" زلزال " ياسين العياري في 17 ديسمبر ... دروس مستخلصة وعبر لكافة السياسيين

" زلزال " ياسين العياري في 17 ديسمبر ... دروس مستخلصة وعبر لكافة السياسيين

 

نجح المدوّن ياسين العياري في " قلب الطاولة " على الأحزاب السياسية بفوزه يوم أمس في الانتخابات الجزئية بمجلس النواب عن  دائرة ألمانيا بـحصوله على   284 صوتا  أمام مرشح نداء تونس الذي تحصل على 235 صوتا يليه مرشح التيار الديمقراطي  الذي صوّت له 135 ناخبا.

وقد مثّل فوز العياري بمقعد في البرلمان " زلزالا " سياسيا وفق المتابعين للشأن السياسي في تونس  على اعتبار أن العياري لم يكن مدعوما من أي حزب سياسي أو مسنودا من رجال أعمال أو " ماكينة إعلامية" .  كما أنه لم يضخّ أموالا ضخمة في حملته الانتخابية خلافا لبقية المترشحين   مما جعل فوزه أمام مرشحي بقية الأحزاب حدثا سياسيا مفاجئا .

انتخابات ألمانيا كشفت عديد الملاحظات والدروس  وبيّنت بدرجة أولى حجم المقاطعة وعزوف الناخبين عن التصويت  في دائرة بها ما يزيد عن 26 ألف ناخب ،حيث بلغت نسبة الإقبال 5 بالمئة وهو رقم ضعيف جدا وقياسي  من الناحية السلبية طبعا .

الملاحظة الثانية  التي يمكن الخروج بها من نتائج الانتخابات هي فقدان الأحزاب الحاكمة لشعبيتها بشكل كبير واهتزاز ثقة المواطنين  في السياسيين .  ففوز ياسين العياري تحقّق في دائرة تعتبر من الدوائر الانتخابية السهلة و "المضمونة " لنداء تونس وهي معقل لرجل الأعمال فوزي الخماسي الذي يعيش ويستقر هناك منذ أكثر من 4 عقود ولديه عمّال وأقارب ما يكفي للتصويت لأي مرشح ندائي وضمان فوزه .

الملاحظة الثالثة تتمثل في إقبال الشباب على التصويت  إذ بينت التقارير الأولية أن أغلب المصوتين في انتخابات ألمانيا كانوا من الشباب  بمعنى أنهم وجدوا أنفسهم في ياسين العياري كشابّ ثائر وثوري  عكس بقية الأحزاب التي روجت دائما لخطاب تقليدي كلاسيكي خال  من أية برامج للشباب .

ويتبين من خلال  هذه النتائج أيضا صعود المعارضة بشكل كبير.  فالمرتبة الأولى فاز بها ياسين العياري وهو من أبرز المعارضين للائتلاف الحاكم وخاصة نداء تونس وحركة النهضة  أما التيار الديمقراطي فحلّ في المرتبة الثالثة .

وإذا تم الجمع بين الأصوات التي تحصل عليها ياسين العياري والتيار الديمقراطي فنستنتج أنهما تحصلا على أكثر من 50 بالمائة وهي نسبة عالية جدا  تؤكد أن المعارضة لو توحدت في الانتخابات القادمة ستكون لها أسبقية على حزبي النداء والنهضة .

نتائج الانتخابات كشفت أيضا هزيمة للجبهة الشعبية  ، وهي من المفروض أن تمثل المعارضة وتتزعمها لكن يبدو أن إفلاس خطابها السياسي وتكرار نفس الخطاب كان حائلا دون  تقدمها في الترتيب .

خلاصة  القول أن الانتخابات الجزئية في ألمانيا هي انتصار للديمقراطية مهما كان اسم الفائز  ورغم ما رافقها من بعض الممارسات غير القانونية ومحاولات شراء ذمم وأصوات الناخبين من قبل أطراف عرفت بانتمائها للعهد البائد . وقد  دارت في أجواء مستقلة وديمقراطية بشكل مقبول .  لكن كل ما يخشاه البعض أن تتسبب النتائج الحالية في تأجيل المواعيد الانتخابية القادمة إلى حين استعادة أحزاب السلطة عافيتها ...
ش.ش

التعليقات

علِّق