حق النفاذ إلى العدالة الإدارية : الحملة الميدانية التحسيسية تعود من جديد في هذه الولايات الخمس

حق النفاذ إلى العدالة الإدارية : الحملة الميدانية التحسيسية  تعود من جديد في هذه الولايات الخمس

مثلما نعلم جميعا أطلقت المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية " D R I " وشبكة " مراقبون " والجمعية التونسية للإعلام البديل  " بالتعاون مع المحكمة الإدارية منذ الربيع الماضي   حملة  ميدانية توعويّة حول النفاذ إلى العدالة الإدارية .

واستهدفت  هذه الحملة  خمس ولايات تونسية وهي صفاقس والقيروان والقصرين وسيدي بوزيد وسوسة. وتولّى  المنظمون  ( وهم من الشباب والخبراء المتطوّعين ) تقديم كل ما يلزم من معطيات ومعلومات لفائدة المواطنين من أجل إعلامهم وإحاطتهم بكل ما يريدون معرفته عن حقوقهم والمؤسسات القانونية  المعنيّة والآليات السهلة والناجعة التي تمكّنهم من النفاذ إلى العدالة الإدارية  سواء من خلال توزيع مطويّات مهمّة على المواطنين تحتوي على كافة المعلومات   أو من خلال الإجابة عن استفساراتهم المختلفة.

وجاءت هذه الحملة بعد دراسة نوعيّة أجريت من قبل معهد سبر الآراء " One to One " في الولايات الخمس المستهدفة  المذكورة  لتقييم مدى معرفة المواطنين في هذه الجهات بالعدالة الإدارية ومعرفتهم بالآليات التي تخوّل لهم الوصول  إليها.

وشهدت  الحملة  انطلاقتها الفعلية ( الميدانية ) يوم الأحد  3 أكتوبر 2021  في سيدي بوزيد  ثم تلتها حملات ميدانية  أخرى في الأسواق والساحات العامة  في  أربع  ولايات أخرى وهي القيروان  والقصرين وصفاقس و سوسة التي شهدت اختتامها يوم 7 نوفمبر 2021  علما بأنها  تواصلت بعد ذلك بأشكال وطرق مختلفة   في كافة معتمديات ولاية   سوسة وأسواقها الأسبوعية  من خلال  الكثير من المتطوّعين المتعاونين  الذين تولّوا  القيام بهذه المهمة إدراكا منهم لأهميّة إيصال المعلومة للناس حيثما كانوا وبأن مسألة القضاء الإداري مهمّة  جدّا بالنسبة إلى العديد من المواطنين في كافة أنحاء البلاد.

وكانت الحملة مسبوقة بورشات عمل تشاركية نظّمتها شبكة " مراقبون " في الولايات المذكورة من أجل وضع استراتجية  تحسيسية تهدف إلى تحسين معرفة المواطنين بحقوقهم والمؤسسات القضائية وآليات النفاذ إلى العدالة الإدارية . وتبين من خلال دراسات ميدانية أن التونسيين لا يعرفون الكثير عن القضاء الإداري حيث اتضح مثلا أن 60 بالمائة من المستجوبين يجهلون تماما أنه بإمكانهم الوصول  إليه وأن 40 بالمائة منهم لا يشعرون بأنهم معنيّون أصلا بهذه العدالة.

ولهذا السبب أراد منظّمو الحملة مرة أخرى تبسيط الأمور عسى أن تنتشر المعلومة لدى أكبر عدد ممكن من التونسيين تعميما للفائدة لدى الجميع.

ما الفرق بين القضاء العدلي والقضاء الإداري ؟

عن هذا السؤال أجاب  الخبراء في كافة المحطات بأن المواطن التونسي يتعامل  يوميّا وبصفة مباشرة  مع الإدارة التونسية وهذه الأخيرة يمكن أن ترتكب أخطاء أو أن تتعسّف على المواطن من خلال بعض القرارات.  لذلك ليس للمواطن في مثل هذه الحالات إلا  اللجوء إلى القضاء الإداري لأنه الجهة الوحيدة التي تنصفه من تعسّف الإدارة وهو الجهة الوحيدة التي تتكفّل بالنظر في كافة القرارات والممارسات الإدارية التي يمكن أن تلحق الضرر بالمواطن. أما القضاء العدلي فهو يختصّ بالنظر في كافة القضايا الأخرى على غرار جرائم الحق العام والنزاعات المدنية أو التجارية وغيرها من القضايا في المجتمع.

ما  معنى الإدارة ومتى يتم رفع الدعوى ضدّها ؟

وخلال كافة مراحل الحملة قام الخبراء بتفسير ما معنى  الإدارة  الممثلة في  مؤسسات الدولة  على غرار  الوزارات و الجماعات المحلية و المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية  و الهياكل العمومية  أي  المؤسسات العمومية غير الإدارية  التي لها صفة المنشأة العمومية والهيئات العمومية المستقلة  والهيئات المهنية.

وأعطى الخبراء أيضا فكرة شاملة عن المبادئ الحاكمة للقانون الإداري  وماذا يميّز الإدارة عن الأفراد باعتبار أنها تخدم المصلحة العامة  و  تتمتع بصلاحيات السلطة العامة في إطار ممارسة نشاطاتها لتحقيق المصلحة العامة  وكيف أن  كل إحداث للمرفق العام  يمكن أن ينجرّ عنه مساس بحقوق الناس وحرياتهم إضافة إلى تقديم  كل ما يلزم من معلومات عن تنظيم القضاء الإداري في تونس و كيف تنظر المحكمة الإدارية في صنفين من النزاعات وهما دعوى تجاوز السلطة  و دعوى  القضاء الكامل  وغيرها من التفاصيل على غرار آجال رفع الدعوى  وأجل انقضاء  الحق في ذلك الأجل ومتى يعتبر صمت السلطة المعنية رفضا ضمنيا يخول للمعني بالأمر اللجوء إلى المحكمة الإدارية.

ملاحظات ومواعيد جديدة للحملة

لاحظ المتابعون والخبراء  حتى من قبل انطلاق هذه الحملة أن المواطن التونسي بدأ يكتسب عادة اللجوء إلى القضاء الإداري خاصة بعد أن أصبح عدد المحاكم الإدارية في الجهات 12 محكمة  علما بأننا لم نكن نملك إلا محكمة إدارية واحدة بالعاصمة .   ويرى  الخبراء  ومنظّمو الحملة  أنه بات من الضروري جدا  تعميم هذه المحاكم على كافة جهات البلاد حتى يتمكّن المواطن في كافة أنحاء البلاد من السعي وراء حقّه والحصول عليه. كما يرون أيضا ضرورة مواصلة الشرح والتبسيط كي يتمكّن أكبر عدد ممكن من التونسيين من الإلمام بمسألة القضاء الإداري وبكافة مجالات  تدخّله واختصاصه .

وفي هذا الإطار قرر المنظّمون استئناف هذه الحملة في الولايات الخمس المستهدفة حسب المواعيد التالية:

- سيدي بوزيد يوم 1 جانفي 2022

- القصرين يوم 2 جانفي 2022

- سوسة يوم 9 جانفي 2022

- القيروان يوم 9 جانفي 2022

- صفاقس يوم 16 جانفي 2022 .

وبالإضافة إلى الاستنتاجات الحاصلة من خلال مراحل الحملة الأولى يعتزم المنظّمون ( مثلما أعلنوا عن ذلك سابقا ) تقييم مدى فهم وإدراك المواطنين في هذه الجهات لما قامت الحملة من أجله من أهداف ومضامين . وبمعنى آخر هل  حققت الحملة تطوّرا إيجابيّا لدى المستهدفين فجعلت أغلبهم على الأقل يعرفون اليوم أن من حقّهم اللجوء إلى العدالة الإدارية كلّما شعروا بأن  تم المساس بحقوقهم من قبل الإدارة؟.

خلاصة القول

من خلال المعاينات الميدانية وملاحظات الخبراء اتضح ( مثلما كان منتظرا ) أن أغلب التونسيين ليست لديهم فكرة ( ولو بسيطة ) عن القضاء الإداري وأن جلّهم لا يفرّق بينه وبين القضاء العدلي. ومن هذا المنطلق أراد منظّمو الحملة أن يكونا أكثر قربا من الناس وأكثر توعية لهم في هذا المجال حتّى يدركوا أن لهم حقوقا يمكن لهم الحصول عليها إذا لجؤوا إلى الطريق الصحيحة التي توصلهم إليها وهي القضاء الإداري أو العدالة الإدارية.

 

 

 

 

التعليقات

علِّق