بعد 11 يوما من وصول مستشفى قطر الميداني : من يعرقل انطلاقه في العمل ولمصلحة من تعمل بعض الأطراف " الغامضة " ؟

بعد 11 يوما من وصول مستشفى قطر الميداني : من يعرقل انطلاقه في العمل ولمصلحة من تعمل بعض الأطراف " الغامضة " ؟

منذ حوالي 11 يوما أرسلت لنا دولة قطر الشقيقة  شحنة المواد والمستلزمات الطبية لمساعدة السلطات التونسية في مواجهة  تفشي فيروس كورونا .وتضمنت المساعدة خاصة  مستشفى ميدانيا  قادرا على استيعاب  200 سرير مجهز بجميع المستلزمات الطبية  بالإضافة إلى 100 جهاز تنفس اصطناعي.

وقد تقرر فورا أن يتم تركيز المستشفى الميداني في ولاية بن عروس نظرا إلى أن هذه الولاية هي الأكثر تضررا من الجائحة وإلى أن المستشفى الجهوي بها ( الياسمينات ) عاجز عن استقبال المزيد من المرضى بإمكانات ضعيفة جدا يقابلها تزايد مهول في عدد الإصابات .

ولعلّ من الغرائب أن قام رئيس الحكومة يوم 13 جويلية الجاري بزيارة إلى هذا المستشفى الميداني الذي استقرّ الرأي على إقامته في مكان يمثّل محيط مستشفى الياسمينات وكانت تلك الزيارة " تدشينا " لمستشفى لم يجهز بعد وعملا بالعادة الحميدة لدى مسؤولينا العظماء وهي أن أخذ الصور التذكارية  أهمّ عندهم من الإنجاز...

ولعلّ ما شدّ الانتباه في تلك الزيارة ما قاله رئيس الحكومة الذي دعا   إلى " ضرورة توحيد الجهود في الداخل والخارج وإلغاء كل المعارك السياسية والانخراط في هذه المعركة الأساسية ضد وباء كورونا، ". لكن هل سيحدث هذا فعلا ؟؟؟.

ومن جهته توقّع المدير الجهوي للصحة في بن عروس  في نفس الزيارة إمكانية انطلاق العمل في المستشفى الميداني القطري بالياسمينات الأسبوع القادم ( يعني هذا الأسبوع الذي نحن فيه باتبار أن التصريح كان يوم 13 جويلية ) بعد استكمال انتداب الإطار الصحي الذي سيباشر مهامه فيه.

اليوم نحن في 21 جويلية 2021 وما زالت الأمور تراوح مكانها في هذا لمستشفى لأسباب بعيدة كل البعد عن الحرص على المصلحة العامة مثلا بل مرتبطة تماما بعكس ما قاله وما دعا إليه رئيس الحكومة. فخلافا للمستشفيات الميدانية الأخرى التي تم تركيزها في أوقات  قياسية ( خاصة تلك التي ركّزها الجيش الوطني أو ساهم في تركيزها ) فإن المستشفى  الميداني بالياسمينات يشهد تعطيلات إدارية ( سياسية في الأصل ) حيث تفيد مصادرنا بأن بعض المسؤولين الكبار ( وأساسا من وزارة الصحة ) رفضوا أن تكون طاقة استيعابه 200 سرير وقاموا بتقليص الطاقة إلى 100 سرير فحسب متذرّعين ببعض الأمور " التقنية " ومنها بالخصوص تجهيز الفضاء بما يضمن خصوصية كل مريض ( مسافة التباعد بين سرير وسرير وحجب الرؤية  بين السرير السرير... ) ورفض أن يكون المستشفى تحت خيمة كبيرة أو مجموعة خيام بدعوى أن المواطنين يمكن أن يدخلوها وأن يعتدوا على الإطار الطبي ومساعديه  في حالة وفاة واحد من إفراد عائلات المواطنين ... لذلك تمت المطالبة ببناء سور خارجي على الأقل يحميهم من أي اعتداء محتمل ... إضافة إلى مشكلة دورات المياه والصرف الصحي التي طالب البعض بتركيز أفضلها بالرغم من أن الوقت ليس وقت مفاضلة أو اختيار... إضافة إلى مشاكل أخرى يبدو أن أغلبها مصطنع بدليل أن كافة المستشفيات الميدانية الأخرى تعمل بنسق عادي ولم تسجّل بها اعتداءات أو مشاكل خطيرة.

وإضافة إلى ذلك يبدو أن المسؤولين ( وزارة الصحة خاصة ) يرفضون تخصيص اعتمادات هي في الواقع ضرورية لتشغيل المستشفى الميداني الذي يمثّل الحلّ الوحيد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح بات الكثير منها يقضي في مستشفى الياسمينات الجهوي العاجز عن فعل أكثر ما يفعله العاملون به يوميّا وفي كل حين

وإذا لخّصنا القول فإن النتيجة ستكون واضحة للعيان:

- قطر أرسلت كل شيء وزيادة  يوم 9 جويلية 2021

- رئيس الحكومة ومجموعة من المسؤولين قاموا يوم 13 جويلية بتدشين " شبح " لمستشفى لم يجهز بعد ولم يحن وقت تدشينه

- البعض يرفض ويطالب بتوفير شروط وأمور لا يقتضيها الظرف الذي يتطلّب السرعة القصوى لإنقاذ الناس وليس تعطيل العمل

- البعض " اجتهد " ونجح في تقليص  طاقة الاستيعاب إلى 100 عوضا عن 200 سرير وهذا في حدّ ذاته خطأ يرتقي إلى مرتبة الجريمة لأنه يتم في وقت تحتاج فيه البلاد إلى أي سرير إضافي فيحصل العكس ونعمل على  حذف 100 سرير كاملة بتعلّات واهية ومرفوضة.

- المدير الجهوي توقّع أن ينطلق العمل في هذا المستشفى مع بداية هذا الأسبوع لكن ذلك لم يحصل لأسباب لا علاقة لها أصلا بالحرص على المصلحة العامة

- يبدو واضحا من كل ما سبق ( وممّا يحدث عموما في البلاد ) أن هناك إرادة فعليّة في تعطيل كل شيء لغايات قد يكون بعضها بات معلوما.

وللتذكير فقط وللتاريخ فقد كانت المتحدثة باسم وزارة الصحة   نصاف بن علية قد أعلنت  منذ حوالي أسبوع أن المنظومة الصحية التونسية قد انهارت جراء التصاعد القياسي لتفشي فيروس كورونا خلال الأيام الأخيرة  مؤكدة أنّ الأقسام المخصصة لمواجهة الفيروس بلغت طاقة اشتغالها القصوى. هذه المرأة أصدعت بالحقيقة فقوبلت بالرفض والجحود من مسؤولين يبدو أنهم تعوّدوا على السياسات القديمة التي ترفع شعار " السماء صافية والعصافير تزقزق " عاليا مهما كانت طبيعة الواقع  لأنهم تعوّدوا على التزييف وأن بقاءهم أصل مرتبط بالغش والتزييف.

جمال المالكي

 

التعليقات

علِّق