بعد إيقاف رواتب بية الزردي و بن عمارة و بالواعر: متى يفتح الملف ويكشف " الخنّار الأزرق " للإعلام التونسي ؟

بعد إيقاف رواتب  بية الزردي و بن عمارة و بالواعر: متى يفتح الملف  ويكشف " الخنّار الأزرق " للإعلام  التونسي  ؟

 

يبدو أن كافة ملفات الدنيا وفي كافة القطاعات  تشهد بعض التغيّرات بالرغم من أن بعضها بطيء إلا قطاع الإعلام الذي  لم يتغيّر منه الكثير بعد 14 جانفي 2011 . بل إن هذا القطاع ازداد فوضى واختلط فيه الحابل بالنابل  ولم نعد نعرف أين الخطأ وأين الصواب . إلا أن الثابت في كافة الأحوال أن الإعلام في نظامي بورقيبة وبن علي كان بين ثلاثة أقسام  من الصحافيين : قسم اختار نهج المديح والانتهازية  ليصل إلى غايات معيّنة  وما أكثرها ... وقسم قليل جدّا اختار أن يمارس الصحافة على أصولها حتّى بالقدر المتاح فأكل العصا مثلما شاء ... وقسم ثالث اختار أن يكون  لا من هذا ولا من ذاك بل في موقع وسط  يضمن له اتّقاء  شرور عشّاق المديح  وبلائهم الذي لا أحد يعرف متى ينزل من السماء .
اليوم نجد أن قسم المديح ربّما تقلّص لكن الممدوحين زاد عددهم  فأصبح لكل صحافي   ( مبالغة طبعا مقصودة )  رجل سياسة أو رجل أعمال يمدحه  ويفيد ويستفيد . وفي المقابل أصبح لكل صحافي  " عدوّ " حتى إن كان لم يره ولم يقابله  لحظة في حياته لأنه في الواقع ليس عدوّة بل عدوّ صديقه  السياسي أو رجل الأعمال الذي يطلب منه أن يشتم زيدا وأن يفتري على عمرو فيفعل ... وفي ظل  كل هذه التحوّلات تفاقمت ظاهرة كانت موجودة سابقا لكن بقلّة وهي أن تجد صحافيا واحدا يعمل في 700 ألف مؤسسة   إعلامية  في حين أن جيشا كاملا من خرّيجي معهد الصحافة  ينتظرون فرصتهم منذ أعوام .
وهذه الظاهرة باتت تنخر القطاع بكل المقاييس لكن للأسف تجد من يدافع عنها .  ولعلّ أبرزها  يحدث في قطاع الإعلام العمومي حيث بات القاصي والداني ( بما في ذلك الحكومة التي تشرف مبدئيا على القطاع ) أن عشرات إن لم نقل مئات من الصحافيين والصحافيات العاملين في مؤسسات الإعلام العمومي  ( التلفزة الوطنية – الإذاعة الوطنية  وكافة الإذاعات الجهوية – جريدة لابريس – جريدة الصحافة – وغيرها كثير)  بنوا ديار مقام في وسائل إعلام أخرى خاصة في القطاع الخاص . ولو أننا عددنا الأسماء لما وسع المقام  لها كلّها . فقط نذكر أسماء بيّة الزردي وحاتم بن عمارة وحسان بالواعر الذين تحدّث عنهم الجميع منذ أن قررت  إدارة الإذاعة الوطنية أن تحيلهم على عطل دون مرتّب أو " أحالوا أنفسهم على ذلك " مثلما قال حسّان بالواعر اليوم في تصريح لإذاعة " جوهرة " .
ومهما اختلفت الأسباب فالمسألة واحدة وهي لا تخرج عن إطار الفساد الإداري والمالي الذي سمح للعديد من صحافيي القطاع العمومي وكذلك التقنيين بمختلف أصنافهم بالعمل في أماكن أخرى مقابل مرتّبات بعضها يفوق مرتّباتهم الأصلية  وهم بذلك يسدّون ألف طريق أمام غيرهم . ولعلّ السؤال الذي ظل منذ يومين يتأرجح دون إجابة هو: لماذا اتخذت إدارة الإذاعة  الوطنية هذا القرار الآن بالذات ولماذا لم تفعل ذلك منذ مدّة وهي تدرك جيّدا أن بية الزردي وحاتم بن عمارة وحسان بالواعر وعشرات آخرين يعملون على مرأى ومسمع منها منذ أمد بعيد ؟.
وعملا بالقولة الفرنسية : Tard vaut mieux que jamais   فإن المطلوب من كافة الأطراف المعنيّة  بهذا الموضوع على غرار رئاسة الحكومة ونقابة الصحافيين وفيدرالية مديري الصحف والاتحاد العام التونسي للشغل والمؤسسات الإعلامية العمومية وغيرها أن تقوم اليوم قبل غد بتفريك الرمّانة  وكشف الحقائق مهما كانت موجعة ومرّة من أجل الوصول إلى تطهير حقيقي وتنظيم جوهري وحقيقي لهذا القطاع الذي يكاد يحيد عن دوره  ليصبح حمّام نساء ... لا تعرف فيه الصحافية من الحارزة .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق