بعد إضرابهم الاضطراري : الأطباء الجامعيّون يستغيثون ونقابتهم تقول إن ما يحدث " جريمة دولة ؟

بعد إضرابهم الاضطراري : الأطباء الجامعيّون يستغيثون ونقابتهم تقول إن ما يحدث " جريمة دولة   ؟

مرة أخرى يشنّ الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة والاستشفائيين الجامعيين إضرابا " اضطراريّا " لأنهم لم يجدوا من يسمعهم من مسؤولي الدولة العاجزة أو التي تدّعي العجز عن حلّ مشاكلهم وطلباتهم التي لم تكن يوما مشطّة أو تعجيزية أو تساهم بصفة أو بأخرى في " تعجيز ميزانية الدولة ".

وأصل الحكاية ( المخجلة حقّا ) أن الدولة (  ممثلة بالخصوص في وزارة التعليم العالي ووزارة الصحة ووزارة المالية ) ورئاسة الحكومة ما زالت تطلب من هؤلاء الأطباء أن يعملوا مجانا وهي لا تعترف لهم إلى اليوم بما يقومون به في تدريس الطلبة بكليات الطب والصيدلة وفي تأطير الأطباء الجدد خلال تربصاتهم بالمؤسسات الاستشفائية العمومية . وأكّدت نقابة هؤلاء الأطباء أن التدريس بالكليات والتأطير بالمستشفيات لا قيمة لهما عند الدولة وأن من يقومون بهما لا يتقاضون مليما واحدا بالرغم من أنهم يعملون ما يقارب 60 ساعة في الأسبوع.

وأكّدت أحلام  بالحاج  الكاتبة العامة لنقابة  الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة والاستشفائيين الجامعيين  أكثر من مرة  كان آخرها خلال ظهور تلفزي منذ يومين  ضرورة وقفة مجتمعية حول قطاع الصحة العمومية لأنها عمود قطاع الصحة  موضّحة أن هناك تعاملا غير مسؤول تجاه القطاع كما أن المستشفى العمومي يعيش وضعية صعبة وأن هناك سعيا لخدمة مصالح  " لوبيات معيّنة " وليس مصالح المرضى محذّرة  بالمناسبة من تدريس الطب  في  الجامعات الخاصة.

وبيّنت  بالحاج  أن الأولوية اليوم هي تسريع إصلاح المنظومة الصحية   خاصة أن هناك  عزوفا كبيرا عن العمل داخل المستشفيات بسبب تردي ظروف العمل  خاصة في المستشفيات الجامعية.

ودعت أحلام بالحاج إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الأمن الصحي وإعادة الإعتبار إلى المستشفى العمومي والإعتراف بقيمة العاملين فيه وإلا فإننا سنذهب إلى الكارثة . وقد طالبت مرة أخرى  بضرورة تطبيق الإتفاقيات التي تم إمضاؤها منذ حوالي أسبوع أو أكثر  مع وزارة الصحة العمومية لا غير.

ومن خلال حديثها لاحظنا مرارة كبيرة لم تستطع إخفاءها بوصفها دكتورة وأستاذة وإنسانة تونسية يحزّ في نفسها ما آل إليه وضع المنظومة الصحية في تونس . وقالت أحلام بالحاج في هذا السياق جملة معبّرة جدّا لو يفهمها المسؤولون : " بأيّة روح وبأيّة عزيمة أقوم بتدريس طالب أو بتأطير طبيب شاب وأنا أعلم علم اليقين بأنه لن يستمرّ في تونس بل سيهاجر ليلتحق بآلاف من زملائه الذين فتحت لهم آفاق كبيرة في أوروبا والخليج ولم يجد فرصته في بلاده ؟".

وفي حقيقة الأمر فإن كلامها هذا يدلّ مرة أخرى على أن الدولة التونسية ( بمختلف مؤسساتها ) باتت مقبرة حقيقية للكفاءات التونسية  وإلا فما معنى أن يتخرّج آلاف من الأطباء والمهندسين بالخصوص ثم تلفظهم الدولة ولا تعيرهم أي نوع من الإهتمام بينما تتهافت عليهم بلدان أخرى فيها المتقدّم جدا على غرار ألمانيا وفرنسا اللتين استقرّ بهما خلال السنوات الأخيرة آلاف من خيرة أطبائنا ومهندسينا ؟؟؟. ألم يكن من الأفضل " لو كانت الدنيا دنيا " أن تستفيد بلادهم من علمهم وخبرتهم في إصلاح كل ما تمّ تدميره في هذه البلاد ؟.

ولا أعتقد أن العبارة التي ختمت بها الدكتورة بالحاج كلامهم وهي : " إن ما يحدث في قطاع الطب  إجرام في حق البلاد والمواطن "  غير دقيقة بل هي في صلب الموضوع وتكاد تلخّص كل شيء . فهل تستفيق الدولة وتخجل من نفسها ومن شعبها الذي قد يصل في لحظة ما إلى القطرة التي ستفيض الكأس بصفة قد لا  تعجب الدولة نفسها؟.

جمال المالكي

 

التعليقات

علِّق