رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد يرفض التعهد بشبهات الفساد التي بلغ عنها المستشارون الجبائيون ؟!

كتب : الاسعد الذوادي
أملا في إنصافهم ورد الاعتبار لهم وجبر ضررهم ورفع المظالم المسلطة عليهم طيلة عشرات السنين، بادر المستشارون الجبائيون بالانخراط في مسار العدالة الانتقالية كما تم نصحهم بذلك من قبل المفوضية السامية لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة على اثر تظلم تقدموا به لديها. وباعتبار جسامة الانتهاكات التي تعرضوا لها منذ عشرات السنين وبالأخص ذاك المتعلق بحرمانهم من حقهم في العمل، المنصوص عليه بالفصل الاول من القانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين، بمقتضى القانون الاجرامي عدد 11 لسنة 2006 الذي تم تمريره في ظروف فاسدة بالاعتماد على الزور والكذب والمغالطة والتعسف في استعمال السلطة. وللدلالة على بشاعة تلك الجريمة، يكفي الاطلاع على مداولات مجلس النواب المتعلقة بذاك القانون الفاسد التي ورد بها ان حرمان المستشار الجبائي من حقه في العمل عندما يتجاوز مبلغ النزاع الجبائي 25 الف دينارا جاء تطبيقا لما "اذن به الرئيس المخلوع بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة للتحول في 7 نوفمبر 2002" وهذا محض كذب سافر لا يصدقه الا اباطرة تجارة حقوق الانسان وصيادو المغانم واكلو لحوم البشر، علما ان الفصل الاول من قانون 1960، الذي لا زال ساريا المفعول كقانون دولة كما اكدت ذلك المحكمة الادارية من خلال رايها الاستشاري عدد 495 لسنة 2012، خول للمستشار الجبائي الدفاع على مصالح المطالبين بالاداء امام المحاكم الجبائية. الا يعلم الجهلة واعداء حقوق الانسان ان المستشار الجبائي مؤهل للدفاع على مصالح المطالبين بالاداء امام المحاكم داخل ألمانيا وايطاليا والنمسا وروسيا ورومانيا وهولندا وسلوفاكيا واسبانيا وسويسرا وبريطانيا واليونان وفنلندا وتشيكيا والكامرون والجزائر والبلدان العضوة باتحاد وسط افريقيا الاقتصادي. الا يعلم الجهلة واعداء المهنة ان المستشار الجبائي مؤهل للقيام بالاختبار العدلي الفني والقانوني في اغلب بلدان العالم التي نخص بالذكر منها المانيا والنمسا وروسيا ورومانيا وهولندا وسلوفاكيا واسبانيا وسويسرا وبريطانيا واليونان وفنلندا وبولونيا واسطونيا والنرويج وارلندا ومالطا وتشيكيا وبلجيكا والكامرون والبلدان العضوة باتحاد وسط افريقيا الاقتصادي.
وتتواصل الجرائم المرتكبة بصفة مفضوحة بهذا الخصوص عملا بقانون الغاب وتطبيقا للمثل الشعبي "حوت ياكل حوت قليل الجهد يموت" من خلال حذف مقترح وزير المالية الرامي في اطار مشروع قانون المالية لسنة 2016 الى تمكين المستشارين الجبائيين من استرجاع حقهم في العمل الذي سلب منهم في ظروف فاسدة كما اعترف بذلك وزير المالية من خلال جوابه الموجه لعضو مجلس نواب الشعب السيد فتحي الشامخي وذلك بتدخل من اعداء حقوق الانسان.
كما تتواصل الجرائم والانتهاكات الجسيمة المرتكبة في حق المهنة خاصة من خلال تصدي الفاسدين واعداء حقوق الانسان واصحاب المغانم لمشروع القانون المتعلق بتنظيم المهنة بالنظر للمعايير الموضوعة من قبل الكونفدرالية الاروبية للجباية الممثلة لاكثر من 200 الف مستشار جبائي داخل الفضاء الاروبي اين يسمح للمستشار الجبائي بالمرافعة امام محكمة العدل الاروبية والمحكمة الاروبية لحقوق الانسان، علما ان ذاك المشروع وعلى خلاف ما يروج له الجهلة واعداء حقوق الانسان والفاسدون لا يرمي الاعتداء على اية مهنة والى توسيع مجال تدخل المستشار الجبائي كما وردت بالفصل الاول من قانون 1960.
لا ننسى ايضا الانتهاكات الجسيمة المتعلقة باطلاق العنان للسماسرة في الملفات الجبائية ومنحهم معرفات جبائية لانتحال صفة المستشار الجبائي والتستر على اعمالهم التخريبية التي تكلف الخزينة العامة سنويا الاف ملايين الدينارات من خلال رفض رفع امرهم للنيابة العمومية والتنكيل بالالاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا في الجباية واصدار احكام جبائية فاسدة تمييزية وغير دستورية خاصة بعد 14 جانفي 2011 بغاية اغتصاب مجال تدخل المستشار الجبائي وابتزاز المؤسسات وتخريب قدراتها التنافسية كتلك المتعلقة باسترجاع فوائض الاداء وغيرها من الاحكام الفاسدة التي تشترط الانتفاع بحق بالمصادقة على القوائم المالية للمؤسسة من قبل مراقب حسابات وانكار قانون المهنة من خلال عدم تحديد الادارة المكلفة بمتابعتها والتصدي لتاهيلها بالنظر للمعايير الاروبية وتهميش الاختصاص الجبائي داخل الجامعة ورفض تحيين قائمة المستشارين الجبائيين التي تضم متوفين وموظفين عموميين والبعض من ممتهني المحاسبة وغيرهم من الممنوعين قانونا والتصدي لتحوير الفصول 39 و42 و60 و130 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية التي تسمح للفاسدين والمتحيلين بالتدخل في الملفات الجبائية وعدم توفير شروط المحاكمة العادلة في النزاع الجبائي وحرمان المطالبين بالاداء من حقهم في التقاضي وفي اختيار من يدافع على مصالحهم من المختصين دون قيد او شرط في خرق صارخ لاحكام الدستور وبالاخص الفصول 10 و15 و20 و21 و103 و108 و148 منه والفصل 10 من الميثاق العالمي لحقوق الانسان والفصول 2 و14 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والفصلين 2 و6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واعلان مبادئ العدل الاساسية المتعلقة بضحايا الجريمة والتعسف في استعمال السلطة واتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد.
هذا ولا زال المستشارون الجبائيون، بعد الاستماع اليهم من قبل هيئة الحقيقة والكرامة، ينتظرون الرد على عرائضهم الثلاثة المرفوعة لدى الهيئة بتاريخ 16 نوفمبر 2016 على اثر بلاغ صادر عنها بخصوص طلبات الضحايا الاستعجالية والتي طالبوا من خلالها رئيسة الهيئة بالتدخل العاجل لدى رئاسة الحكومة بغاية احالة مشروع قانون مهنتهم الى مجلس نواب الشعب ووضع حد للقضاء الموازي في المادة الجبائية وحذف الاحكام الجبائية الفاسدة التمييزية وغير الدستورية وكذلك تمكينهم من استرجاع حقهم في العمل من خلال تحوير الفصلين 57 و67 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية مع مدها بالمقترح المحذوف في ظروف فاسدة في اطار مشروع قانون المالية لسنة 2016 بتدخل من اعداء حقوق الانسان وهذا شكل من اشكال الفساد الواردة بالفصل 2 من القانون عدد 10 لسنة 2017 المتعلق بالتبليغ عن الفساد وحماية المبلغين. كما أن رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد رفض، نتيجة لتضارب المصالح ولاسباب اخرى لم نتمكن من تحديدها بعد، التعهد بهذه الإنتهاكات والجرائم البشعة التي تعد من أشنع مظاهر الفساد المشار إليها بالفصل 2 من القانون عدد 10 لسنة 2017 المتعلق بالتبليغ عن الفساد وحماية المبلغين مثلما هو الشان بالنسبة لشطب الديون الجبائية في خرق للتشريع الجاري به العمل من 1998 الى موفى 2010 في اطار اللجنة الاستشارية المكلفة بالنظر في عرائض المطالبين بالاداء التي لا يؤطرها أي نص قانوني.
الغريب في الامر ان يكلف بملف المستشارين الجبائيين برئاسة الحكومة شخص يعد من الد اعداء المهنة وفي وضعية تضارب مصالح ولا يمكن ان يكون يوما في خدمة المصلحة العامة وهو من بين المعطلين لمشروع القانون المتعلق بتنظيم المهنة بالنظر للمعايير الاروبية وفي هذا الاطار ندعو رئيس الحكومة الى ضرورة ابعاده بسرعة عن ملف المستشارين الجبائيين باعتبار ان ذلك يعد من ابشع مظاهر الفساد التي تعاني منها المهنة.
الاسعد الذوادي
رئيس المعهد التونسي للمستشارين الجبائيين وعضو المجلس الوطني للجباية (2002 - 2016) والجمعية العالمية للجباية ومعهد المحامين المستشارين الجبائيين بفرنسا
التعليقات
علِّق