تسجيل جزيرة جربة كتراث عالمي ليس تحنيطا بل محركا ودافعا للتنمية

تسجيل جزيرة جربة كتراث عالمي ليس تحنيطا بل محركا ودافعا للتنمية

تتواصل الاحتفالات بقرار اليونسكو بتسجيل جزيرة جربة بالتراث العالمي،فبعد الاحتفالات التي شهدتها الجزيرة خلال الاسبوع قبل الماضي و تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية ينظم مسرح أوبرا تونس بالشراكة مع وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية احتفالية خاصة بهذا الحدث وذلك يوم 6 أكتوبرالجاري بمدينة الثقافة ومن خلال تقديم عرض من تراث جربة لفرقة سطا جمعة بساحة المسارح وتنظيم معرض صور ومعلقات لجزيرة جربة وتقديم عرض "محبة" لأصوات أوبرا تونس وعزف منفرد للفنان عطيل معاوي بمشاركة الموسيقار ربيع الزموري مع عرض شريط وثائقي لجزيرة جربة،فالاختتام بعرض من تراث جربة لفرقة أولاد سيدي جمور بقيادة الحبيب الجبالي بمسرح الجهات.

وإذ مثّل هذا الحدث مكسبا هاما لتونس لما تتضمنّه من اعتراف بالقيمة الاعتبارية والرمزية للتراث الأصيل بالجزيرة كما أشار الاستاذ إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب خلال اشغال الجلسة الجلسة العامة الأولى للدورة البرلمانية العادية الثانية التي انتظمت وسط هذا الاسبوع فانه بات من الاكيد إيلاء مزيد من العناية والجهد للمحافظة على هذا المخزون التراثي وتثمينه لضمان استدامة الوضعين الثقافي والبيئي بالجزيرة وللغرض أكّدت وزيرة الشؤون الثقافية الدكتورة حياة قطاط القرمازي ضرورة وضع خارطة طريق محكمة تهدف إلى حماية مكونات الممتلك الثقافي الذي تم تسجيله مؤخرا على أن تتضمن خارطة الطريق المذكورة الآليات الفنية والقانونية الكفيلة بالحفاظ على الممتلك الثقافي وتثمينه من ذلك تنظيم جملة من الحملات التوعوية والورشات مع ضرورة تعاضد مجهودات السلط المحلية في جزيرة جربة ومختلف مكونات المجتمع المدني لتنظيم عدد من الحملات المتتالية للعناية بالجانب البيئي للمعالم والمناطق المسجلة بمشاركة الأهالي وأصحاب الأراضي.

كما دعت الوزيرة وكالة احياء التراث والتنمية الثقافية إلى أهمية الإسراع في وضع علامات وإشارات باستعمال التكنولوجيات الحديثة وتقنيات الاضاءة الفنية لإحياء هذه المعالم وتقديم تاريخها والتعريف بها لدى أبناء الجزيرة وزائريها كما دعتها الى جانب المعهد الوطني للتراث لترميم جامع سيدي ابراهيم الجمني التابع لبلدية حومة السوق وخاصة حماية واجهته الغربية في أقرب الآجال والتفكير في استغلاله كمعلم تاريخي.

واعتبرت الوزيرة ان تسجيل جربة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، لم يشمل كامل الجزيرة بل شمل عناصر بقيت محافظة على قيمتها الاستثنائية العالمية متمثلة في 7 مواقع و24 معلما هي شواهد من الماضي تشهد على طريقة ذكية في استغلال المجال الجزيري بما استوجبه من تاقلم مع الموارد المحدودة ومع الظروف المحاطة بالجزيرة وابتكار محيط اجتماعي واقتصادي متأقلم كما ان هذه المعالم تعد شواهد على قصة تعايش مجتمعي بين ديانات ومذاهب وثقافات متنوعة باختلافها اعطت رسائل في التفاهم والوحدة والعيش المشترك ودروسا في احترام الاخر واحترام المجال واحترام الماء وغيرها.

واكدت ان ملف تسجيل جزيرة جربة في التراث العالمي اعاد تونس الى قائمة التراث العالمي لليونسكو بعد غياب دام 26 سنة حيث لا يعد هذا التسجيل تحنيطا بل هو محرك ودافع للتنمية دون تشويه من خلال تثمين التراث وتوظيفه بما يخلق الثروة ومواطن الشغل والاستدامة وخاصة باحترام الخصوصية والبيئة والانسان مؤكّدة اهمية هذا التسجيل في الترويج لسياحة ثقافية عالمية تستقطب نوعية من السواح الذين يبحثون على اكتشاف التاريخ والخصوصية.

وأشارت الوزيرة الى ان الواجبات المحمولة على الدولة و المجتمع المدني والمواطن عند تسجيل ممتلك ان يكون كحارس للمعالم والمواقع المسجلة وصونها والحفاظ عليها وبالتالي ضرورة انخراط عدة اطراف ومتدخلين في هذا العمل التحسيسي والتوعوي في مجهود جماعي مشترك ومسؤولية جماعية.

وشددت على ان التسجيل ليس هدفا او غاية في حد ذاته بل هو بداية طريق ليس صعبا بل طريق خاص يستوجب المحافظة على ما تم تسجيله والتوعية بقيمة هذا الممتلك وتثمينه وتوظيفه في تحقيق التنمية دون استنزافه او تشويهه وحسن ادارته والترويج له وضمان ديمومته وتواصله للاجيال المقبلة حفاظا على شواهد الماضي بما تحمله من معاني للاجيال الحاضرة والقادمة.

ولفتت الى ان التسجيل يمكن من معاضدة جهود الدولة في الحفاظ على هذا الممتلك الانساني ذو القيمة الاستثنائية ولاسيما عبر صندوق التراث العالمي مؤكدة عمل الدولة التونسية على الايفاء بكل مسؤولياتها ومواصلة تعهداتها لتوفير كل الضمانات لحماية هذا الممتلك الانساني ومنها احداث وحدة تصرف وتواصل عمل اللجنة الوزارية وتنفيذ الاستراتيجية التي وضعتها في الاطار.

وللتذكير فان ملف ادراج جزيرة جربة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو الذي قدمته الدولة التونسية تحت عنوان “جربة شاهد على نمط اعمار في مجال ترابي جزيري “حظي بالموافقة وبالقبول النهائي يوم 18 سبتمبر الماضي خلال الدورة 45 للجنة التراث العالمي بالعاصمة السعودية الرياض وذلك بعد عمل خبراء وجهود كبرى في الحشد لهذا الملف حيث يعتبر تجسيل جربة في التراث العالمي لليونسكو الممتلك التاسع المسجل لتونس مع وجود عدة معالم بالقائمة التمهيدية لليونسكو ستحظى ببرمجة وعناية للتسجيل في قائمة التراث العالمي.

 

منصف كريمي

التعليقات

علِّق