بعد إحراق الطيار الأردني حيّا : الوحوش أرحم من هؤلاء الدواعش والإسلام لا يتشرّف بهم أصلا

بعد إحراق الطيار الأردني حيّا  : الوحوش أرحم من هؤلاء الدواعش والإسلام لا يتشرّف بهم أصلا

الحصري - مقال رأي

يبدو أن جماعة " داعش " ما فتئوا يطوّرون أساليب  الصلف والهمجية لديهم  ليظهروا للعالم أجمع أنهم من طينة أشد صلفا وعجرفة  من الحجر . وبقطع النظر عن اختلاف بعض الروايات التي يقول بعضها إن الطيار الأردني معاذ الكساسبة قتل منذ مدّة  فإن النتيجة هي واحدة وهي أن هذا التنظيم الداعشي الذي يدّعي ظلما وزورا وبهتانا أن أفراده مسلمون ليس في الواقع سوى أكبر عار على الإسلام  وعلى المسلمين . ولا نعتقد أن أخلاق المسلم تسمع بارتكاب هذه الفظاعات حتى مع أشدّ الناس عداوة له فما بالكم بشخص مسلم من المفروض أنه على نفس الديانة مع هؤلاء الوحوش ؟. 
 وفي الحقيقة عندما نقول " الوحوش " فإننا نظلمها لأنها أرحم من هؤلاء الدواعش المتلهفين دوما للدماء . ورغم انخراط بعض الأنظمة العربية في ما بات يعرف بالحرب على داعش التي تقودها كالعادة الولايات المتحدة الأمريكية  فإن الأمر لا يكفي للقضاء على هذا الوباء الذي يهدد بالإنتشار إذا لم يهتد الناس إلى أسبابه فيسعون إلى القضاء عليها . ولا نعتقد أن ذلك سيكون سهلا في ظل تمسّك الحكام العرب بالكرسي وانصرافهم إلى الطرق التي بها يحافظون على الكرسي  ... وليس مهمّا بعد ذلك بأي ثمن يواصلون الحكم  والجلوس على الكرسي. 
أما الأسباب التي تجعل الكثير من الشباب يسقطون في شراك " داعش " فهي كثيرة منها بالخصوص أن هذا التنظيم يستقطب خاصة محدودي المستوى التعليمي والمستوى الثقافي لأنه يسهل عليه غسل أدمغتهم وإقناعهم مثلا بأنهم كلّما أمعنوا في القتل والتشنيع بالناس كلّما زادت مراتبهم في الجنّة ... !!! . وطبعا هناك الجهل والتخلف والفقر والتهميش  والظلم والمحاباة  وعدم إتاحة الفرص للجميع على نفس القدر من المساواة ... وكل هذه العوامل تجعل البعض من الشباب العربي فريسة سهلة سرعان ما تقع في براثن أقطاب التنظيم الإرهابي الذي يدرك أفراده جيّدا ما يفعلون . ونعتقد أن على الحكام العرب أن ينسوا الكرسي قليلا وأن يسعوا إلى إقامة أقصى ما يمكن من إصلاحات في بلدانهم إذا أرادوا محاربة " داعش " والقضاء عليها قبل أن تستشري في كافة الجسم العربي خاصة أنهم يدركون أن المعالجة الأمنية والعسكرية لا تكفي للقضاء على هذا الوباء . ومثلما قلنا في البداية ومهما كانت الحقيقة حول حرق الطيار من عدمها ( بعض الأطراف نسبت منذ قليل إلى الأردنيين قولهم إن ما ظهر من حرق ليس صحيحا باعتبار أنهم يعرفون أن الطيار مات منذ مدة ) فإن موقفنا من " داعش "  سيظل نفسه لأن ما يفعله هذا التنظيم لا يقل بشاعة من حرق شخص وهو حيّ .
تبقى ملاحظة لابد منها وهي تتلخّص في ما صدر عن الكاتب البرازيلي المعروف " باولو كويلهو " الذي قال : " أين الملايين من الذين غرّدوا : كلنا شارلي ؟؟؟. لماذا لم يغرّدوا كلنا معاذ ؟". وقد جاء قوله هذا في سياق انتقاده لموقف " العالم المتقدم  الذي قال إنه يتميّز بازدواجية الخطاب  والمعايير في إشارة إلى أن الدنيا قامت ولم تقعد عندما مات مواطنون فرنسيون بينما كاد موت الطيار الأردني يمرّ دون  أي ضجيج يذكر .
 
جمال المالكي
 

التعليقات

علِّق