تونس : التقرير النهائي لورشة إعداد تقارير الدول حول الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وبروتوكول " مابوتو "

تونس : التقرير النهائي لورشة  إعداد تقارير الدول حول الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وبروتوكول " مابوتو "

في إطار التبسيط والتعميم  والمساعدة  على  تنفيذ بروتوكول الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في إفريقيا (بروتوكول مابوتو)   قام مركز حقوق الإنسان بجامعة بريتوريا  ( إفريقيا الجنوبية )  بالشراكة مع  جمعية  " قادرات " ورشة عمل تدريبية   من 15 إلى 17  جوان  2023  بالنزل  الكبير بالعاصمة تونس.

 وتهدف جمعية " قادرات " التي تعمل من أجل المساواة  أو التكافؤ  والتضامن إلى المساعدة في تحسين حياة المرأة . وقد  تأسست سنة  2014 من قبل مجموعة من النشطاء والجامعيين  التونسيين ذوي الخبرة الطويلة في أنشطة  المجتمع المدني  وتتولّى رئاستها  سامية المالكي الفاسي. وقد التحقت " قادرات " سنة 2020 بشبكة المنظمات غير الحكومية النسائية التي تدعمها الأمم المتحدة . وهي اليوم عضو بهيئتها المديرة بالنيابة المكلّفة بالتخطيط الاستراتيجي. ومنذ إنشائها   شاركت " قادرات " في العديد من حملات الضغط الوطنية من أجل اعتماد قانون  يجرّم العنف ضدّ المرأة وكذلك قانون للمساواة في الميراث. ومنذ  سنة  2019   اعتبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي "قادرات " شريكا له في مشروع  إقرار بروتوكول " مابوتو " وإضفاء الطابع المحلي عليه.

وبشكل أكثر دقّة وتحديدا  يعمل مركز حقوق الإنسان بجامعة بريتوريا على تعزيز تنفيذ بروتوكول " مابوتو " في إطار ولاية المقرر الخاص المعني بحقوق المرأة في إفريقيا.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف   يتم التركيز بشكل خاص على تدريب الدول الإفريقية التي صادقت على الميثاق الإفريقي وبروتوكول " مابوتو "  على احترام التزاماتها في ما يتعلّق بتقديم التقارير إلى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.  وقد استهدفت   ورشة العمل التدريبية  ممثلي  كافة الأطراف المعنيّة بهذا الموضوع  في بلادنا  وخاصة  ممثلي الوزارات المعنية والبرلمانيين والأكاديميين والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وممثلي المجتمع المدني في تونس.

* ما هو " بروتوكول مابوتو " ؟

تم اعتماد " بروتوكول مابوتو"  في 11  جويلية  2003 ودخل حيز التنفيذ في نوفمبر 2005   بعد أن صادقت عليه 15 دولة عضو في الاتحاد الإفريقي.  ويتعلّق الأمر هنا ببروتوكول إضافي تمت صياغته بموجب المادة 66 من الميثاق الإفريقي.

وقد تم  إعداد " بروتوكول مابوتو "  بشكل أساسي  ردّا على انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد المرأة في إفريقيا  بالرغم من وجود  أداته  الرئيسية أي  الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. ويشمل  " بروتوكول مابوتو"   بشكل أوسع معايير محددة ورائدة لحقوق المرأة في إفريقيا.

ويتناول البروتوكول  بطريقة مبتكرة  مسألة عدم المساواة بين الجنسين التي تواجهها المرأة الإفريقية  بشكل  يومي. ويشمل التدابير القانونية وغيرها من الإجراءات التي تهدف إلى حماية المرأة من  جميع أشكال العنف ضدها   والممارسات السيئة  وزواج الأطفال  وختان الإناث  وعدم المساواة في الزواج والطلاق   والتمييز في التعليم وفي مكان العمل   والحرمان من حقوق الميراث.

ويعتبر البروتوكول أول  أداة  دولية  ملزم قانونا بتناول حقوق الصحة الجنسية والإنجابية   مع الإشارة بوضوح إلى الحماية من فيروس نقص المناعة البشرية والحق في الإجهاض تحت الإشراف الطبي الآمن والقانوني في ظروف محددة.

 وإلى حدّ هذا اليوم  صادقت 43 دولة إفريقية على بروتوكول مابوتو. وهذا يعني أن هناك الآن 43 دولة إفريقية  تقبل وتوافق على أن تتمتع المرأة في بلدانها بحقوق الإنسان التي تنص عليها الوثيقة.

وبالإضافة إلى ذلك   تعد تقارير الدول عنصرا أساسيا في متابعة تنفيذ بروتوكول مابوتو. وتحدّد المادة 62 من الميثاق الإفريقي والمادة 26 (الفقرة 1 ) من بروتوكول مابوتو التزامات الدول المصدقة بتقديم التقارير.

وتتعهد الدول المصادقة  بتقديم تقرير كل عامين يصف التدابير التشريعية أو غيرها من التدابير التي اتخذتها لضمان التطبيق الكامل لحقوق المرأة. وتؤدي تقارير الدول عددا من الوظائف الأساسية  نذكر منها بالخصوص: تقييم الإجراءات الملموسة التي اتخذتها الدول التي صادقت على المعاهدات من أجل الامتثال لالتزاماتها بموجب الميثاق الإفريقي وبروتوكول مابوتو  و تحديد المشاكل والتحديات المتعلقة بالتنفيذ الكامل للأدوات وإتاحة الفرصة للتبادل البناء مع اللجنة الإفريقية   حتى تتمكن الدول المعنيّة  من الاستفادة من توصياتها.

ولعلّ ما يسترعي الانتباه أنه  على الرغم من هذه الالتزامات   فإن بروتوكول مابوتو  مثله  مثل معاهدات حقوق الإنسان الإفريقية الأخرى التي سبقته لا يزال يعاني من نفس المصير المتمثل في عدم الإبلاغ أو التأخير في تقديم التقارير. وفي هذا العام 2023  و بعد عشرين عامًا من اعتماده   لم تقم  كافة  الدول التي صادقت عليه بتضمين قسم عن بروتوكول مابوتو في تقريرها إلى اللجنة الإفريقية.

وفي  سنة  2009   تعاون مركز حقوق الإنسان بجامعة بريتوريا مع المقرر الخاص المعني بحقوق المرأة في إفريقيا في إطار صياغة مشروع مبادئ توجيهية  حول إعداد  تقارير الدول بشأن بروتوكول مابوتو. وقد تم اعتماد هذه المبادئ التوجيهية من قبل اللجنة الإفريقية في نفس العام. ولذلك  فمن المهم ألّا يتم نشر هذه الإرشادات بين الدول الأطراف فحسب   بل  المهمّ قبل كل شيء  أن تفهم الدول الأطراف التزاماتها في ما يتعلّق بتقديم التقارير بموجب الميثاق الإفريقي وبروتوكول مابوتو.

وكانت الأهداف الرئيسية لهذه الورشة على وجه التحديد نشر وتعميم المبادئ التوجيهية لإعداد التقارير من قبل الدول الأطراف في بروتوكول مابوتو  وكذلك تطوير وتعزيز قدرات تونس في إعداد تقارير الدول الأطراف   بحيث يكون  أكثر قدرة على الإيفاء بالتزاماتها في هذا الصدد  بموجب الميثاق الإفريقي وبروتوكول مابوتو.

وتجدر الإشارة إلى أن بلدنا تونس  ( ومن المفارقات العجيبة ) قد صادقت على بروتوكول مابوتو في 27 سبتمبر 2018  لكننا إلى اليوم  متأخرون  ولم نقدّم   7 تقارير  كاملة عن الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وأن تونس لم تقدم أبدا تقريرها بموجب بروتوكول مابوتو منذ المصادقة عليه.

*   أشغال   الورشة حول إعداد تقارير الدول

كان الهدف العام من هذه الورشة  حول إعداد تقارير الدول هو تعزيز قدرة تونس على الامتثال لالتزاماتها بتقديم التقارير  إزاء  اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

 وقد ضمّت الورشة   العديد من  ذوي الخبرة في هذا المجال خاصة من تونس ومن إفريقيا:

- المفوض  الأستاذ  حاتم الصايم (عضو منتخب في اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب)

- المفوضة  الأستاذة  هاجر قلديش (عضو منتخب ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي للقانون الدولي)

- الأستاذة حفيظة شقير ( أستاذة جامعية )

- السيدة سامية المالكي الفاسي ( رئيسة جمعية قادرات)

- السيدة ماتيلدا لاسيكو- فوكو (خبيرة  بمركز حقوق الإنسان بجامعة بريتوريا)

- السيدة أولواسيتان سولاديمي  إبراهيم (خبيرة بمركز حقوق الإنسان بجامعة بريتوريا).

- السيدة إيمان القلعي (مديرة عامة والكاتبة العامة  للجنة الوطنية للتنسيق و الإعداد و تقديم التقارير و متابعة التوصيات في مجال حقوق الإنسان برئاسة الحكومة ) إلى جانب حضور عضوين آخرين من نفس اللجنة  ( العنصر النسائي )

وبعد التعلّم النظري  والمناقشة وتبادل الخبرات في اليومين الأولين   تم تخصيص اليوم الثالث والأخير من التدريب لعمل المجموعات واستعادة العمل في إطار صياغة تقرير الدولة بموجب الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وبروتوكول مابوتو.

وقد تم القيام بعمل رائع في جمع البيانات حسب الموضوع   من حيث المعايير القانونية   وتنفيذ النصوص والممارسات الحكومية من حيث الإجراءات والاستراتيجيات  مقسمة حسب الموضوع وفقا للميثاق وبروتوكول مابوتو في مسائل حقوق المرأة.

وسمح هذا العمل لجميع المشاركين بما يلي:

1-  تحديد الالتزامات الخصوصية التي تعهّدت بها تونس في إطار الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وخصوصا بروتوكول مابوتو.

2-  التشبّع بالمبادئ التوجيهية المتعلّقة بإعداد تقارير الدول بموجب الميثاق الإفريقي وبروتوكول مابوتو. وهذا يساعد على ضمان أن  الأطراف المعنيين في تونس لا يدركون هذه المبادئ التوجيهية فحسب بل يشتركون فيها أيضا خاصة  عند كتابة تقريرهم عن الأدوات.

3-   التشبّع بدور المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية  المكلّفة بحقوق الإنسان في عملية صياغة تقارير الدول المعنية.

4 -  إعطاء الفرصة لتونس لبدء العمل على تقريرها إلى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. ويتضمن هذا التقرير قسما عن الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (الجزء أ) وقسما  عن بروتوكول مابوتو (الجزء ب) ويقدم  التوجّهات الفنية عند الاقتضاء.

ومن خلال الجمع بين التعلم النظري  والجانب العملي   كانت الورشة فرصة لمناقشة الالتزامات التي تقع على عاتق الدولة التونسية   بموجب المصادقة على المعاهدات المعنية. وكانت  أيضا فرصة لجمع المادة  اللازمة لصياغة التقارير المعلقة  أو المتأخرة التي ينبغي على تونس تقديمها إلى لجنة " بانجول".

وتمكن ممثلو السلطات المختصة الحاضرون في هذه الورشة وهم في الحقيقة  الهدف الأساسي لهذه الورشة  من الاستفادة من خبرات جميع المشاركين   بهدف بدء العمل على الصياغة. وقد  أعطيت  وعود من أجل الانتقال إلى الخطوات  والمراحل الموالية.

وبفضل التفاني المثالي لجميع المشاركين   تم الانتهاء من هذا العمل في وقت قياسي. وقد قام كافة الشركاء والمنظمون   بتقديم  التسهيلات اللازمة لإنجاح هذا الاجتماع المهم لتونس وللمرأة التونسية.

* صياغة التقرير النهائي باللغة الفرنسية : الأستاذة هاجر قلديش

* النص العربي : جمال المالكي ( ببعض التصرّف)

التعليقات

علِّق