سيعلنها اليوم صريحة وعالية : " ترامب " يطلق رصاصة الرحمة على " جثّة " العالم العربي والقدس قد تضيع إلى أبد الآبدين

سيعلنها اليوم صريحة وعالية : " ترامب " يطلق رصاصة الرحمة على " جثّة " العالم العربي والقدس قد تضيع إلى أبد الآبدين


يستعد الرئيس الأمريكي " دونالد ترامب "  اليوم للإعلان رسميا أن القدس  عاصمة لإسرائيل  وأنه سينقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس .
وسيكون هذا الإعلان سويعات بعد أن اتصل " ترامب " بكل من ملك الأردن عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس  ورئيس وزراء الكيان  اللقيط بنيامين نتانياهو  ليعلمهم بنيته الإعلان رسميا عن هذا الإعتراف  الذي يمثّل سابقة سياسية لم يتجرّأ عليها أي رئيس للولايات المتحدة منذ نكبة فلسطين سنة 1948 .
ويتزامن هذا الإعلان المنتظر مع قرار أمريكا اليوم بالذات قطع المساعدات التي كانت ترصدها للسلطة الفلسطينية  بما يعني أن الفلسطينيين ( سلطة وشعبا ) لم يعد لهم في هذا العالم العجيب غير رب كريم .
ولعلّ الأمر الوحيد الأكيد حاليا هو أن العرب يعيشون واحدة من أسوأ الفترات في تاريخهم  لكنّهم لم يتّعظوا  أبدا من التاريخ ومن التجارب السوداء التي خاضوها مع كافة رؤساء الولايات المتحدة ومع أغلب الرؤساء والزعماء الغربيين . ولم يفهم العرب إلى اليوم أن علاقة الغرب بهم ومنذ أقدم العصور لم تكن يوما مبنيّة  على " سواد أعينهم"  بل كانت وما زالت وستظلّ مبنية على المصالح  وعلى الانحياز الجزئي أو التام للكيان الذي زرعه الغرب بنفسه  في جسد أمة العرب . لم يفهموا أبدا أن كافة المصائب التي مرّوا بها وما زالوا وسيظلّون يمرون بها  هي في الأساس " من تحت رأس " أمريكا وإسرائيل  بالدرجة الأولى وبعض القوى الغربية الأخرى  بدرجة ثانية رغم أن تلك القوى  ما فتئت تناور وتوهم العرب بأن لها صداقات معهم وأنها " جادّة " في الوصول إلى حل عادل للقضية الأزلية : القضية الفلسطينية .
لم يفهم العرب أن الغرب عموما يرى فيهم منذ أقدم العصور أعداء يجب التعامل معهم على هذا الأساس . لم يفهموا أن الفتن والحروب التي دارت أو تدور هنا أو هناك من بلدانهم  كانت دائما بفعل فاعل يسعى دائما إلى تشتيتهم وتشتيت كلمتهم ومواقفهم حتى لا يكون لهم أي وزن  وأن هذا " الفاعل " نجح في هذه المخططات  بفضل أمرين على الأقل : حرصه الشديد على ألّا يتّحد العرب مهما كان الثمن وبالتالي هو ينفق باهظا على هذا الرهان ... والغباء السياسي التاريخي الذي صار للأسف الشديد إحدى أبرز سمات العرب . ولقد لعب هذا " الفاعل " طيلة عقود من الزمن على التناقضات بين العرب أحيانا وعلى النعرات  القبلية أو العرقية أو الدينية أحيانا أخرى فلم يدّخر يوم جهدا لتغذيتها وصبّ الوقود عليها كلما خمدت  قليلا أو خفتت نارها ... وهو أيضا لعب على الغرام الكبير للحكام العرب بكرسي السلطة  الذي لا يغادره أحد منهم إلا إلى المقبرة أو إلى المنفى أو إلى الإقامة الجبرية  بعد انقلاب قد يتولّاه أحيانا أقرب المقربين من هؤلاء الحكام .
وطوال التاريخ المعاصر على الأقل نهش الغرب ( وفي مقدمته أمريكا بالأساس ) من ثروات العرب  ونهب منها ما  لو أنفقه العرب على أنفسهم  لما احتاجوا إلى مخلوق على وجه الأرض . ولم يكتف الغرب بالنهش والنهب المزمن  بل كان وما زال وسيظلّ  يشعل فتيل الخوف والرعب داخل قلوب العرب وعقولهم من بعض العرب الآخرين أو من إيران أو من أي أمر آخر حتى لو كان من نسج الخيال . وفي المقابل يسعى دائما إلى الاستفادة من زرع الخوف والشقاق والنفاق لدى العرب من خلال أن يبيعهم  " أسقط " ما عنده من سلاح وعتاد لا يجب طبعا أن يبقى في المخازن فيأكله الصدأ . كما يسعى الغرب دائما وأبدا إلى أن يدفع العرب عموما و " شيوخهم " بصفة أخصّ فواتير أي عمل تخريبي يقوم به في أي بلد من بلاد العرب  والأمثلة عديدة ولا تحصى سواء في العراق أو اليمن أو سوريا أو ليبيا أو السودان وغير ذلك طبعا كثير.
وعندما يعلن اليوم رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم أن القدس عاصمة رسمية لإسرائيل  فليس لهذا غير معنى واحد وهو أن " ترامب " قال في العلن ما  كان يقوله سابقوه في السرّ . هو قالها بكل صراحة : " أنا أساند إسرائيل وأدعم إسرائيل وسأظل على هذا الموقف أبد الدهر ولا تنتظروا منّي أيها الحمقى أن أتغيّر... أحببتم هذا أم كرهتموه ... إن إسرائيل عندي وعند الغرب  أرفع منكم شأنا وقيمة لكنّكم بغبائكم لا تدركون وتنتظرون منّا أن نساعدكم وأن نعادي إسرائيل من أجلكم ... ".
وفي ظل كل ما يحدث  فإن حقيقة واحدة تتأكّد لدينا اليوم وهي أن الفلسطينيين قد تركوا لأنفسهم ومصيرهم بلا أي سند ولا أي دعم رغم ما يقال من هراء هنا أو هناك عن " تحريك العالم العربي والإسلامي  للتصدّي لمخطط ترامب " ورغم التحذيرات المسرحية من قادة بعض الدول الغربية أو العربية أو الإسلامية من " تداعيات هذا القرار الخطير على الغرب قبل العرب " ... ورغم التهديد الأجوف بردّ الفعل والقيام بخطوات  عملية  " لإنقاذ القدس وعدم تهويدها " ربما إلى الأبد .
ولعلّ الخلاصة في كل هذا أن الغرب عرّى اليوم وجهه الحقيقي القبيح الذي ظللنا نحن العرب عشرات السنين نرفض أن نراه على حقيقته . فهل يفهم العرب أنهم ما لم يدركوا واقعهم وما لم يعملوا على تغييره فإن الغرب لن يكون حريصا على مصالحهم أكثر منهم  بل العكس هو الصحيح إذ سيظل الغرب حريصا على تقسيمهم وتفريقهم وضربهم رأسا برأس حتى يحقق ما يرد وما تريد إسرائيل  التي لا يخجل حتى البعض منّا للأسف الشديد  من التقرّب منها ومن التطبيع معها .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق