حركة غريبة وغامضة ومجانية : بأي حق وأي منطق تكرّم هيئة الانتخابات وديع الجريء ؟

حركة غريبة وغامضة ومجانية : بأي حق وأي منطق تكرّم هيئة الانتخابات وديع الجريء ؟

 

وكأنّه كتب على هذه البلاد ألّا تعيش أسبوعا واحدا دون ضجّة جديدة أو فضيحة جديدة أو كارثة جديدة . ولعلّ آخر من سجّلوا أنفسهم في السجلّ التاريخي للفواجع والكوارث والفضائح في تونس الهيئة  " المستقلّة " للانتخابات  التي يبدو أن الوحي نزل فجأة على البعض من أفرادها فاستيقظوا فجرا وقررّوا أن يقوموا بتكريم رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم وديع الجريء .
قلت في البداية إن هذه الحركة غريبة . وغرابتها تكمن في مثل شعبيّ بسيط وهو " ما ناقص المشنوق كان ماكلة الحلوى " . فهذه الهيئة غارقة في المشاكل من أخمص أقدام أعضائها إلى أعلى رؤوسهم . وقد كان أولى بها وأجدر وأحرى أن تهتمّ بمشاكلها عوض أن تهرول إلى مقرّ الجامعة لتكرّم شخصا يكاد يجمع الرياضيون والمهتمّون بالرياضة في البلاد على أنه لم يفعل أي شيء يستحقّ عليه التكريم بل بالعكس فقد خربها وجلس على تلّتها وفعل برياضة كرة القدم ما شاء له وطاب فظلم من ظلم وجامل من جامل وكرّس منطق الجهويات المقيت  وتحدّى الجميع ولم يسمع إلا " كلام رأسه " . فهل إن شخصا بهذه " المزايا العظيمة " يستحقّ التكريم ؟.
وحتّى لو فرضنا ( خطأ بالطبع ) أن هذا الشخص يستحقّ التكريم فما دخل هيئة الانتخابات في هذا الأمر؟. ماذا فعل رئيس الجامعة في باب الانتخابات مثلا حتّى تكرّمه هيئة خلقت من أجل إنجاز مهمّة  وحيدة وهي الانتخابات ؟. لقد تعللت الهيئة في هذا التكريم بأن السيد وديع تمّ انتخابه  مؤخّرا صلب المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم فهل هذا يبرر هذا التكريم ؟. وهل إن هذا " الوديع " كان فريد زمانه في تونس بحيث لم يسبقه أي تونسي في أي هيكل رياضي إقليمي أو دولي ؟. ثمّ وإذا كان لا مفرّ من التكريم على هذا الأساس ( وهذا غلط  طبعا ) أليس من دور الدولة أن تكرّمه ؟. وما معنى أن تقوم هيئة هي من الناحية المبدئية مستقلّة ومحايدة بتكريم شخص لا يحظى بإجماع التونسيين ؟. وهل ستقوم هذه الهيئة بتكريم الفائزين في الانتخابات  التشريعية والرئاسية القادمة لتبرهن بذلك على أنها مستقلّة جدا ؟.
إن ما قامت به هذه الهيئة فضيحة كبرى يجب أن تحاسب عليها ولا يمكن أن تمرّ في الخفاء  خاصة أن التكريم له ثمن  ومصاريف ... والمصاريف لا نظنّ أنها من جيوب الأعضاء الذين كرّموا رئيس الجامعة وهذا يعني أن أي ملّيم أنفق على هذا التكريم هو من المال العام الذي لا يحق لهؤلاء الأعضاء التصرّف فيه لأنه ببساطة ليس مال والديهم . وما قامت به الهيئة بدعة لا أحد يمكن أن يجد لها تفسيرا مقنعا  أو أن يفهم الغرض منها . وإذا كان هؤلاء الأعضاء يبحثون بهذه الحركة  عن شهرة أو عن إعادة تموقع أو أي شيء من هذا القبيل فقد أخطؤوا  المرمى وجانبوا الصواب  لأن ما فعلوه قد يأتي بمفعول مضادّ يفقد الهيئة ما بقي لها من " هيبة " بعد الزلزال الذي هزّ أركانها  وبعد ما قيل في شأنها من كلام وآراء رغم أن الجهات الرسميّة لم تصنّفه بعد في خانة الفساد .
جمال المالكي 

التعليقات

علِّق