بسّام الوكيل : " الإختبار الحقيقي الأول لديمقراطيتنا الناشئة "

بسّام الوكيل : " الإختبار الحقيقي الأول لديمقراطيتنا الناشئة "

كتب رجل الأعمال ورئيس مجلس الأعمال التونسي الإفريقي بسام الوكيل التدوينة التالية حول الوضع السياسي والاقتصادي والغجتماعي في تونس :

ثماني سنوات مرت منذ أن أخذ الشباب التونسي مصيره بين يديه ومنذ أن هطلت  الألقاب المؤثرة التي تشيد وتمدح هذا التغيّر الديمقراطي وتنشر أخباره تحت عناوين مختلفة على غرار : "الديمقراطية الناشئة في تونس"  و"التجربة التونسية" و " الاستثناء التونسي في دول  الربيع العربي "... لكن ما حقيقة الأمر حول هذه " الديمقراطية الفتية " وما الذي جلبته للشعب التونسي؟.
خلال السنوات الأربع الأولى  أصرّت جميع الجهات الفاعلة في المشهد السياسي  مرارًا وتكرارًا  على الحاجة  الملحّة لتنفيذ الإصلاحات السياسية ولا شيء آخر... وعلى أن الاقتصاد ليس من أولويات الانتقال الديمقراطي و يمكن أن تنتظر. وهنا  علينا أن نسأل طبعا : هل إن " سياسة النعامة " هذه نتيجة سذاجة متأصلة ونابعة من  عدم الكفاءة الخافية أم كانت تنكرًا عميقًا ومؤكّدا للقنبلة الموقوتة التي كانت تنتظر اقتصادنا؟ .

لقد وعدنا المنتخبون الجدد في 2014  بمعجزة اقتصادية وبإحياء النمو الاقتصادي وقالوا إن لهم كفاءات ومهارات كافية لتكوين أربع حكومات  وليس حكومة واحدة. ودون الدخول في التفاصيل التي أفضّل أن أعفيكم منها  أقول إنه بات  من الواضح أن الشعب التونسي قد اكتشف الحقيقة وانتهى به الأمر إلى  وضع أسوأ من الوضع  الذي عاشه زمن حكم " الترويكا " . ولا شك أننا من الناحية الاقتصادية  ما زلنا اليوم لم نأمن شرّ هذا   الكابوس ونحن على بعد حوالي  6 أشهر فقط من الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة .

اليوم يمكن أن نتساءل ما هي الدروس التي علينا أن نتعلمها من هذه التجربة المريرة للانتقال الديمقراطي لتجنب المزيد من خيبة الأمل للفترة  الممتدة بين سنة 2019 وسنة 2024 ؟.  واسمحوا لي قبل أن أجيب  بأن  أذكّركم بمثل أمريكي يقول " الديمقراطية جيدة ولكن يجب نشرها وتعميمها " أو في هذا المعنى (Democracy is good but it has to deliver ).
إن أول درس يجب أن نحفظه هو أن كلام السياسيين لا يلزم سواهم  ذلك أن 90 بالمائة من وعودهم أو أكثر غير واقعية وغير قابلة للتحقيق ولأن قلة منهم فقط  تجرؤ على الالتزام  بالشفافية في مواجهة الحقيقة والواقع الذين يصعب هضمهما.
أما الدرس الثاني فهو أن الأحزاب السياسية  لا تفكّر إلا في مصالحها وأن لها قناعة تقول : الحزب قبل الوطن مهما كانت  الرهانات  والنتائج .
وأما الدرس الثالث فهو أن نجاح أيّة حكومة يرتكز بالأساس على رؤية واضحة لمستقبل البلاد وعلى شجاعتها السياسية في تنفيذ الإصلاحات وخاصة على عمل فريق من الكفاءات يستطيع أن يسطّر وينفّذ استراتيجيتها السياسية .

 

ولعل الدرس الأخير الذي نستخلصه هو أنه إذا أردنا أن نغيّر الأوضاع والأشياء يجب أن نتجنب سياسة " الكرسي الشاغر " وأن ننخرط كليّا في المعركة السياسية من أجل اختبار المستوى الثقافي وأيضا كفاءات الأشخاص الذين يترشحون للانتخابات واختبار انتمائهم الحقيقي هل هو الحزب أم الوطن ؟.

إن الانتخابات التشريعية المقبلة ستكون دقيقة وحاسمة في ما يتعلّق بمستقبل بلادنا وهي تأتي في وقت ما زال فيه إنقاذ البلاد ممكنا حتى لو كان صعبا . وسيكون على المجتمع المدني أن يلعب دورا هاما ومحددا من أجل التحفيز ليس فقط الناخبين بل أيضا كافة الوطنيين وكفاءات هذه البلاد  وحثّهم من أجل تنشيط حوارات سياسية وتلميع  صورة استخدامنا لحرية التعبير والديمقراطية.

إن تونس في حاجة إلى شبابها الذي أصبح جزء هام منه للأسف لا يفكّر إلا في مغادرة البلاد " ليحقق أحلامه خارج حدود الوطن التي غذت هذه الأحلام ".
إن بلادنا هي التي تزرع وتنبت  لتأتي  في النهاية البلدان المضيفة فتجني ثمار ما تزرع أي خيرة  شبابنا.
إن تونس تحتاج  اليوم إلى كل هؤلاء المواطنين الشرفاء الذين فرّوا من الحياة السياسية  ورفضوا أن يقع المسّ من  سمعتهم  أو التشكيك في نواياهم بينما يفتقر المشهد السياسي الحالي إلى قدر كبير من  الأخلاق والدماء الجديدة.
لقد حان الوقت  كي نمنح تونس كل  النزاهة  وكل الولاء الذي تستحقه.

التعليقات

علِّق