على خطى " أختها الستاغ " : الصوناد تتوخّى سياسة " الغدرة " لتحصيل " الخراج " لكن بأيّ حق ؟

على خطى " أختها الستاغ " : الصوناد تتوخّى سياسة  " الغدرة " لتحصيل " الخراج " لكن بأيّ حق ؟


حدّثني أحد المواطنين بأحد أحياء المروج فقال : " يوم أمس لم أذهب إلى عملي بسبب  بعض الظروف الصحية . ويبدو  أن عدم ذهابي كان فيه مصلحة وإلا لست أدري كيف ستكون الأمور اليوم . فحوالي الساعة الحادية عشرة جاءت سيارة  الشركة  التونسية لاستغلال وتوزيع المياه  ( صوناد ) ومباشرة اتجه العون نحو عداد الماء ( وكنت بالصدفة على بعد خطوتين من المكان ) وبيده مفتاح وورقة . ودون أي تردد همّ بقطع التزوّد بالماء قبل أن أستوقفه لأستفسر عمّا يريد فعله فأجاب بكل ثقة بالنفس قائلا : " عندك عام  و تسعة شهور ماكش خالص ... باش نقصّ الماء ".
عندئذ وللأمانة  والحقيقة " ركبني مليون عفريت " واتجهت  نحوه وأغلقت باب العداد بقوة وقلت له : " لو أن لك ذرة واحدة من الشجاعة أو لست أدري ماذا إقطع  الماء ...".
وللحقيقة أيضا فقد تراجع العون وسألني في شكل تأكيد : ماذا عساني أفعل وأمامي ورقة تثبت أنك لم تسدد ما عليك منذ عام وتسعة أشهر؟. قلت : وهل من عادة الصوناد أن تصبر على حرفائها 21  شهرا لا تنقص أي يوم ؟؟؟. وانطلقنا في جدال عقيم لا طائل من ورائه وحاولت في الأثناء أن أفهم العون أنني لست  لا " سوبرمان " حتى أفرض إرادتي على الشركة ... ولا الرجل الخفيّ الذي يستهلك الماء 21 شهرا دون أن تتفطّن إليه عيون  " الصوناد " التي لا تنام ... ولا أيضا متهرّبا ممّا ليس لنا منه أي مهرب أو هروب .
وفي الأثناء أعلمت العون بأنه لم يمض أكثر من نصف شهر تقريبا على آخر فاتورة قمت بتسديد مبلغها وبذلك أكون " خالص مشي وجيّ " مع " الصوناد " التي لم  يعد لها بذمّتي أي مليم ... على الأقل إلى حدّ تلك الساعة . وحتى أكون دقيقة معه دخلت إلى المنزل وجلبت له ما يفيد كلامي . وأمام الحجة الدامغة لم يجد العون إلا أن يعتذر... ثم صعد إلى السيارة  مع زميله وانصرف لا يلوي على شيء .
أما وقد علمت في ما بعد من بعض الأجوار أو حتى من أناس  آخرين  في أحياء  أخرى أن ما حصل معي حصل معهم أيضا فقد استخلصت أمرا وحيدا وهو أن " الصوناد " قد تكون غارت من أختها " الستاغ " التي لا ترقد ولا يهنأ لها بال إلا إذا نزلت على العباد إما بزيادة بين ساعة وأخرى دون أن تعلم أحدا  وإما بفاتورة من وراء الخيال هدفها التعجيز وبالتالي تكون ذريعة  لقطع الكهرباء ثم الدخول في متاهات وربما مساومات ...فأرادت هي أيضا أن تلعب معنا لعبة " الغمّيضة " . فإذا اتضح لها أن الحريف متفطّن ومتابع  وحريص على صون حقّه  وعدم الانصياع إلى سياسة الإيهام أو الأمر الواقع عدلت عن خطتها معه واعتذرت  له عن " الخطأ " الذي يبدو أنه ليس خطأ . وإذا اتضح أن الحريف " خوّاف "  ويمكن أن يصدّق أي شيء حتى لو قيل له إنه لم يسدد مليما واحدا طوال حياته لفائدة " الصوناد " فإن هذه الأخيرة يمكن أن تضرب ضربتها على أساس أن الفلس مع الفلس يمكن أن تصبح النتيجة " كدس " . ودون أن أدخل في تفاصيل كثيرة أقول إن المواطن في هذه البلاد مسكين . كل الأطراف تنهش لحمه وشحمه ( إذا بقي فيه شحم ) وتخرب جيبه ولا أحد يرحمه .كل جهة في هذه البلاد  تفعل به ما تريد ... كل يوم يصبح على مصيبة جديدة وعلى بأس جديد . فهل إن " الصوناد " ستكون الاستثناء في كل ما يرتكب ضد هذا المواطن  المسكين ؟.".
جمال المالكي

التعليقات

علِّق