حسن الدهماني : عاش " غريبا " بين منشّطي البرامج الفنية والثقافية وعندما رحل أصبح " أعزّ الناس " عندهم

حسن الدهماني : عاش " غريبا " بين  منشّطي البرامج الفنية والثقافية  وعندما رحل أصبح " أعزّ الناس " عندهم


لا يشكّ إثنان عاقلان في أننا أصبحنا نعيش في بلد النفاق  وانقلاب المفاهيم . ولو أردنا دليلا لوجدنا ألف دليل ودليلا زائدا . ولعل في موضوع الفنان حسن  الدهماني خير دليل على أن النفاق بات يطبعا لا يغلب معه التطبّع .
ولا يشكّ أحد في أن الفنان الراحل حسن الدهماني هامة فنيّة  لا يشق لها غبار في زمن استشرت فيه الرداءة  حدّ الغثيان . فهو  فنّان يؤدّي فيطرب و " يتسلطن " في ميدانه  بالإضافة إلى مواقفه من العديد من القضايا وأولها رفضه المطلق التطبيع مع الكيان الصهيوني اللقيط . وفي خضمّ هذه الموجة الجارفة من الرداءة الفنية والثقافية التي اجتاحت بلادنا منذ سنوات صار الفنان الحقيقي غير مرغوب فيه ومغيّبا عن وسائل الإعلام المسموعة والمرئية التي أصبحت لا همّ لها سوى استضافة  الراقصات والتافهات والتافهين ومن لا تفوت أصواتهم أصوات الحمير إلا بالصبر  ولا فائدة في ذكر الأسماء  لأنهم كثر ولا تكاد هذه المساحة تسعهم جميعا . وبالإضافة إلى رغبة المنشطين في دعوة التعساء والتافهين  من الواضح جدا أم مواقف حسن الدهماني كانت تزعجهم لأنها تزعج من يسيّرهم من وراء الستار . وطبعا يصبح من الطبيعي جدا أن يكون الدهماني ومن شابهه  غير مرغوب فيهم  ولا نكاد نراهم إلا من العام إلى العام أو " في قالب غلطة " أو بمناسبة مهرجان .
وعندما رحل الدهماني عن هذا العالم الذي طغت عليه الرداءة سارع دعاة الرداءة إلى التباكي عليه وانبرى بعضهم يمدحه ويعدد خصاله الفنية والصوتية  وهو الذي تجاهله ولم يدعه إلى برنامجه  ولو مرة في حياته . ولا فائدة أيضا من ذكر أسماء هؤلاء المنشطين فهم يعرفون أنفسهم والناس تعرفهم . لكن في المقابل لا بدّ من القول إنهم منافقون  بامتياز ...ولا غرابة أن نجد اليوم  منهم في جنازة الفقيد  عشرات  " يبكون " ويذرفون " الدموع أمام عدسات التصوير لا غير .
رحم الله فقيد الفنّ الأصيل حسن الدهماني الذي يبدو أن  الراحل علي الدوعاجي كان يقصده أيضا عندما قال : " عاش يتمنّى في عنبة  مات علّقولو عنقود " ... ولو أن الدهماني كان مشهورا ومعترفا به وبصوته وبمواقفه في تونس وخارجها رغم أنوف المنشطين البائسين  التعساء ... عشّاق الرداءة   والابتذال .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق