بعد العفو الخاص عن برهان بسيّس : هل ميّز الرئيس بين التونسيين ؟

بعد العفو الخاص عن برهان بسيّس : هل ميّز الرئيس بين التونسيين ؟

ذكرت مصادر إعلامية أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أصدر عفوا خاصا في حق القيادي في النداء برهان بسيس.".
هذا الخبر المقتضب الذي لا يتجاوز سطرين اثنين يحمل في طيّاته  أطنانا من الغموض والتساؤلات  التي انطلقت في الواقع منذ مدّة أي منذ أن شاع خبر مماثل يفيد بإمكانية أن يتمتّع برهان بسيّس بعفو  رئاسي خاص يغادر بموجبة السجن .
ومنذ  أن سرت " الإشاعة " التي يبدو أنها تحولت إلى يقين انقسمت  الآراء ( حتى القانونية منها ) إلى نصفين على الأقل : نصف يقول إن من حقّ رئيس الجمهورية أن يصدر عفوا رئاسيا خاصا على أي سجين ووقتما يشاء . ونصف يقول إنه ليس من حقّه ذلك إلا في إطار عام وشروط خاصة منها بالخصوص أن يكون قد  صدر على السجين حكم نهائي وباتّ وأن يكون قد قضي نصف المدة  وأن يستجيب إلى شروط معيّنة منها حسن السلوك ومنها أن إطلاق سراحه لا يمثّل أي خطر على المجتمع ..إلى غير ذلك من الشروط التي حددها المشرّع في كل عفو رئاسي جرت العادة أن يكون مقترنا بالمناسبات الوطنية أو الدينية إضافة إلى أن العفو يكون باقتراح من  لجنة خاصة صلب وزارة العدل هي التي تقترح  قائمة في العفو بناء على الشروط المعلومة ثم تعرض القائمة على رئيس الجمهورية الذي يختمها كي تصبح نافذة .
وقد تصدّر الرأي  الثاني مشهد " أصحاب   الرأي " الذي استغربوا كيف يصدر رئيس الجمهورية عفوا بهذه الطريقة التي يرون أنها تخالف القانون والدستور وفيها تجاوز لصلاحيات الرئيس . وقد ذهب البعض من أصحاب هذا الرأي إلى حدّ التأكيد أنه لا توجد " أسباب موضوعية  لهذا القرار إلا سببا واحدا وهو أن برهان بسيّس صديق  ابن الرئيس وإن نداء تونس الذي يعيش أسوأ حالاته ما زال في حاجة إلى خدمات برهان " حسب ما صرّح به بعضهم طبعا .
وأكّد أصحاب هذا الرأي أيضا أن الرئيس الذي من المفترض أن يكون رئيسا لكل التونسيين دونما تمييز على أي أساس كان " هزّه الحنين إلى الحزب الذي أسسه واستمع إلى نداء ابنه وليس إلى نداءات التونسيين عندما قرر العفو عن برهان  بسيّس " . ويؤكّد  هؤلاء أن موقفهم هذا ليس مبنيّا على أي موقف من برهان أو أي شيء ضدّه بل إن لهم نفس الموقف لو تعلّق الأمر بأي إنسان آخر .
وفي كل الحالات فقد فتح الرئيس بقراره هذا بابا لا يمكن غلقه أو نسيانه  بسهولة . وبدأ الناس يتساءلون جهرا وفي السرّ : لو كان شخص آخر غير برهان بسيّس أو  لا ينتمي إلى نداء تونس ( ينتمي إلى النهضة مثلا و بالخصوص ) فهل كان الرئيس يصدر عنه عفوا خاصا وبهذه الطريقة التي يرون فيها " تحيّزا وتفضيلا " قد لا يحظى به آخرون إذا سلّمنا بأن من حق الرئيس القانوني أو الدستوري أن يفعل ما فعل " ؟؟؟.
وفي نفس الإطار دائما يرى البعض من " المحايدين " أن هذا العفو " سياسي بامتياز " ويتنافى مع أبسط مبادئ  دولة القانون والمؤسسات التي من المفروض أن يكون رئيس الجمهورية الضامن الأول لها وليس أوّل من يخرق مبادئها .
جمال المالكي
 

التعليقات

علِّق