رسالة إلى حسين العباسي : من حق الإتحاد أن يدافع عن الشغالين لكن هل من حقه الدفاع عن " الباندية " والفوضى؟

الحصري - رأي
لا أحد في هذه البلاد يمكن أن يزايد عن الإتحاد العام التونسي للشغل في تاريخه المجيد ونضاله الوطني منذ نشأته إلى اليوم . لكن في المقابل هناك أمور أصبحت اليوم فوق الاحتمال ويجب أن تناقش بين كافة الأطراف المعنية بها بكل هدوء وبقلوب مفتوحة وراغبة في إيجاد الحلول لهذه المسائل بعيدا عن كل الحسابات الضيقة .
ودون إطالة نقول إن الموضوع يتعلق أساسا بالإضرابات العشوائية والإعتصامات الفوضوية التي أصبحت لا تحصى ولا تعدّ بعد الثورة ولا يختلف عاقلان في أن بعضها له مبررات قد تكون منطقية ومقبولة وبعضها لا شيء يبرره على الإطلاق .
هذه الإضرابات تعرفون ونعرف جميعا كم أرهقت البلاد وأضرت بالاقتصاد بذلك الكمّ الهائل من الخسائر على غرار ما حصل ويحصل في "شركة فسفاط قفصة" التي لو أنها لم تحصل ما كانت بلادنا تصل إلى ما وصلت إليه اليوم من وضع اقتصادي ينبئ بالكارثة لا قدّر الله .
ومثلما قلنا في البداية فإنه لا أحد يمكن أن يشكك في تاريخ الإتحاد العام التونسي للشغل على مرّ تاريخه الطويل ولا في الدور الكبير الذي لعبه في تونس ما بعد الثورة أو في حقه المطلق في الدفاع عن الشغالين بالطرق القانونية بما فيها الإضراب الذي كفله الدستور . لكن ما لا يمكن تفسير أن يدافع الإتحاد عن أشخاص لا ينتمون إلى شركة يقومون بتعطيل العمل فيها والاعتصام أمام مقرها منذ مدة ليضغطوا لانتدابهم والحال أنهم لا يمتّون لها بصلة . وحتى لا يكون كلامنا في المطلق نقول إننا نعني ما يحصل مثلا في صفاقس أو في جزيرة قرقنة منذ حوالي نصف شهر وتحديدا أمام شركتي "بريدج غاز" " بيتروفاك " المختصتين في التنقيب عن الطاقة . فقد دأبت هاتين الشركتين منذ حوالي 4 سنوات على دفع مبالغ مالية للسلط المحلية والجهوية مساهمة منهما في الأعمال التنموية في الجهة عبر صندوق البيئة.
وقد اكتشفت الشركتين مؤخرا أن مبالغ لا يستهان بها تصرف في غير موضعها أي أن حوالي 300 شخصا ينتفعون بمنح شهرية هي عبارة عن مرتبات والحال أن أغلبهم وجد عملا أو انتقل إلى عمل أفضل بامتيازات أفضل ومع ذلك ما زالوا إلى اليوم يتمتعون بمنحة المشروع البيئي التي تم الاتفاق مع السلط ومن خلال محاضر رسمية على أن تكون بصفة مؤقتة ريثما يجد المنتفعون بها الأعمال التي تناسبهم .
وعندما قامت الشركة بإعلام السلطة بأنها ليست مستعدّة لصرف أكثر من 1،5 مليون دينار سنويا لغير مستحقيه وأنها في المقابل مستعدة لمواصلة المساعدة في البرامج التنموية الحقيقية قامت الدنيا ولم تقعد. وقامت أطراف " مجهولة " بتحريض هؤلاء الأشخاص الذين لا علاقة لهم بالشركتين ليقوموا بتنفيد اعتصام مفتوح أمام مقريهما بهدف الضغط عليهما كي يواصلان دفع مبالغ لا تعرفا إلى أين تذهب .
وتجدر الإشارة إلى أن هته الإعتصامات الفوضوية تكلّف الدولة التونسية خسارة يومية قدرها 200 ألف دينار ( الخسارة بلغت إلى حد اليوم حوالي مليار و500 ألف دينار ) وأن أطرافا نافذة قامت " بتشجيع " المعتصمين طالبة منهم أن يواصلوا إلى أن " يجدوا لهم شغلا " ( و " يجدوا " هذه تعود على إدارة الشركتين التي لا علاقة لهما بالمعتصمين أصلا ) ...
وقد كان الأجدر بهذه الأطراف الفاعلة أن تدعو إلى دراسة الوضعية من كافة جوانبها على الأقل بهدف التوصّل إلى حلّ وأن تضغط على الأطراف الدخيلة كي تفك " الحصار " عن الشركتين عسى أن تواصل نشاطهما بتونس إذ يبدو أنهما ضاقتا ذرعا بوضعهما وقد تغادران بلادنا على غرار ما فعلت شركة " إيني " المنتمية إلى نفس الاختصاص.
ونعتقد أنكم على علم بالظروف التي غادرت فيها البلاد ... ولا شك أيضا أنكم على علم بأن شركات أجنبية لا يستهان بها قد غادرت وأخرى على الأبواب .
ومرة أخرى نعيد القول إننا لسنا ضد أن يدافع الإتحاد عن الشغالين لكن نطلب منكم باعتبار أنكم الأمين العام للمنظمة الشغيلة أن تتدخلوا لإرجاع الأمور إلى نصابها لأن حقيقة الأمر أن ما يحدث ليس دفاعا عن " عمّال " بل عن أشخاص دخلاء لا علاقة لهم بمثل هته الشركات.
ج.م
التعليقات
علِّق