بعد تكليف المشيشي برئاسة الحكومة : قيس سعيّد والأهداف السياسية الخفيّة ...

بعد تكليف المشيشي برئاسة الحكومة : قيس سعيّد والأهداف السياسية الخفيّة ...

بقلم : قيس بن مراد

لا تزال التصريحات التي ألقاها الرئيس قيس سعيد في أعقاب تكليفه وزير الداخلية هشام المشيشي بتشكيل الحكومة المقبلة تلقي بظلالها في المشهد السياسي التونسي ، حين دعا لمراجعة الشرعية، مما فتح باب التأويلات بشأن سعي الرئيس لتغيير النظام السياسي وتحجيم دور البرلمان.

وقال الرئيس التونسي في خطاب التكليف إنه "يحترم الشرعية، لكن آن الأوان لمراجعتها حتى تكون بدورها تعبيرا صادقا وكاملا عن إرادة الأغلبية".

ولعلّ ما يبرّر تخوفات الأحزاب السياسية في تونس رغم بعض " المجاملات "، هو تكليف هشام المشيشي بتشكيل حكومة جديدة خارج مقترحات الأحزاب السياسية المشاركة في السلطة ، حيث أن الرئيس سعيّد رأى فيها "عودة للشرعية" والمعارضون "إنكاراً للدستور".

لكن ، المؤكد أن قيس سعيد حقق عدة أهداف بكرة واحدة على اثر فرصة ذهبية وتاريخية أهدتها إليه الأحزاب، ولم يكن ليحلم بها يوما لولا أخطائهم الكارثية .
فسعيّد غيّر النظام السياسي بطريقة غير مباشرة دون  استفتاء ولا تغيير للدستور ، كما سحب السلطة من موقعها الأصلي من برلمان " باردو " واستحوذ على كل الصلاحيات في قصر  قرطاج، وهذا من بين أبرز المقترحات التي ناقشها سعيد في حملته الانتخابية حيث وعد ناخبيه بمراجعة النظام السياسي من أجل الذهاب إلى نظام رئاسي لتعزيز صلاحيات الرئيس والحد من تشتت السلطات بين البرلمان والحكومة والرئاسة.

الرئيس سعيّد ، ومن خلال تكليفه لهشام المشيشي ، قزّم حركة النهضة وأبعد راشد الغنوشي عن دائرة القرار لأول مرة منذ الثورة وقام بالقضاء على " سلطة " الأحزاب .
وبالإضافة إلى كل تلك الأهداف التي سجّلها سعيّد ، فقد وجّه رسائل غير مباشرة للمنظمات الكبرى التي  كانت تطالب  بتعيين رجل إقتصاد على رأس الحكومة لإنقاذ البلاد من شبح الإفلاس، ومفادها أنه صاحب القرار الوحيد وأنه يفعل ما يريد .
أهداف سعيّد " السياسية " تواصلت حيث قام بتغيير منظومة الحكم في اتجاه تصوّره  الشعبي ، كما ضمن قاعدة جماهيرية جديدة لدى  أعداء النهضة في الداخل - وهم معروفين باستعدادهم دعم كل سياسي يقدر على ابعاد هذا الحزب من دائرة الحكم -، كما ضمن مساندة لا محدودة من اعداء النهضة في الخارج وخاصة من الإمارات ومصر وفرنسا ، وهي دول تساند كل من يعينها على حماية مصالحها في ليبيا.
لكن ورغم كل تلك الأهداف التي سجّلها قيس سعيّد ، فإن الوضعية لن تبقى على حالها ، لأن اطرافا عديدة سواء من الداخل او من الخارج لن ترضخ لهذا الوضع الجديد ، وبالتالي فإن  القادم سيكون أصعب.

فحكومة المشيشي ستكون مثل سابقتها حكومة الرئيس ، وإن فشلت فمن غير المنطقي حل البرلمان الذي لم يكن سببا في اختيار الفخفاخ ولا المشيشي. ، طبعا اذ ما احترمنا العلاقة السببية فإن مصدر الفشل هو مؤسسة الرئاسة وليس البرلمان  ، .
فلا المشروعية ولا الشرعية تقتضي اتخاذ  القرار والفشل فيه ثم تحميل المسؤولية لمن مُنع من أخذ القرار ... فببساطة إذا فشل المشيشي فالمطلوب إعادة الإنتخابات الرئاسية بنفس منطق مستشاري الرئيس المساندين لحلّ البرلمان دون أي مبرر سببي ولا حتى ديماغوجي .
فمن فشل في الأشهر الأخيرة على المستوى السياسي والإقتصادي والإجتماعي ليس الأحزاب بل الرئيس الذي يحاربها من أجل منعها من مراقبة "طلعاته " السياسية  عبر البرلمان .

التعليقات

علِّق