باتريك بوافر دارفور: يجب على الصحافي أن يتحلّى بالمسؤولية الفردية ... والجماعية

باتريك بوافر دارفور:  يجب على الصحافي أن يتحلّى بالمسؤولية الفردية  ... والجماعية

 

بنغمته الأسطورية وصوته المتواتر وابتسامته الساحرة انطلق أحد آخر نجوم التلفزيون الفرنسي في " الندوة - النقاش " (conférence-débat ) التي احتضنتها المدرسة الوطنية للإدارة أمام جمع غفير من الحاضرين الذين تنوّعوا بين صحافيين وأطباء ورجال أعمال وناشطين في المجتمع المدني .
وقد كانت هذه الندوة التي ينظّمها " التحالف الفرنسي " تحت عنوان : " الأخلاق في الصحافة والحريات السياسية " مناسبة للنقاش خلال ساعتين من الزمن في موضوع مشوّق ومعقّد في الآن نفسه في الوقت الذي يبدو فيه أن مسألة الأخلاق قد " حسمت " نحو النسيان مع اتساع النفوذ الذي لا يرحم لشبكات التواصل الاجتماعية .
 
 
وبأسلوب سلس ومريح تناول " باتريك بوافر دارفور " ( وإيّاه نعني ) موضوعا يبدو متمكّنا منه إلى أبعد الحدود وهو الذي قضى ما لا يقل عن 30 عاما سابحا في بحر مهنة الصحافة فخبر شعابها وانعطافاتها مقدّما بالمناسبة وبلمسة من الارتياح حياته المهنية الطويلة والثرية على كافة الواجهات .
وقال باتريك في هذا الإطار: " إن شبكات التواصل الاجتماعي عبارة عن قنوات لتصريف العواطف لكن يجب أن نعرف كيف وماذا نختار وهي أساس مهنتنا . ليس فقط عليك الاستعادة من خلال استبعاد الإكسسوارات ولكن عليك أن تعرف كيفية إعادة التداخل والفرز. ويمثل الفرز والتثبت أساس العمل الصحفي .".
 
 
وأكد باتريك أن على الصحافي وفي عصر السرعة أو بالأحرى التسابق في المعلومة أن يميّز بين البذرة الصالحة وبين القشرة كي لا يقع في الفخاخ . فكم من صحافي أو صحيفة وضع في موقف حرج بسبب تناول شائعة لا أساس لها من الصحة نشرت عن سوء نيّة من قبل بعض الأشخاص ذوي الأهداف الدنيئة.
وفي هذه الندوة تم التطرق إلى العديد من المحاور الهامة التي طرحت في شكل تساؤلات على غرار: أيّة حدود يجب على الصحافي أن يحددها في نشر معلومة حساسة ؟. أي فرق بين حرية التعبير وحرية الصحافة ؟. هل يمكن الحديث عن الأخلاق عندما يرفع الصحافي من سقف حبّ الإطلاع ؟. هل يجب إخفاء بعض المعلومات ؟. كيف ندفع السياسيين أو الشخصيات المهمّة بعيدا عن تحفّظها دون تجاوز الخطوط الحمراء ؟.
وفي هذا الخضم يعتبر " باتريك بوافر دارفور " أن على الصحافي أن يمتلك المسؤولية الفردية والمسؤولية الجماعية رغم المعضلة اليومية لرجال السلطة الرابعة الذين يجدون أنفسهم غالبا بين مطرقة المنافسة المجنونة التي تفاقم السباق نحو السبق والتفرّد وبين سندان ضرورة الحصول وتقديم معلومة صحيحة ومتكاملة في وقت قصير وضيق .
 
 
ويعتبر " باتريك دارفور " أيضا أن الصحافي الجيّد يجب أن يكون " عنصر تعديل" ينجز عمله بسرعة وإتقان دون الوقوع في التسرّع أو التأنّي أو الحذر المبالغ فيه . كما أن الصحافي الجيّد يجب أن يكون جريئا . وهنا يؤكد الكثير أن هذا الصحافي الفرنسي لم تعوزه الجرأة طوال مسيرته المهنية ومنها نذكر مغامرته الشيقة على رأس شريط الأنباء لقناة " تي - أف - 1 " التي انتهت سنة 2008 تاركا مشاهدين " يتامى " لم يستطيعوا إلى اليوم أن يهضموا تلك النهاية وأن يفهموا الحكاية .
ورغم ذلك استمرت الحياة . ولم يخسر " باتريك الصغير " الذي كان يحلم بالإلتحاق بالمدرسة الوطنية للإدارة وبنحت مسيرة في عالم الديبلوماسية شيئا . فهو اليوم من كبار الكتّاب وقام بإصدار أكثر من 60 مؤلّفا ومنها نذكر " أبناء الفجر " سنة 1982 و " رسائل للنسيان " سنة 1993 ورواية " L’Irrésolu " التي نالت جائزة " Interallié "سنة 2000 و " موت دون جوان " التي نالت جائزة " Maurice Genevoix " سنة 2004 وغيرها من المؤلفات . أما آخر كتبه فهو " انتقام الذئب " الذي سيصدر يوم 9 جانفي 2019 وهو كتاب يحمل القراء إلى " الغرق " في بحر عالم السياسة والإعلام في فرنسا .
 
 

التعليقات

علِّق