خطاب الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في موكب الاحتفال بعيد الشغل العالمي

شاركت السيدة وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يوم الاثنين 1 ماي 2017 بقصر المؤتمرات بالعاصمة في موكب الاحتفال بالعيد العالمي للشغل الذي انتظم بحضور رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب ورؤساء المنظمات الوطنية، وألقت رئيسة الاتحاد الكلمة التالية:
يطيب لي المشاركة اليوم في موكب الاحتفال بالعيد الوطني والعالمي للشغل، وبالمناسبة أرفع أصالة عن نفسي ونيابة عن كافة زملائي المسؤولين النقابيين بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أرقى عبارات الاحترام وأصدق التهاني لكل من يكد ويعمل ويبذل جهدا لخير هذا الوطن في كل المجالات والمهن ولمختلف الشرائح والفئات في كامل ربوع البلاد.
كما يسعدني أن أهنئ كل العاملين وكل المؤسسات الذين سيقع تكريمهم اليوم لتميزهم في مجال العمل والحوار والرقي الاجتماعي والمحافظة على الصحة والسلامة المهنية.
حضرات السيدات والسادة
نحيي اليوم هذا العيد وبلادنا تعيش ظرفا اقتصاديا واجتماعيا صعبا يتوجب معالجته بالشكل المطلوب وبالجرأة الضرورية والنجاعة المنتظرة وبمسؤولية مشتركة من جميع الأطراف لتفادي الأسوأ الذي يهدد كل ما أنجزناه في المسار الانتقالي على مدار السنوات الست الماضية.
صحيح أن الإصلاح السياسي والتوافق المدني وتكريس الحريات والحفاظ على الاستقرار الأمني هي من العناصر الأساسية في عملية السير نحو الديمقراطية، ولكن التأخر في إنجاز الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الضرورية وفي توفير المناخ المناسب للاستثمار وفي فرض هيبة الدولة يمكن أن يهدد كل المسار الديمقراطي ، لذلك فان معالجة الوضع الاقتصادي باقتناع ومسؤولية أصبح اليوم ضرورة حتمية وواجبا ملحا ، وعليه ندعو إلى برنامج للانتعاش الاقتصادي يقوم على تنفيذ قرارات وإجراءات جريئة، واضحة ومستعجلة تعمل على دفع الاستثمار والنمو والتشغيل وكذلك مقاومة تنامي التهريب والاقتصاد الموازي، وهي مهمة نعتبرها أساسية ورسالة طمأنة للداخل وللخارج نبعث من خلالها الأمل والتفاؤل والعزم على تحريك دواليب الاقتصاد بالشكل الذي يخدم مقتضيات التنمية بالبلاد.
حضرات السيدات والسادة
لقد تحملت المؤسسة الاقتصادية خلال السنوات الماضية عديد الضغوطات سواء على مستوى المطالب الاجتماعية أو صعوبات السوق والتمويل وقدمت عديد التضحيات التي أثقلت التزاماتها المالية وأثرت على قدراتها التنافسية ورغم هذه الصعوبات الكبيرة، فقد واصلت مؤسسات القطاع الخاص اعتماد نهج المثابرة وتحملت المزيد من الأعباء تمسّكا بالدور الاجتماعي والتنموي والمواطني الموكول لها، آملة في أن تتحقق الانطلاقة الجديدة التي طالت أكثر من اللازم ولكن هذه الانطلاقة الجديدة تبقى ممكنة بالنظر لعديد النقاط الايجابية والتفاضلية التي تتميز بها عديد مؤسسات القطاع الخاص التونسية.
إن وضع إنقاذ المؤسسة الاقتصادية اليوم كهدف أساسي وتطويرها ومساندتها في مناخ سلم وتهدئة اجتماعية، وفرض قوة القانون على الجميع هو الضامن لخلق فرص عمل للكثير من طالبي الشغل ، كما أنه يمثل خير حافز لتوسيع مجال استثمار المؤسسات وطمأنة القائمين عليها من خلال ضمان استقرار المناخ القانوني والمالي والاجتماعي وهو ما يشجع على بعث المشاريع ويدعم للتنمية الجهوية.
حضرات السيدات والسادة،
لا يخفى على أحد أننا أمام اختلال محيّر للتوازنات المالية للصناديق الاجتماعية وأن هذا الاختلال بلغ درجة مفزعة بالنسبة للصناديق الثلاثة. وإننا إذ ندرك أن هذا الوضع يعود أساسا إلى عوامل ديمغرافية، فإننا نرى أن تأخر عملية الإصلاح في السنوات العشر الماضية وعدم التحلي بالجرأة الضرورية لمعالجة هذا الوضع قد زاد في تعميق أزمة الصناديق رغم تحذيرنا من ذلك منذ مدّة طويلة في أشغال مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
واليوم نجد أنفسنا أمام حتمية الإسراع بتوسيع قاعدة المضمونين، عبر الانتقال من الاقتصاد الغير المنظم إلى الاقتصاد المنظم والبحث عن مصادر جديدة للتمويل، إضافة إلى النظر في كل عناصر الإصلاح الكلاسيكية المتعلقة بالسن ومردودية السنوات والأجر المرجعي.
حضرات السيدات والسادة،
إن الاحتفال بعيد الشغل ليس فقط للاحتفاء بمن تميزوا واجتهدوا، كما أنه ليس مجرد استحضار لقيمة العمل والبذل، أو تعداد لمكتسبات تحققت على مدى أربعة عقود من الحوار والتعاقد الاجتماعي، بل هو أيضا وبالأساس تقييم للمسيرة المجتمعية في مجال الشغل والتشغيل والعمل اللائق والمنتج، وهو أيضا تطلع لمستقبل المؤسسات الاقتصادية والعاملين بها. ففي هذا اليوم الذي نحتفل فيه وفي هذه اللحظة التي نجتمع فيها ، هناك مئات .. بل آلاف .. بل عشرات الآلاف من العاملين في قطاع الاقتصاد الموازي بلا حماية ولا حقوق....القطاع الذي يحتل الأرصفة ويزاحم القطاع المنظم .... القطاع الذي يسوّق بضائع غير مضمونة الجودة ولا الصلاحية.... القطاع الذي يخترق الحدود والمنافذ بسلع مهربة تغرق السوق ... القطاع الذي يدمر المصانع والمسالك التجارية المنظمة ويحطم للآلاف من مواطن الشغل ويهدد للمؤسسات بالإفلاس... القطاع الذي يشغل عمالا دون تغطية صحية ودون نظام تقاعد ومنافع اجتماعية
حضرات السيدات والسادة،
أملي أن نلتقي العام المقبل في غرة ماي 2018 وحالنا أفضل من هذه الحال....
أملي أن تكون نسبة البطالة أقل من النسبة الحالية ...
أملي أن نكون توفقنا في الحد من الاقتصاد الموازي بشكل محسوس ...
أملي أن نكون نجحنا في الإبقاء على المؤسسات وفي بعث مؤسسات جديدة ...
أملي أن تكون تونس قد عادت لتحقيق نسبة نمو محترمة ونجحت في الحفاظ على استقرار قيمة عملتها وفي التحكم في التضخم.
أملي أن تكون لدينا وقتها صناديق اجتماعية ناجعة وسليمة، تاركة الأزمة خلفها،
لنتقاسم هذه الآمال معا ..
لنرفع التحدي سويا ..
لنعمل جميعا من أجل إعادة الروح لاقتصاد تونس لننعش التفاؤل ولنستعيد الثقة بالمستقبل
أشكركم جميعا على الاهتمام ..و كل عام وتونس بألف خير...والسلام عليكم ورحمة الله.
التعليقات
علِّق