطرك الراي فانا وفي عدة نعليقاتي على كل من شكك في السيد الرئيس كنت دوما اقول صبرا ال تونس فرئيسكم يطبخ برامجه واصلاحاته على نار هادئة فاصبروا عليهم وسيكشر عن انيابه في الوقت المناسب الذي يختاره ......
  • Soumis par ليلى الجزائرية (non vérifié) le 22 أوت, 2013 - 09:00
    انا جزائرية واعشق المرزوقي لانه رجل ذو مبادئ و عروبي حتى النخاع لكن من كثرة الاقزام والمتسلقين اصبحت الهامات الكبرى تعمل في تستر حتى لا تثار حولها البلابل ، استمر سيدي لا تكترث سيعرفون قيمتك ذات يوم .
  • Soumis par محمد الصادق بربوش (non vérifié) le 22 أوت, 2013 - 09:07
    والله ما كنت اتصور ان فى تونس او حتى من النهضة من هو مضروب فى المرزوقى مثل كاتب المقال. يعطية الصحة والف ********* باش ما عادش ينجم يتراجع فى كلامو ************
  • Soumis par الطاهر (non vérifié) le 22 أوت, 2013 - 10:08
    هذا بالضبط ما ينطبق علي رئيسكم الموقر و المؤقت الدكتور المرزوقي و هذا لسببين أولا هو في مكانة و مستوي لا يليق إلا بالعمالقة فهو رئيس الجمهورية التونسية (و لو انه جاء إثر إقتسام للطرطة) و ما ادراك ما تونس هذا البلد العملاق بتاريخه و حضارته و شعبه... و لكن و مع الأسف فالدكتور لم يرتقي إلي هذا المستوي و لم يعطي المكانة التي وصل إليها او التي أوصلوه إليها القيمة و الحجم المناسب لها فضل قزما أمامها و هذا شيئ متوقع فالمفكر و الحقوقي و المثقف لا يمكن أن يكون سياسيا أو مسؤولا لأن ذلك يحد من إمكانياته و يسلط عليه ضغطا لا يحتمله. أما فيما يتعلق بالمقال فلا أدري هل نسي ام تناسي صاحبه مواقف و الدكتور التي عادت علينا بالمضرة أكثر من النفع كطرده للسفير السوري و تركه آلاف التونسيين مشردين أو كحادثة المحمودي أو تصريحاته المخجلة في الخارج "نصب المشانق" أو الحادثة مع مستشاره الذي أطرده و تصريحاته علي المشكل الكوري أو توعده لمن يتطاول علي قطر...و غيرها من المواقف و التصريحات اللامسؤولة و المتسرعة و المخجلة أحيانا فأي فخر و أي عزة...وأما الإصلاحات و التي لا أري لها أثرا و لا تعدو إلا تغيرات بسيطة و غدارية روتنية عادية لا ترتقي لدرجة الإصلاح (لا تتجاوز تعينات و ترقيات علي إثر شغورات أو إستقالات أو تقاعد)..و هنا أسأل أين الوعود الإنتخابية للدكتوربالإصلاح الإداري و محاسبة الفاسدين و العدالة الإنتقالية حتي مكثر قال انها ستصبح ولاية و القيروان عاصمة.....هراء في هراء ....و ألففت نظر صاحب المقال أن التونسي ذو عزة و فخر و محل إحترام منذ الأزل فلا المرزوقي و لا غيره سبب تقدير العرب والغرب لنا بل أصلنا و تاريخنا و حضارتنا و علماءنا و حكماءنا علي مر التاريخ و لا يعدو هذا المرزوقي إلا قطرة من فيض رجالات تونس الأبرار..و أخيرا ليس هناك أقوي دليل علي أن المرزوقي يعيش حالة من اللاوعي و الهستيريا السياسية و التذبذب في المواقف و الآراء و حياده عن مبادئه و تراجعه عنها هو إبتعاد أهم رفقاء الأمس و أنصار حزبه و قادته (عبو العيادي هميلة...) عنه و هروبهم و تنصلهم من حزبه .
  • Soumis par وحيد بالأخضر (non vérifié) le 22 أوت, 2013 - 13:23
    شكرا جزيلا لصاحب المقال أقول للسيد الطاهر أن أمثال المرزوقي من أسباب تقدير العالم لنا لأنه من علماء هذه البلاد وهو طبيب وحقوقي وأديب وصاحب مبادئ فأنت على ما يبدو من يعيش حالة اللاوعي والتناقض الواضح والتذبذب في المواقف ( إرجع إلى ما كتبته) أما المرزوقي فلم تزده السياسة إلا ثباتا على المبادئ والدليل أنه الرئيس العربي الوحيد تقريبا الذي يقف ضد الطغمة الحاكمة في دمشق والقاهرة
  • Soumis par ياسين الربعي (non vérifié) le 22 أوت, 2013 - 10:11
    ولو اني غير متفق في عنوان المقال حيث السيد المرزوقي كان كالحلزون لا نراه الا في الامطار ولكن هته الامطار ان كانت خفيفة ظهر الحلزون وفرحنا به ولكن ان كانت كبيرة حتى الحلزون نفسه فسوف لن يجد نفسه ومع كل هذا فموقفه يحتسب له عاشت تونس حرة وعاش الشعب

علِّق