سوريا ، اللغز الذي حيّر الجميع

سوريا ، اللغز الذي حيّر الجميع

تطالعنا يوميا أخبار سوريا التي مازالت تنزف دمّا بعد أن خربت عديد المدن فيها لعلّ أهمّها مدينة حلب، بل إننا سنتحتفل قريبا بعيد الإضحى في الوقت الذي يقتل فيه و يجرح فيه اخوتنا.

و إن كانت الثورة السورية أو المصرية لم تتجاوزا الشهر فإن الثورة السورية قد تجاوت السنة و حتى الآن مازالت تراودنا الشكوك حول حقيقة هذه الثورة التي لم تعرف نهاية سريعة كغيرها من الثورات.

لقد نادى بشار الاسد بقتل من وصفهم بالإرهابيين الذين يهاجمون سوريا و يدمرونها في الوقت التي تطالب فيها وسائل الإعلام مثل الجزيرة و العربية و France 24 و BBC بدعم هؤلاء الثوار الذين جاؤوا لمنح سوريا الحرية و الاستقلال.

و تتضارب الأقوال و الآراء حول هذه القضية السياسية التي أخذت بعدا عالميا بعد أصبح كلّ من إيران و الصين و روسيا مساندين لسوريا فيما دعت الولايات المتحدّة الأمريكية بشار الأسد إلى التنحي جانبا، غير أن الانتماء إلى حزب البعث يفرض على صاحبه مواصلة مشوار الكفاح إلى حدّ آخر رمق في حياته.

بشار الأسد و حرب التكنولوجيا الحديثة

ما جعل عملية سقوط بشار الأسد صعبة قليلا هو تفطّن بشار الاسد إلى دور الإعلام و المواقع الاجتماعية في التأثيرعلى الرأي العام.

فسعى بشار إلى السيطرة على عدد من وسائل الإعلام بما فيها القناة السورية الرسمية علّه ينجح في إيصال رسالته إلى الرأي العام السوري.

كما جنّد بشار فريقا لتأثيث صفحته وصفحة زوجته و صفحات بعض السياسيين و صفحات الوزارات على الموقع الاجتماعي الأكثر شهرة الفايسبوك. ليتحول الصراع من الميدان إلى العالم الافتراضي. و يجد بشار نفسه في مأزق أمام تنامي عدد الصفحات المعارضة.

و إذا كان وزير الإعلام الألماني قوبلز في الحرب العالمية الأولى يخاطب الإذاعيين بقوله "اكذبوا ثمّ اكذبوا ثمّ اكذبوا" فإن بشار الأسد وجد في الفايسبوك ضالته دون أن ندرك حتى الآن إن كان ما يقوله صحيحا أو خطأ. فإذا كان إعلامنا المحلي يهولّ الاشياء في بعض الأحيان و صفحات الفايسبوك تصنع من الللاشيء حدثا، فهل يمكن أن نصدّق ما هو أجنبي إن لم نرى بأعيينا ما يحدث فوق عين المكان؟....

للأسف، نحن نعيش اليوم في حرب الإعلام التي تطورت و أصبحت حرب المواقع الاجتماعية. فهذا يؤكد أن بشار ضحية و الآخر يؤكد مجرم. أما نحن التونسيين فقد انقسمنا بدورنا حين ناقشنا موقف الحكومة التونسية من الثورة السورية.. غير أن مساندة أغلبية الشعب التونسي للربيع العربي جعله ينقم من بشار جرّاء ما يشاهده من صور على التلفزيون و الانترنت و التي تصور معاناة الشعب السوري الشقيق.

لقد أصبحنا لا نستطيع أن نفرق بين الصواب و الخطأ، فيما تأثر البعض بمضمون بعض الوسائل الإعلامية التي تشتغل مما لاشك فيه لصالح أجندات سياسية معيّنة، غير أن التاريخ سيسجل كل شيء و يوما ما ستنقشع هذه السحابة السوداء عن أعيينا و نكتشف حقيقة ما يحدث في سوريا التي تظل إلى حدّ هذه اللحظة لغزا يحيّر الجميع، حالها كحال القناصة بتونس الذين غابوا عن أعيننا مثلما يذوب الملح في الماء.

نهى

التعليقات

علِّق