بعد التهديد بتعميم إضراب صفاقس على بقية الجهات : هل يريد الاتحاد " إشعال " البلاد ؟

بعد التهديد بتعميم إضراب صفاقس على بقية الجهات : هل يريد الاتحاد " إشعال " البلاد ؟

تم اليوم مثلما هو معلوم تنفيذ الإضراب العام في القطاع الخاص بمدينة صفاقس . وقد لاحظنا أن بعض النقابيين أبدوا " فرحا كبيرا " مؤكّدين أن الإضراب ناجح بنسبة كبيرة جدا .

وفي نفس السياق  هدد الأمين العام المساعد حفيّظ حفيّظ اليوم بتعميم الإضراب على كافة جهات البلاد بدعوى أن اتحاد الأعراف يتلكّأ في تنفيذ ما التزم به مع اتحاد الشغل من اتفاقات وبدعوى أن عمّال القطاع الخاص من حقّهم المطالبة بالزيادة في أجورهم نظرا إلى تدهور القدرة الشرائية للتونسيين في الأعوام الأخيرة.

أنا شخصيّا لا أنكر على الأمين المساعد ولا على اتحاد الشغل  عموما حقّ الدفاع عن كافة الشغالين في القطاعين العمومي والخاص . وهذا هو دور الاتحاد التاريخي الذي لا يمكن لأحد أن ينكره . كما لا يمكن لأحد أن يجحد أو ينكر أن الاتحاد كان وما زال وسيظل عنصر توازن في مسألة الدفاع عن الشغالين حيثما كانوا. لكن الأكيد أن الدفاع عن حقوق الشغالين يأخذ بعين الاعتبار عدّة عناصر وعدّة معطيات  منها الوضع الاستثنائي الصعب الذي تمرّ به البلاد على كافة المستويات والتراكمات التي أدّت إلى انهيار القدرة الشرائية لأغلبية التونسيين وليس القطاع الخاص وحده.

من جهة أخرى لم يمض على تكوين حكومة " نجلاء بودنّ " سوى وقت قصير . وهي ووزراؤها ما زالوا يتحسسون أماكنهم وما زالوا غير ملمّين بما ينتظرهم من ملفات في كافة المجالات .وفي هذا السياق يمكن لأي شخص أن يفهم أن هذا التصعيد في ظل حكومة حديثة العهد ولم تبد أي رفض لمطالب الاتحاد ليس سوى محاولة إرباك للحكومة الجديدة وتأزيم للوضع المتأزم بطبعه. ولا أعتقد أن هذا هو موقف قيادة الاتحاد أو مقصده في هذا الظرف بالذات وهو ظرف يقتضي من كافة الأطراف الكثير من الحكمة والعقل والرصانة والقليل من التضحية .

وعندما أتحدث عن التضحية فلست أقصد رمي هذه المسألة على عاتق الشغالين وحدهم بل هي مطلوبة من كافة الأطراف عسى أن تتضح الرؤية وأن تتحدد ملامح المرحلة المقبلة . والتضحية والمسؤولية تعنيان أنه على اتحاد الشغل ومن خلال دوره الكبير الذي يلعبه في التوازنات الاجتماعية خاصة أن يؤجّل المطالبات المادية إلى وقت لاحق تستقرّ فيه الأمور. والتأجيل لا يعني الإلغاء بل ترحيل المطالب إلى وقت لاحق لا غير وبالتوازي مواصلة الحوار والتفاوض مع منظمة الأعراف والطرف الحكومي الذي لا نعتقد أن باستطاعته أن يفعل شيئا إيجابيّا في ظل التصعيد أو التوتّر الاجتماعي اللهمّ إلا إذا كان في قيادة الاتحاد من يدفع إلى التصعيد والتعجيز مستخدما العمال سلاحا لتحقيق غايات لا نعلمها.

وفي كافة الأحوال نعيدها ونكررها إن الظرف لا يسمح بتصعيد الموقف والدعوة إلى الإضراب العام الشامل في البلاد. فمع الإقرار بحق الاتحاد في الدفاع عن منظوريه فإن على الاتحاد أيضا الإقرار بأن خطوة كهذه ( التصعيد ) لا تخدم مصلحة أحد بما في ذلك مصلحة الاتحاد. ولعلّ قيادة الاتحاد التي تستنكر هذه الأيام ما تسميّه " حملة تشويه للاتحاد " تدرك أن هذا التصعيد سيؤكّد مزاعم من يكونون وراء الحملة . وعلى هذا الأساس لابدّ من التريّث وإعطاء كافة التفاصيل حق قدرها حتى لا نصل وتصل البلاد إلى مرحلة لا أحد ممّن يحملون ذرّة واحدة من الوطنية يتمنّى أن تصل لها.

جمال المالكي

 

 

التعليقات

علِّق