النهضة تعلّق على الاحتجاجات

النهضة تعلّق على الاحتجاجات

 


اصدرت حركة النهضة اليوم الاثنين 17 أفريل 2017 البلاغ التالي حول الوضع الاجتماعي في تونس والتحركات الاحتجاجية :
" تشهد جهات مختلفة من بلادنا سلسلة من الاحتجاجات يطالب أصحابها بالتنمية العادلة ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة. ولئن التزمت هذه الاحتجاجات في جملتها بالطبيعة السلمية الاّ انه قد سجلت في بعض الحالات تجاوزات للقانون وتعطيل للعمل والمرفق العام.

وحركة النهضة تتفهم هذه المطالب والتحركات وتعتبرها من مكاسب ثورة الحرية والكرامة وحافزا للحكومات وللطبقة السياسية لمزيد العناية بالفئات والجهات التي لم تأخذ حظها من التنمية. لاسيما مع بطء عملية الانتقال الاقتصادي والإصلاح رغم الجهود المبذولة . ففي الوقت الذي حققت بلادنا فيه خطوات كبيرة في درب الانتقال الديموقراطي وترسيخ حكم القانون والمؤسسات واستكمال الهيئات المكونة للحكم، مازالت عملية النهوض الاقتصادي متعثرة بسبب ميراث طويل من نموذج الاقتصاد المعتمد أساسا على الدولة في بلاد شحيحة الموارد وفي مناخ اقتصادي دولي متأزم وبسبب الفساد والتعطيلات الإدارية والقانونية والعقارية ونقص التمويل وبطء نسق الإصلاحات التي يتفق حولها اغلب الفاعلين السياسيين الاقتصاديين ولكن أيضا بسبب تقصير من الجميع في إبداع الحلول وضعف الروح الجماعية لفائدة الفئوية والمطلبية التي تبلغ أحيانا سقفا مشطا يتجاوز طاقة البلاد اليوم مع إنها ممكنة التحقيق على مراحل .

أنّ حركة النهضة تتفهم هذه الاحتجاجات وتدعو المواطنين إلى المحافظة على هذا المكسب من خلال الالتزام بالقانون والامتناع عن تعطيل المرفق العام وعن الإضرابات العشوائية وعن استفزاز قوات الأمن التي تمثل رأس حربة في مواجهة التهديدات الإرهابية الداخلية والخارجية وحماية البلاد من الأخطار المتربصة بها وقطع الطريق أمام كل من يريد توظيف الاحتجاجات الاجتماعية السلمية لأغراض حزبية أو سياسية أو تخريبية كما ندعو الحكومة إلى التفاعل الإيجابي مع هذه المطالَب عبر الحوار الذي يفضي إلى حلول واقعية تراعي المطالَب وإمكانات البلاد وبما يفتح أفق المستقبل الأفضل

وعلى صعيد آخر سجلت حركة النهضة في المدة الأخيرة استهدافا ممنهجا لمناخ التوافق السياسي الذي يسود بلادنا والذي انطلق في اجتماع باريس بين السيد رئيس الجمهورية ورئيس حركة النهضة، التوافق الذي جنب بلادنا وتجربتها الديموقراطية الفتية الارتداد إلى نوع من الحرب الأهلية وانهيار الدولة والاجتماع السياسي كما وقع في بلاد شقيقة وكما كانت تدعو إليه بعض الأطراف والأصوات في بلادنا.

إن الذين يستهدفون سياسة التوافق أطراف تختلف أجنداتها السياسية ولكن تلتقي أهدافها. فبعضها ليس له أي حلول أو مقترحات ويكتفي بالمزايدة بشعار المطالب الاجتماعية واستغلال الأوضاع الصعبة التي تعيشها بلادنا وخاصة بعض الجهات والفئات متجاهلا أو غافلا عن إنها أوضاع موروثة عن عشريات طويلة من الاستبداد السياسي والظلم الاقتصادي والاجتماعي والفساد وان جهودا بذلت للتخفيف منها وأخرى في الطريق لحلها تدريجيا وان المطلوب هو التعاون على حلها لا الاستثمار في الأزمات. وبعض هذه الأطراف يرفع شعار الإرهاب في محاولة بائسة لتحويله من خطر دولي يهدد البلاد والعباد بمختلف اتجاهاتهم إلى موضوع اختلاف داخلي واتهامات مزيفة لطرف سياسي معين.. والبعض الآخر يحول شعار مقاومة الفساد إلى شعار سياسي لكسب التعاطف دون تقديم إي خطة منهجية في تحقيق هذا الشعار باعتباره مهمة وطنية محل إجماع وتتطلب الوقت والمثابرة وإبداع الآليات الفعالة من إصدار القوانين اللازمة وترشيد الحوكمة وتفكيك اللوبيات الراعية للفساد ودعم أجهزة الرقابة وأجهزة القضاء المختص وتغيير المسؤولين المشتبه بهم الخ من الآليات الضرورية للنجاح في هذه المعركة التي خاضتها دول قبلنا وتمكنت عبر القوانين والآليات والقضاء من التخلص من هذا الوباء.

وحركة النهضة تعتبر كل هذه القضايا أي الفقر والإرهاب والفساد تحديات حقيقية بل من أهم التحديات التي تواجهها بلادنا وتجربتها الفتية في الانتقال الديموقراطي وقد تقدمت أشواطا في بعضها وأبطأت في الأخرى وهي بصدد توفير القوانين والآليات والإمكانيات للتغلب عليها، ولاشك أن النجاح يكون أسرع وأفضل إذا تحلى الجميع بروح ايجابية وفي إطار الوحدة الوطنية والارتفاع بهذه التحديات إلى حوار البرامج والمقترحات بدل المناكفات والصراعات الحزبية الضيقة واستهداف حكومة الوحدة الوطنية.

لقد بذلت الحكومات المتتالية وآخرها حكومة الوحدة الوطنية محاولات جادة في النهوض وفي تحقيق مطالب الثورة واحترام الحقوق التي جسدها دستور الجمهورية الثانية وتلبية الحاجيات الاقتصادية إلا أن ما تعانيه المنظومة السياسية من انقسام ومزايدات وضعف الالتزام بالقانون وثقل الأعباء الاقتصادية التي ورثتها عن الماضي وشح الموارد التي تعاني منها بلادنا يعرقل نسق عملية الانتقال الاقتصادي والاجتماعي .

ولتجنب ذلك تدعو حركة النهضة إلى التخلي عن تغذية الصراعات وزرع الإحباط وتكوين الكيانات السياسية على أساس المضادة لطرف معين كما تدعو إلى التحلي بالمسؤولية والتخلي عن محاولات ضرب التوافق السياسي إذ البديل عن ذلك هو الذهاب إلى المجهول والى انهيار الاجتماع السياسي لا سمح الله أو العودة إلى الاستبداد والتخلف.

كما تؤكد النهضة مسؤوليتها في حماية أجندا البلاد المتمثّلة بالخصوص في مواصلة الحرب على الإرهاب والجريمة والانفلات وفي دفع الإصلاحات و إنجاز الانتخابات البلدية في موعدها وفي المحافظة على هذا المسار الذي افشل كل مساعي الزج ببلادنا في الفتن والمحن. وتلتزم النهضة بمضاعفة الجهد والمبادرات حتى تحقيق انتظارات شعبنا في التنمية والتشغيل وتكافؤ الفرص في التعليم والعمل والصحة وبعث المشاريع وتمويلها وتطوير مرافق الحياة ..وتدعو كافة الفاعلين السياسيين والاجتماعيين إلى دعم الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني بما يحمي ديمقراطيتنا وأمن بلادنا ويوفر أفضل مناخ للاستثمار وانجاز المشاريع والتقدم في الإصلاح والتطوير وبما ينشر الأمل ويشجع المبادرة والعمل. "

التعليقات

علِّق