انتهت مشاكلنا وأصبحنا في رخاء : المشيشي يترك كل شيء ويركّز على " تنقيح قانون الزطلة " ؟؟؟
فجأة طلعت الشمس على بلادنا فوجدت أن كافة مشاكلها انتهت وأن جميع مواطنيها انتقلوا من مرحلة اليأس والإحباط والفقر والخصاصة وانسداد الآفاق إلى مرحلة الرخاء والنعيم العميم . طلعت الشمس فإذا بكافة " الإخوة الأعداء " في السياسة في تناغم تام ولا شيء يشغلهم إلا مصلحة البلاد وخدمة أفرادها إلى درجة أن هؤلاء السياسيين باتوا يعملون مجانا ( لله في سبيل الله ) بل يتبرّعون من جيوبهم من أجل إنجاز ما تبقّى من مشاريع كبرى عمّت البلاد من شمالها إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها.
هذا الوضع الجديد جعل الحكومة وأعضاءها " عاطلين " عن العمل فلا يكاد أفرادها يجدون ما يفعلون سوى أنهم يطالعون أخبار العالم مفاخرين مزهوّين بأننا تجاوزنا الجميع وحققنا نسب نموّ لم تحقّقها ألمانيا أو الصين أو اليابان ... وعلى هذا الأساس نام رئيس الحكومة ثم صحا فلم يجد في دماغه غير فكرة واحدة وهي " الزطلة " . ومن حينه ربط الخيوط ثم اجتمع بمسرح نجمة الشمال مع " نشطاء آخر الزمن " ليناقش معهم " ضرورة تنقيح القانون 52 " المتعلّق بهذه الآفة الزرقاء التي لم ير منها رئيس الحكومة سوى أنها " دمّرت مستقبل الكثير من الشباب " ونسي أو تناسى أنها كانت السبب المباشر في تدمير عائلات بأكملها وفي تنامي الجريمة ( بمختلف أنواعها ) بشكل رهيب .
إن هذه الآفة ظاهرة جديرة بالإهتمام والنقاش وتنقيح القوانين الخاصة بها . لكن هذا لا يعني التخلّي عن الجانب الردعي للمعنيين بها وخاصة المروّجين و " العائدين " . إنها مسألة شاملة ومعقّدة ومعالجتها يجب أن تشمل كافة عناصرها من تربية وتعليم ومحيط وتشغيل وكل ما له علاقة بها . لكن أن نقف عند ويل للمصلين في معالجتها فهذا يعني أننا لن نخرج من دائرتها لأننا ببساطة لن نكون قادرين على النظر إلا على بعد مترين أو ثلاثة من أقدامنا.
وبالرغم من أهميّتها مثلما قلت دعونا نطرح على السيد رئيس الحكومة بعضا من الأسئلة :
هل إن " الزطلة " أولويّة التونسيين في الوقت الحاضر حتّى تدعو إلى تقديم مبادرة تشريعية " عاجلة " وتدعو إلى ضرورة تنقيح القانون 52 ؟.
هل تمكّنت وفريقك من حلّ مشاكل البلاد حتّى تجد الوقت أصلا للنقاش مع تلك الأطراف التي لا همّ لها إلا أن تعمل على " تقنين " الممنوعات ونشرها وجعلها أمرا عاديا في حياتنا؟.
إنه لمن المؤسف حقّا أن نتذكّر ما قام به المرحوم الباجي قائد السبسي خلال حملته الانتخابية عندما " اقترب " من الشباب وتظاهر ( أو ربما كان مقتنعا ) بأنه يتبنّى مشكلتهم وهي " الزطلة " والقانون 52 ووعدهم آنذاك بأنه سيبذل المستحيل من أجل تغيير الواقع لكنّه في النهاية لم يفعل شيئا . فهل إن ما يقوم به رئيس الحكومة اليوم وفي هذا الظرف بالذات يدخل في هذا السياق أم إن المأزق الدستوري الذي تردّى فيه بسبب التحوير الوزاري جعله مرتبكا لا يدري في أي اتجاه يسير؟.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق