بعد الاعتداء الجديد على الصحافيين بمقر " وات " : هل يعيش هشام المشيشي بشخصيّتين منفصلتين متناقضتين ؟؟؟

بعد الاعتداء الجديد على الصحافيين بمقر " وات "  : هل يعيش هشام المشيشي بشخصيّتين منفصلتين متناقضتين ؟؟؟

منذ البداية أستنكر وأندّد   بكل شدّة العنف الذي مارسه الأمن  " الجمهوري جدّا " على البعض من الصحافيين والصحافيات بوكالة تونس إفريقيا للأنباء خلال محاولة تنصيب رئيس مدير عام جديد بالقوة العامة في سابقة لم يشهدها تاريخ تونس الحديثة حتى في مرحلتي الاستبداد لكلّ من بورقيبة وبن علي . وبناء على ما حدث أعلن عن تضامني الكامل والمطلق مع كافة الزملاء والزميلات العاملين بهذه المؤسسة الإعلامية التي  استبيحت حرمتها بقرار سياسي لم يعد يخفى على أحد .

ثانيا أريد أن أوضّح بعض النقاط التي كانت وراء رفض الزملاء في الوكالة تعيين كمال بن  يونس في منصب الرئيس المدير العام لهذه الوكالة . فقد قامت الحكومة منذ بضعة أيام بتعيين مال بن يونس دون  التشاور مع هياكل المهنة  مثلما تنص عليه كافة الاتفاقات السابقة مع كافة الحكومات السابقة على أساس أن كافة التعيينات في المؤسسات الإعلامية العمومية والمصادرة لا تتمّ إلا بعد التوافق الموافقة عليها من قبل أهل المهنة والحكومة .

وبسرعة البرق صدر قرار التعيين بالرائد الرسمي بما أوحى للجميع بأن الحكومة ما زالت تواصل سياسة " المباغتة " أو لنقلها بالعاميّة " الغدرة " في محاولة لتركيز الموالين لها قبل " أن يستفيق القوم من غفوتهم " فيرفضون بعض التعيينات التي تفوح منها روائح حزبية وروائح موالاة .

أما السبب الثاني الذي جعل الأغلبية الساحقة من الزملاء في الوكالة ترفض تعيين كمال بن يونس ( وكذلك أغلبية الصحافيين التونسيين الرافضين ) فهو تاريخ هذا الصحافي سواء في التجمّع قبل 2011 أو في النهضة بعد 2011 . والتاريخ هنا يقول بالحجج والأدلّة  إن كمال بن يونس كان واحدا ممّن انقلبوا على المكتب التنفيذي لأوّل نقابة للصحافيين التونسيين  ( كانت جمعية ) سنة 2009 بعد أن تمت الانتخابات بحرية ونزاهة وفشل خلالها التجمّعيون في الوصول إلى المكتب وبالتالي الاستحواذ عليه وتسييره حسب ما يريد الحاكم . وهذا الانقلاب حصل بالفعل فأبطل الحاكم نتائج الانتخابات وأعادها بشكل جعل زبانيته يصعدون إلى المكتب التنفيذي وقد كان كمال بن يونس من أبرز مهندسي الانقلاب ... وكان ذلك بداية لمرحلة من الصدام بين الصحافيين الأحرار ونظام بن علي .

وعندما تم الانقلاب المذكور كان كمال بن يونس يعمل بدار الصباح . ولكم أن تسألوا قدامي هذه الدار العريقة عن صولاته وجولاته وعن المشاكل التي سبّبها للكثير من الزملاء الذين كانوا يعملون بعيدا عن الضغط وعن " الألعاب " . دون الحديث عن " براعة " بن يونس في مدح نظام بن علي والعائلة المالكة إلى درجة أنه كان يكتب عن " الفكر السياسي لليلى بن علي " التي كان أغلب التونسيين يدركون أن لا فكر لها أصلا فما بالكم بأن يكون لها فكر سياسي.

وأما السبب الذي قد يكون الأوّل ( بما أن الماضي قد يكون فات ومات بالنسبة إلى الكثيرين ) فهو أن كمال بن يونس لم يعد يخفي ولاءه للنهضة بعد 2011 بل وأصبح من أكبر منظّريها . أنا شخصيّا لست ضدّ أن يكون بن يونس أو غيره  نهضويّا ( أو من أنصار أي حزب آخر ) لأنه حرّ في فكره وانتمائه لكني ضدّ تعيين أي شخص على رأس مؤسسة إعلامية عمومية  يكون لها انتماء حزبي أو عقائدي ويكون " تابعا " للنهضة أو لغيرها من الأحزاب والتيارات .

ولعلّ من أسباب الرفض أيضا أن الكثير من الصحافيين تساءلوا : لماذا كمال بن يونس بالذات ؟. وبكل تأكيد لم يجدوا إجابة شافية ... بل إن الإجابة تؤكّد ما يتداوله السياسيون وهو أن رئيس الحكومة لا يملك قراره بيديه بل " ينفّذ " ما يمليه عليه حزامه السياسي وفي مقدّمته النهضة . وهذا يعني أن النهضة هي التي عيّنت كمال بن يونس في النهاية وليس رئيس الحكومة.

ومن خلال تكرار المعالجات الأمنية العنيفة خاصة منذ تولّي المشيشي رئاسة الحكومة وآخرها التدخّل العنيف لقوات الأمن لمقرّ الوكالة بتنا نتساءل بكل جديّة : هل يعيش هشام المشيشي بشخصيتين منفصلتين مختلفتين متناقضتين؟.

فقد لاحظنا وسمعنا  المشيشي في أكثر من مرّة وهو " يتبرّأ " من تدخّل عنيف لقوات الأمن لقمع احتجاج أو لأي أمر آخر... وسمعناه يقول إن القمع لم يعد له مكان في تونس اليوم وإن اعتداء الأمنيين على الناس مدان ومرفوض ... إلى غير ذلك من الشعارات " الثورية " التي لا تأتي إلا من شخص يؤمن بها فعلا ... وفي نفس الوقت نرى أن الإعتداءات تتوالى وتتكرّر وكل العالم بات مقتنعا بأن وزير الداخلية هو الذي ما فتئ يعطي الأوامر لقوات الأمن كي تتدخّل ... وطبعا فإن وزير الداخلية ليس سوى هشام المشيشي رئيس  الحكومة  الذي يقول دائما للناس إنه مع الناس وضدّ أن يعتدي الأمن على الناس .

إنها فعلا " أحجية " أو " فزّورة " مثلما يقول أشقاؤنا المصريون . ولعلّ ما هو أصعب منها هو : هل علينا أن نصدّق رئيس الحكومة أم نصدّق وزير الداخلية ؟. وإذا علمنا أن هذا هو نفسه ذاك تكبر الحكاية في رؤوسنا فلا نملك إلا أن نردّد : لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ... إنّا لم نعد نفهم شيئا في هذا البلاد العجيبة .

جمال المالكي

التعليقات

علِّق