سلع تقوم الديوانة بافتكاكها على الطرقات : متى ينتهي الكابوس ويتنفّس المواطنون ؟
مرّة أخرى نعود إلى الحديث عن موضوع حجز سلع المواطنين من قبل دوريات الديوانة على طرقاتنا خاصة أن كل ما قيل في هذا الموضوع لم يعط أيّة نتيجة وتواصلت الحال على ما هي عليه منذ سنوات.
وقد سمعنا منذ بضعة أيام امرأة تروي قصّتها في إحدى الإذاعات مؤكّدة في روايتها أنها اشترت جهاز تلفزة من إحدى مناطق الجمهورية التونسية وأرسلته إلى ابنتها ( على ما يبدو ) يعني أن عملية البيع والشراء تمت في وضح النهار وعلى مسمع ومرأى من العالم كلّه ... لكن دورية تابعة للديوانة التونسية أوقفت السيارة التي كانت تحمل ذلك الجهاز فصادرته وقامت بتغريم الناقل بغرامة مالية بالإضافة إلى حجز البعض من وثائق السيارة التابعة للناقل الذي لم يفهم ( ونحن معه أيضا لم نفهم ) ما دخله أصلا في الحكاية ولماذا ينال غرامة ولماذا تحجز وثائق سيارته والحال أنه يتعاطى نشاطا قانونيا مرخّصا فيه وهو نقل البضائع؟؟؟.
هذا الموضوع ما زال يثير الحبر الغزير دون أن يعرف أحد متى ينتهي هذا الأمر الذي أصبح بكل صراحة كابوسا ومرعبا ومخيفا بالنسبة إلى المئات من التونسيين والتونسيات عل الطرقات.
وليس المجال طبعا يسمح بذكر أمثلة عديدة لا شكّ أن العديد منكم يعرفها أو عاش بعضها أو سمع عنها. لذلك نكتفي بذكر ما يحدث منذ سنوات في سوق بن قردان على سبيل المثيل. هذه السوق كانت وما زالت قبلة للمئات إن لم نقل الآلاف من التونسيين والتونسيات الذي يقصدونها لشراء بضائع مختلفة صالحة للاستعمالات المنزلية . ولأن أسعارها زهيدة مقارنة بما هو موجود في الأسواق والمحلات التجارية الأخرى فإن الإقبال عليها كبير جدّا ويتم تنظيم رحلات خاصة من أغلب جهات البلاد خاصة من قبل النساء اللاتي يرغبن في " تجهيز " بناتهنّ للزواج.
وفي هذا السوق بإمكان أي شخص أن يشتري ما يريد تحت أنظار كل من يهمّهم الأمر من شرطة وأعوان بلدية وربما أيضا أعوان المراقبة التجارية . وبعد كل عملية شراء يتحتّم على كل شخص أن يدفع معلوما للبلديّة التي تشرف على إدارة السوق مقابل وصل رسمي يسلّمه عون البلدية المجود في السوق لكل شخص دفع المعلوم.
وبمجرّد أن ينطلق الشخص بسيارته أو شاحنته ويبتعد 10 أو 15 كيلومترات على بن قردان حتى توقفه دورية ديوانة فيتثبّت أعوانها من كافة السلع التي يحملها ويطالبونه إما بدفع معلوم باهظ جدّا وإما يحجزون تلك السلع... ولا تمرّ منهم إلا السلع التي يستظهر صاحبها بأنه تاجر في تلك الأنواع من السلع.
وقد أكّد لنا أكثر من طرف في هذا السياق أن الشخص الذي يتم إيقاف سيارته يكون مجبرا على " التنازل " وحتى على " الخسارة " إن لزم الأمر فيطيع " الأوامر " فيواصل طريقه دون أن توقفه أيّة دورية لمئات من الكيلومترات.
أما الشخص الذي " يركب دماغه " فتحجز سلعته مثلما قلنا ولا حول ولا قوّة له إلا بالله العظيم.
هذه مجرّد أمثلة قليلة من مئات أو آلاف أخرى من الحكايات التي لا تختلف معها إلا في بعض التفاصيل. والآن دعونا نسأل لنحاول أن نفهم :
- هل إن شراء السلع في تونس ومهما كان نوعها يخضع ( حسب الديوانة) إلى ترخيص مسبق يجب الحصول عليه قبل أي شراء؟.
- هل إن دفع المعلوم البلدي والحصول على وصل رسمي في الغرض لا يعتبران كافيان في نظر الديوان لتبرئة ذمّة أي شخص اشترى سلعا من التراب التونسي؟.
- هل إن بنقردان ( وغيرها من الأسواق الأخرى الشبيهة ) تنتمي إلى ليبيا الشقيقة مثلا حتى يكون المواطن التونسي مجبرا على التصريح بمشترياته ودفع المعاليم المستوجبة عليها؟.
- هل إن ما يحدث مقصود بحيث تغمض الديوانة عينيها عن كل ما يحدث داخل السوق وما أن يصبح المواطن خارج السوق حتّى يتدخّل أعوانها فيفعلون به ما يفعلون؟؟؟.
إن المواطنين التونسيين الحريصين على أن تكون ديوانتهم قويّة فتحرس حدودنا وتحافظ على اقتصادنا حريصون أيضا على أن يفهموا ( وبالتالي نفهم معهم ) كل ما يجري وأهم أمر يريدون فهمه هو : هل إن شراء السلع من الأسواق التي تقع داخل التراب التونسي بات للأسف الشديد ممنوعا على التونسيين؟.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق