بافالطفي اه...لو عندنا منه اثنان فقط

بافالطفي اه...لو عندنا منه اثنان فقط

انطلقت منذ مدة وجيزة حملة هوجاء مسعورة وواسعة طالت فنان تونس الاول وسفيرها الى كل أنحاء الدنيا لطفي بوشناق تعدت مجرد النقد وحتى الانتقاد لتصل الى حدود التشكيك في وطنية الرجل والنعت بابشع النعوت ...هكذا بلا حياء ولا خجل ...

وكعادته فناننا العملاق صامت ساكن لا تحركه اهواؤهم ولا طواحين هواهم ... ولعلها او اكاد اجزم أنها حملة اعلامية رخيصة يقف وراءها جمع من عشاق المقاهي المهجورة الذين لا هم لهم سوى ترشف كوب من الحليب وبعض الشاي والتهام سجائرهم وهي تفنى بين اصابعم المرتعشة التي لا حلم لها هي الأخرى سوى الاطلالات المتواصلة على عالم افتراضي يحكمه جهاز هاتف خلوي يمسكونه بين الايادي...جهاز دمر كل شيء وقضى عليه من الساعة الى الاذاعة والتلفزة الى الصحف والمجلات والعائلة والأطفال والتلاميذ والمجتمع والاخددد والقيم والعمل والعلم ...والاخلاق فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا .... في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ...يقضون لكل نجاح تراه أم اعينهم التي أعماها الفشل حيثما ولوا أعمالهم .

أقلام عديدة تسارعت الى الدفاع عن نجمنا الساطع وجار القمر العملاق لطفي بوشناق الذي لا يحتاج حقيقة الى أي لسان من ألسنة الدفاع اذ تغنيه جوائزه وشهائده من كل مكان بهذا العالم / لا يهم لونك ودينك لا يسارك لا يمينك / عن جميع شهاداتنا فلطفي ليس مجرد فنان انما مشروع لوحده وكتلة من الابداع ...فهو على أي ركح وحيثما كان واقف او جالس يبهرنا بكاريزما لا يملكها غيره . ..تلقائية لافتة ....حضور بديهة ...صوت يقطر طربا يظل صداه يتردد في الوجدان والشريان والذاكرة ولا ينتهي بكل أهاته ونغماته الا بتصفيق يكاد يخلد على طرب مطرب يتنفس طربا . أعمال خيرية بالجملة مستشفيات مدارس رياض أطفال مرضى التوحد ....أغان لكل القضايا الانسانية وفي كل المواضيع .. بوشناق ليس مجرد مغني أو ملحن او مطرب او ممثل انما هو كل هذه الصفات مجتمعة ومختزلة في كائن خارق واسطورة خالدة اسمها العملاق ..هو مشروع .. كروان صادح يقطر طربا لا ينتهي بل يظل صداه يتردد في الوجدان والذاكرة .. سفيرنا الى الكواكب والنجوم وكامل أنحاء الدنيا ... يسافر بنا الى عوالم لم نعرفها قبله وقد لا نعرفها بعده لان امثاله لا يتكررون ... مثله كمثل طيف فكرة لا نقدر لمسها ...فمن باستطاعته لمس حقيقة التطريب ...والحقيقة كما غناها من كلمات ادم فتحي ونقشها على جدران مسكنه / مرة جمرة ومرة حريقة/ ونحت الكروان الشادي العملاق وكره الخاص في حديقة منزله وقد حمل اسم /حكاية فارغة/ لان مطربنا الكبير يدرك جيدا أن الخلق للخالق وان من تواضع لله رفعه وانك لن تمشي في الارض مرحا ولن تبلغ الجبال طولا ... هكذا هو لطفي بوشناق .كد فوجد كافح فنال ..عمل واتقن ليرى الله عمله ورسوله والمؤمنون ...اما من لم يقدر على رؤية اعماله ومنجزه التاريخي فهو اما معتوه اعمى البصر والبصيرة او حاسد ..بغيض. ولانه عاشق لعمله من راسه حتى اخمص قدميه ولان قلبه الطيب الكبير مثل اسمه و مواظبته على عباداته ... الصلاة والصوم وذكر الله ...فقد سخر له الله في بداياته اسبابا ليتحول من مضيف طيران الى مسؤول في الشركة بمطار القاهرة الدولي...حيث كان الحلم الذي ظل يراوده منذ بدأ الغناء بعد وفاة والده .

لطفي بوشناق الى جانب كل هذا ملحن من كبار الملحنين في الوطن العربي وفي جميع الانماط الموسيقية والغنائية وهو الاغزر إنتاجا على مدار التاريخ ...وفق بين الكم والكيف ويكفيه فخرا انه صاحب رائعة / أنا خاطئ/ التي يتجلى سر النبوة في تلحينها وادائها . في رصيد الرجل أعمال خالدة يضيق المجال بذكرها ولذكرها فقد غنى النمط الصوفي والديني ولم يكتف بترديد الاناشيد المعروفة بل لديه مكتبة موسيقية كاملة عن الله ورسوله وحتى الاولياء الصالحين ومن اجمل اعماله في هذا المجال 600 بيت شعر ارتجالا في ذكر الله ومدح خير البرية من كلمات الشاعر العماني ذو الاصل الفلسطيني الشهير ابو مسلم البهلاني كما غنى بوشناق السنفونيات في سابقة هي الأولى من نوعها في العالم فتم وضع كلمات الرائع ادم فتحي على الحان بيتهوفن وستراوس وتشايكوفسكي ...ليغنيها فناننا الكبير فتصبح أغان ذائع صيتها في كل أنحاء العالم . وغنى أيضا في مجال تعدد المواضيع والقضايا عن المهن مثل الخباز والاسكافي والبيلياتشو مرورا بالموسيقار والقرداتي ...الخ من كلمات الشاعر المصري الكبير ماجد يوسف .. غنى المزود الشعبي التونسي فنجح / مسلسل نوبة / لنجله الاكبر عبد الحميد ...غنى الراب فابدع مع الفرقة العالمية/ ااايام / ومع التونسيين علاء و سمارا .. ابدع في انجاز موسيقى الأفلام والمسلسلات وغنى أروع الشارات لا في تونس فحسب بل في مصر ... وهنا مربط الفرس وبيت القصيد...فالعديد لام على مطرب تونس الاول استعماله للهجة المصرية مع منى الشاذلي في برنامجها الذي اختارت أن يكون ختامه مسكا اذ كانت الحلقة الاخيرة مع نجم الشعوب لطفي بوشناق الذي تم تكريمه في مائوية فنان الشعب سيد درويش وقد قدمته المذيعة الشهيرة تقديما يليق بمقامه بل وتقشعر له الابدان اذ اطلقت عليه لقب بافاروتي العرب الذي عرف به في مشارق الأرض ومغاربها مع دخول تاريخي على جمهور الاستديو والتلفزة لباس أنيق لا هندي ولا افغاني لا شرقي ولا غربي وشحه بعلمي تونس وفلسطين الممنوع في مصر لاسباب تتعلق بالامن القومي مع علم تونس في خلفية الشاشة مرفرفا عاليا مرفوعا على اعمدة الشمس كما غناها في رائعة احنا الجود احنا الكرم للشاعر التونسي المميز صلاح الدين بوزيان .. في هذه الاطلالة مع منى الشاذلي وللتاريخ كان لطفي متفردا لا يشبه الاخرين ...ثقافة موسوعية ..خفة دم .. تلقائية كبيرة ...اطلاع واسع على الشؤون العربية والعالمية .. مواقف لا تنسى ...

وقد جامل الشعب المصري الذي احتضنه اكثر من 5 سنوات اقام فيها بين اشقائنا هناك بما يليق فاكثر من الامثال الشعبية المصرية لتضحك المذيعة منى الشاذلي ملئ شدقيها ويصفق الحاضرون فخرا لأنهم ينتمون الى شعب اختار الله بلاده بذكرها في قرآنه الكريم في عدة مواضع تلميحا وتصريحا وكانت كلمة مصر مذكورة في كتاب الله بصريح العبارة 4 مرات لعل اكثرها تداولا ما جاء في سورة يوسف في الآية 99 بسم الله الرحمان الرحيم وقال ادخلوا مصر أن شاء الله آمنين . صدق الله العظيم كما ذكرت في سورة الزخرف والبقرة ويونس وفي موضع اخر من سورة يوسف و ذكرها الله تصريحا في كتابه الكريم عدة مرات فاسماها بالارض الخصبة ودار السلام .

وهنا تناسى بعضهم أن لطفي تحدث بلهجته التونسية من أول الحصة التي ختمها باغنية تونسي وتعرفني فرحان ويشرفني وتعمد ادخال بعض البهجة على مستضيفيه ببعض المفردات المصرية في سياق طريف علما وان العلاقات التونسية المصرية عريقة وضاربة في القدم من زحف بني هلال على الوسط التونسي الى تأسيس قاهرة المعز والمد الشيعي الذي طال مصر انطلاقا من المهدية / الدولة الفاطمية/...الى اليوم ...هذا دون نسيان الفن المصري الذي اسس لكل مدارس الفنون في وطننا العربي ... ولا يخفى على اهل مكة الادرى بشعابها أن الفنان الكبير لطفي بوشناق غنى لكل الشعوب والقضايا بل وهو سفير النوايا الحسنة للامم المتحدة وهو لقب تنازل عنه كما استقال من عضوية محكمة لاهاي الدولية في مواقف سيخلدها التاريخ . ولديه اكثر من جنسية لكنه أختار الاقامة بيننا في تونس ولم يخضع لاية مغريات مادية كانت او معنوية . لطفي جاء بالفنانين العرب ليغنوا الاغاني التونسية ولم يكتب او يلحن يوما لهم بغير لهجته كما فعل ويفعل الكثيرون مثل ميشلين خليفة من لبنان والشاب خالد من الجزائر ونور مهنا وعبد الله المريش من سوريا و..و .. واعرف من في بلدي كتب ولحن باللهجة المصرية الخالصة وهو الذي لم تطأ قدماه أرض مصر بعد ويلوم على فناننا الكبير الذي كان أول من غنى لاموني الي غاروا مني التونسية بدار الاوبيرا بالقاهرة ليرددها بعده نجوم الوطن العربي ولا داعي هنا لذكر اسماء من يعرفهم الناس ويعرفون انفسهم ...فهؤلاء أعمتهم الغيرة واهلكهم الحسد .

وفيما هم غارقون في حملة شعواء مسعورة و ممنهجة لا طائل منها ولا هم يحزنون .يعمل لطفي بوشناق بلا هوادة بلا عطلة او استراحة ..يسافر العملاق يوميا من الاستديو صباحا للتسجيل من عمل الى آخر ..ويرحل الى مكتبه مساء في رحلات الشتاء والصيف لتلحين ما يكتبه له الشعراء من مختلف اصقاع الدنيا ..وبعضهم مستعدون لدفع نصف أعمارهم من أجل الظفر بصوته الدافئ الجميل القوي الهادر الشادي الصادح الجبار ...وباسمه المكتوب بماء الذهب ...على صفحات شهائده وجوائزه وتكربماته كتكريمه الأخير في دار الاوبيرا المصرية من طرف وزير ثقافة مصر أم الدنيا ...حب من حب وكره من كره...لنبصم في النهاية بالعشرة انه فنان مبدع لا يتكرر ولا يجود الزمان بمثله مرتين .. ولنقولها مرفوعة بيضاء عالية مرة ومرات * آه لو عندنا منه اثنان فقط

بقلم * حنان قم*

التعليقات

علِّق