بسبب شخص مطرود وسلطة عاجزة عن تطبيق القانون : شركة " مزارين " البترولية قد تغادر تونس نهائيّا

بسبب شخص مطرود وسلطة عاجزة عن تطبيق القانون :   شركة " مزارين " البترولية  قد تغادر تونس نهائيّا

إثر تواصل تعطيل الإنتاج  لمدة أكثر من شهرين ونصف بسبب بعض الإضرابات أو المطالب العشوائية  اضطر  المدير التنفيذي لشركة " مزارين إينرجي " " Edward van Kersbergen     "  مع موفى شهر مارس  الماضي  إلى  المجيء إلى تونس حيث التقى رئيس الحكومة هشام المشيشي ووزير الصناعة والطاقة والمناجم بالنيابة محمد بوسعيد للتنبيه من خطورة الوضع في حقل الإنتاج وحجم الخسائر التي تتكبدها الشركة والدولة التونسية معا.

وأكّد المدير آنذاك عزم شركة  " مزارين " على مواصلة استثماراتها في تونس وأعلن عن الشروع المرتقب في استغلال امتياز جديد للشركة سيسمح لها بمضاعفة الإنتاج في بلادنا . وفي نفس السياق أوضح  مدير الشركة  الأهميّة التي توليها " مزارين " لمسألة الطاقات المتجددة وجدد عزم الشركة عل المساهمة في تطوير الطاقات الخضراء في تونس .

وخلال ذلك اللقاء أثار  المدير مع رئيس الحكومة ووزير الطاقة  مسألة التعطيل المتكرّر للإنتاج في حقل " الغريب " بمعتمدية الفوّار من ولاية قبلّي منذ يوم 14 جانفي 2021 من خلال اعتصام فوضويّ تسبّب في خسائر ماليّة كبيرة وفادحة سواء بالنسبة إلى الشركة أو إلى الدولة التونسية.

ومن جانبه عبّر رئيس الحكومة عن وعيه بهذه الوضعيّة وقد أعطى تعليماته لوزير الطاقة  والسلط المحلية والجهوية لأخذ  الإجراءات اللازمة  وما يحتّمه الوضع   من تدابير مناسبة من أجل حلّ هذا المشكل في أقرب وقت ممكن  مجدّدا  التزام الدولة التونسية بأن تكون الضامن لسلامة استثمارات الشركة  والحامي لمواقع إنتاجها.

ويبدو أن الأوضاع التي عرفت نوعا من الهدوء من  خلال عودة الإنتاج وتنفيذ الشركة لكافة تعهّداتها وزيادة فإن الأمور قد تعود إلى  نقطة الصفر بداية من هذا الأحد 6 جوان 2021 إذا لم تتدخّل السلطة لإيجاد مخرج لهذه الأزمة الجديدة

فقد انطلقت بالفعل مع بداية شهر جوان الحالي بالشركة أزمة جديدة بسبب شخص مطرود ( م- ب - خ )  عمد مجددا  ومنذ 3 أيام تحديدا إلى منع خروج شاحنات الشركة المملوءة بالنفط والغاز مستعينا هذه المرة بأفراد من عائلته  ( أمه وأخته ) وأفراد آخرين من معارفه لا علاقة لهم أصلا بالشركة.

وقد تم تقديم شكوى جنائية وعقدت جلسة الاستماع ظهر أمس بحضور محامي الشركة . وفي هذا الإطار  يبدو أنه كان من المفروض أن تقوم فرقة الأبحاث الاقتصادية بدعوة  هذا الشخص صباح الجمعة 4 جوان 2021 . إلا أن المعلومات المتوفّرة تفيد بأن " تعليمات " صدرت ( كالعادة )  من قبل السلط الجهوية من أجل " تهدئة الأجواء " .

وتجدر الإشارة إلى أن خطر إغلاق آخر مرّة أخرى  قد بات  للأسف حتميا  ولا مفرّ منه  قبل ساعات من  بدء التشغيل المنتظر  لبئر " سيدي مرزوق  "  وهذا  أمر  مرفوض وغير مقبول بكل المقاييس.

ويعود أصل الأزمة إلى أن الشركة ومنذ انتصابها بولاية قبلّي قامت بالتعاقد مع شركة خدمات لتأمين بعض حاجاتها ومنها بالخصوص تأمين الغذاء للعاملين بالحقل. وقد أنهت شركة الخدمات المعنيّة مع نهاية ديسمبر 2020 عقود 9 من العاملين بها الذين لم يجدوا أفضل من تنفيذ اعتصام مفتوح منذ 9 جانفي 2021 أمام الحقل الذي تستغلّه شركة " مزارين " بالفوّار مطالبين بإدماجهم ضمن الفريق العامل بالشركة بالرغم من أنهم يعلمون جيّدا بأنه لا توجد أيّة علاقة تعاقديّة مع هذه الشركة.

 وفي فترة لاحقة انضمّ إلى هؤلاء المحتجّين الذين يمنعون منذ مدّة خروج شاحنات البترول الخام عون سابق معزول من شركة " مزارين " لأسباب تأديبيّة  ( وهو المذكور أعلاه )   الذي يبدو أنه حرّض المحتجّين على الإصرار على الاعتصام من أجل إعادته إلى عمله من جهة وانتدابهم بالشركة من جهة ثانية. وقد تميّزت  السلطة المحليّة والجهوية بسلبيّة  مذهلة  إزاء تعطيل الإنتاج اللاقانوني المفروض من قبل المحتجّين وتعطّل الإنتاج في الحقل المذكور كليّا منذ 14 جانفي 2021 .

وللتذكير فإن شركة " مزارين إينرجي "   تعهّدت بأن تطلب من شركة الخدمات التي تتعامل معها إعادة العاملين الذين انتهت عقودهم معها  وهو ما حصل بالفعل إذ عاد الأعوان التسعة إلى العمل مع شركة الخدمات . لكن يبدو أن بعض الأطراف ما زالت مصرّة على ضرورة إعادة العون المفصول من شركة " مزارين "  بما فيها  الاتحاد الجهوي للشغل  بقبلّي  الذي  أعلن سابقا  إضرابا عاما بجهة الفوّار بسبب هذا الشخص الذي يدرك الجميع أنه عزل لأسباب تأديبية بحتة .

وتعدّ  شركة " مزارين إينرجي "  من الشركات القلائل التي غامرت بالعمل في تونس بعد الثورة من خلال استثمار حوالي 50 مليون دولار على عدة مراحل . وهي تشغّل  أكثر 40 شخصا بين مهندسين وأعوان متخصصين .وتستخرج الشركة معدّل 1500 برميل يومّيا من البترول ( 1000 ) والغاز ( 500 ) توفّر عائدات يومية تناهز 100 ألف دولار تعود منها 50 بالمائة لفائدة الشركة التونسية للأنشطة البترولية أي للدولة التونسية التي تنتفع أيضا بأداءات أخرى من الشركة.

 وبالرغم من الخسائر الفادحة التي تتكبّدها الدولة ( أكثر من 10 ملايين دينار ) بسبب هذا الاعتصام الفوضوي  وبالرغم من وعد رئيس الحكومة بإيجاد حلّ جذري للمشكل وإعطاء تعليماته في هذا السياق إلى وزير الطاقة ما زالت السلطات الجهوية ترفض تطبيق القانون وحماية موقع الإنتاج تحت ذريعة " البحث عن السلم الاجتماعية ".

وفي الأثناء  تدخل الأزمة مرحلة جديدة وخطيرة هذه المرة  توحي بإمكانية توقّف الشركة نهائيا عن النشاط وربّما تنسج على منوال  الشركات الأجنبية الأخرى التي هربت بجلدها وقررت التوقّف عن الاستثمار في بلادنا طالما تشعر بأن لا أحد يحميها لا القانون ولا السلطة التي تتهرّب من تطبيق القانون. و يتواصل  بالتالي نزيف الخسائر بمعدّل أكثر من 100 ألف دولار يوميّا منها حوالي 75 بالمائة كان من المفروض أن تدخل إلى الخزينة الخاوية للدولة التونسيّة . خاصة في هذا الظرف الذي تعاني منه البلاد من صعوبات غير مسبوقة في تاريخها.

التعليقات

علِّق