حكومة وحدة وطنية؟ أليست حكومة الصيد كذلك؟

حكومة وحدة وطنية؟ أليست حكومة الصيد كذلك؟

 

بقلم : د . لطفي المرايحي 
سيادة الرئيس المحترم،
أخط لكم رسالتي هذه في ظرف أقدر أنه من أدق المراحل التي تجتازها بلادنا. لذلك فإن خطابي هذا لا يحتمل المزايدة أو المغالاة ويترفع عن كل توظيف ويتجرد من كل انطباع أو مشاعر شخصية تجاهكم. وإن كنتم لم تستشيروننا  لأسباب انتم أدرى بها فان ذلك لا يعفينا من واجب الإشارة والنصح. واجب يلزمنا ما دام الأمر يتعلق بتونس العزيزة.

سيدي، لن أخوض في الدوافع التي قادتكم إلى مقترح حكومة الوحدة الوطنية ولا عن مدى التزامكم بروح الدستور والدور الذي يوكله لكم. فلا شك إن لكم في ذا وذاك رأي يستمع إليه وقد يكون في بعضه أو كله وجاهة. و لكن لي أن أتساءل عن معنى حكومة الوحدة الوطنية. ألم تجتمع في الحكومة المدعوة للتخلي كل القوى السياسية التي حضيت بثقة الناخبين حتى أضحت شكلية لا فعل لها ولا أثر. أم أن حكومة الوحدة الوطنية هي تلك التي تزج بمنظمات مهنية في صلب العمل السياسي المباشر. فكيف لنا بعد ذلك أن نمتعض من توظيفها السياسي وزيغها عن دورها بعد أن دعوناها إلى التجرد من الحياد المطلوب؟
                                                  
دعوتم إلى حكومة وحدة وطنية وكان ما تتخبط فيه البلاد من مصاعب مرده أزمة سياسية و الحال أنكم توافقتم إلى استقطاب المعارضة المفترضة صلب الإتلاف الحاكم بدعوى أن الانتخابات لم تمكنكم من الأغلبية. و في قولكم زعم لا يستقيم إذ تحالفتم مع غريم الأمس القريب حتى لم يعد يدري الناخب لمن صوت وعلى ما. و هكذا دان لكم الحكم بحكومة مسنودة بأغلبية مريحة داخل البرلمان. فكيف تدعون لإقامة ما هو حاصل بفعل الواقع؟ أم في مبادرتكم هذه توزيع أدوار بينكم و بين حليفكم طبق أجندا متفق عليها مسبقا و سيناريو أعد ليطبق على مراحل يفضي في النهاية إلى استساغة حركة النهضة و تطبيع وجودها في المشهد.

عموما، أنكم يا سيادة الرئيس أخطأتم التشخيص فمعضلة تونس اقتصادية بالأساس. وتأكد لدي هذا الاستنتاج بقراءة رسالتكم التوجيهية للأحزاب. فحين تحدثتم عن الاقتصاد لم يسترعي انتباهكم سوى تراجع الموارد الناجم عن تعطل استغلال المناجم وحقول النفط. و طبعا وإن كنا ناسف كذلك لهذه الخسائر إلا أننا لننظر لتونس كدولة ريعية. و إن كان يستوجب المعالجة العاجلة والناجعة لتراجع استغلال المواد الأولية إلا أن أزمة تونس رهينة انتهاج سياسات اقتصادية مناقضة تماما لما ذكرت في رسالتك وما تلوكه الحكومات المتعاقبة في شكل قوالب جاهزة تعلق منتهى آمالها على استثمار خارجي لا يأتي.

التعليقات

علِّق