النساء وقطاع التكنولوجيا: عراقيل عديدة تحول دون تحقيق التقدم المهني الذي يطمحن إليه

النساء وقطاع التكنولوجيا: عراقيل عديدة تحول دون تحقيق التقدم المهني الذي يطمحن إليه

كشفت نتائج دراسة استقصائية حديثة لشركة "كاسبرسكي" العالمية المتخصصة في مكافحة الفيروسات، شملت 13 ألف شخصا في أزيد من 19 بلدا، أن نصف النساء العاملات في قطاع التكنولوجيا يعتقدن أن الأزمة الصحية المرتبطة بتفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" حالت دون تقدمهن المهني، في حين أرجح نصف الرجال في القطاع، أي بنسبة مشابهة، أنه تم تحقيق المساواة بين الجنسين بعد اعتماد العمل عن بُعد.

وحالت الأفكار النمطية والتحيزات المستعصية والدائمة في استغلال فرصة الحجر الصحي من أجل التسريع نحو تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء في مهن تكنولوجيا المعلومات.

وبعد مرور حوالي أزيد من سنة على بداية الأزمة الصحية العالمية، تنبأت التوقعات بتحقيق فرصة إيجابية واحدة على الأقل خلال فترة الحجر الصحي، من خلال تسجيل تطور إيجابي في قطاع صناعة تكنولوجيا المعلومات من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين. 

المساواة سيتم الوصول إليها من خلال تحقيق تكافؤ الفرص من منظور اجتماعي وتنظيم الأسرة، والتخلي عن الأفكار النمطية التقليدية المتعلقة بتفرغ النساء وطول سنواتها في مسارها المهني. 

وبسبب الأزمة الصحية التي شهدها العالم بعد تفشي وباء كورونا، وجدت الشركات نفسها مجبرة على تسريع طريقة عملها أو اعتماد طريقة العمل عن بُعد من المنازل لاحترام تدابير السلامة الصحية، وفي هذا الصدد، شهدنا خطوات إيجابية أولى على مستوى تطور العقلية العامة لصناعة تكنولوجيا المعلومات.

 

هل يُشكل العمل عن بُعد فرصة لتحقيق المزيد من المساواة بين الجنسين داخل الشركات؟

 

أبرز تقرير كاسبرسكي الجديد بعنوان -"النساء في قطاع التكنولوجيا.. أين نحن الآن" فهم تطور المرأة في مجال التكنولوجيا- ، أن ما يقرب ثلث النساء العاملات في مجال التكنولوجيا يفضلن العمل من المنزل بدلا من العمل في المكتب. 

وأشار عدد مماثل من النساء إلى أنهن يعملن بكفاءة أكبر عند العمل من المنزل، في حين أفادت 33 في المائة منهن إلى أنهن أكثر استقلالية عندما لا يعملن من المكتب.

لكن الاحصائيات المثيرة للقلق في هذه الدراسة الاستقصائية التي جرى إجراؤها عبر الانترنت، أن قدرة اشتغال النساء عن بُعد في قطاع التكنزلوجيا لم يُسجل أي تقدم اجتماعي فيما يخص "دينامية العمل عن بعد". 

وتعاني نصف النساء العاملات في قطاع التكنولوجيا على المستوى العالمي، منذ شهر مارس الماضي، من صعوبة كبيرة في التوفيق وتحقيق التوازن بين الحياة المهنية والأسرية، وذلك بسب عدم التوازن الذي لا يزال قائما بين الرجل والمرأة فيما يخص تقاسم الأعباء في الحياة اليومية.

وعن الأسباب والمشاغل اليومية التي حالت دون تحقيق التقدم أو الفعالية اللازمة في العمل، كشفت ما نسبته 60% من النساء المستجوبات أنهن قمن بأغلب المهام المنزلية مقابل 47% من الرجال، كما أن ما نسبته 63% تكلفن بمهمة تعليم الأطفال عن بُعد مقابل 52% من الرجال، كما أن 54% من النساء المستجوبات أكدن أنهن يضطرن إلى تعديل جداول أعمالهن أكثر من  شركائهم الرجال من أجل الاهتمام بأفراد الأسرة.

وبناء على ذلك، تعتقد ما نسبته 50% من النساء أن التأثيرات المترتبة عن تفشي الوباء عوض أن تحسن تقدمهن المهني، حالت دون ذلك وساهمت الجائحة في تأخر التقدم الذي يطمحن إليه.

وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة باتريسيا جستوسو، مديرة دعم الزبناء العلميين في BIOVIA ، والفائزة في مسابقة النساء في مجال صناعة البرمجيات 2020 ، وعضو بارز في شبكة النساء المحترفات، قائمة أدا :"كان وقع تأثير الوباء مختلفا جدا على النساء، ذلك أن البعض منهن أعجبن بطريقة العمل الجديدة عن بُعد والتسهيلات المتاحة، فضلا عن تقليص عدد مرات الخروج من البيت، في المقابل، هناك نساء عانين من ضغط نفسي شديد جدا".

 

وأضافت باتريسيا جستوسو :"بناء على ما سبق ذكره، من الواجب والمهم أن تكون برامج الشركات ومشاريعهم متماشية مع استراتيجيتهم بغية دعم الموظفين وإيلاء اهتمام خاص لكل سيدة ضمن فريق العمل. ومن بين الأمور الأخرى التي ساهمت الجائحة في تسريعها هي تعايش الموظفين مع فكرة العمل عن بُعد ومن المكتب داخل نفس الشركة، وهو ما يُمكنه أن يشكل تحديا للمرأة التي تعمل عن بعد، لأنه يحد من قدرتها على الوصول إلى كبار الموظفين في المكاتب، ما يقلل من فرص النظر في بعض أنواع المهمات التي يمكنها من خلالها الحصول على ترقيات".

وأوضحت المتحدثة ذاتها :"من أجل الحد من هذه المساوئ وتمكين النساء في القطاع من تحقيق فرصهن في التقدم المهني، يجب على أرباب العمل أن يكونوا على وعي بهذه العيوب وأن ينظموا أنفسهم وفقا لذلك من أجل التقليل منها إلى أدنى حد ممكن منها".

وإذا كانت الأمثلة التي جرى رصدها حول التفاوتات الاجتماعية ليست خاصة بقطاع التكنولوجيا فقط، فإنها تشكل عائقا يحول دون استفادة النساء من التحول إلى العمل عن بعد الذي حدث السنة الماضية.

وأكدت 41% من النساء في قطاع التكنولوجيا (مقارنة بنسبة 34% من الرجال) أن بيئة العمل القائمة على المساواة من شأنها أن تكون الوسيلة الأفضل للنهوض بمهنتهن، في حين ترى 46% من النساء أن العمل عن بعد هو الوسيلة الأفضل لتحقيق المساواة المطلوب بين الجنسين.

ومن أجل ذلك، ينبغي على قطاع التكنولوجيا في الوقت الراهن أن يستفيد من زخمه المشجع على أمل الوصول إلى هذه الحلقة القوية المتكاملة خلال الأشهر والسنوات المقبلة.

وفي هذا الصدد، أوضح ميريسي فينتون، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي في Ada’s List :"الشركات في حاجة إلى الإشارة، من خلال الثقافة والسياسة، إلى أنها ستمنح الآباء العاملين من كلا الجنسين المرونة التي يحتاجون إليها خلال جائحة فيروس كورونا المستجد، وبعد انتهاء الأزمة الصحية. على الشركات أن تفهم وتعي أهمية تمثيلية النساء بين فريق العمل وأن حضورهن في مراكز القيادة، والعمل مع فريق كله نساء، يبين أن هناك مجالا للنساء داخل مؤسستهم. وفي النهاية، نرى العديد من الشركات الناجحة تتعامل مع منظمات نسائية خارجية يمكنها أن تشكل تحديا كبيرا لك وتدفعك إلى الأمام، وتقدم إلهاما خارجيا للموظفين"

من جهتها، قالت إيفجينيا ناوموفا، نائبة رئيس المبيعات العالمية في كاسبرسكي :"إذا أخذ المجال التكنولوجي زمام المبادرة وضمن تحقيق وسط أكثر مرونة وتوازنا للمرأة، سيصبح بسرعة كبيرة القاعدة والأساس الذي يحتدى به، الأمر الذي يمكنه إحداث تغيير في الديناميات الاجتماعية. التغيير المرغوب لن يكون وليد اللحظة، لكن وعلى الرغم من ذلك، هناك إشارات واضحة على أن النساء يشعرن بارتياح أكبر عندما يطالبن، عن صواب، بهذه الطريقة في العمل. وبغية تحقيق خطوات نحو الأمام، يجب علينا أن نواصل العمل في هذا الاتجاه، وأن نتعلم من إيجابيات العمل عن بُعد الذي بدأ السنة الماضية، ونكون بالتالي حافزا على إحداث تغيير اجتماعي ذو نطاق واسع".

منهجية دراسة "النساء في قطاع التكنولوجيا 2021"، دجنبر 2020
أوكلت شركة كاسبرسكي مهمة إجراء الاستطلاع لمؤسسة Arlington المتخصصة في البحوث، لاستقصاء الرجال والنساء العاملين في قطاع التكنولوجيا أو الحوسبة، وذلك خلال الفترة المتراوحة ما بين شهري نونبر ودجنبر  2020، في 19 بلدا في جميع أنحاء العالم.
 الدراسة شملت تحليلا لمفاهيم الناس حول اللامساواة بين الجنسين في التكنولوجيا، والحواجز التي تقف عائقا في هذه القطاعات بين الجنسين، الحوافز التي تدفع الرجل والمرأة لتطوير الحياة المهنية في هذه الصناعات، ومدى تأثير الأزمة الصحية المرتبطة بالوباء على آفاق الحياة الوظيفية للمستجيبين.
وتم إجراء الدراسة على الإنترنت بمشاركة ما مجموعه 13.000 شخص من 19 دولة موزعون كالتالي:

-المملكة المتحدة (1000 شخص)
-‏ ألمانيا (1000 شخص)
-‏فرنسا (1000 شخص)
-‏إيطاليا (1000 شخص)
-‏ أسبانيا (1000 شخص)
-‏الولايات المتحدة (1000 شخص)
-‏كندا (1000 شخص)
-‏الأرجنتين (500 شخص)
-‏ البرازيل (500 شخض)
-‏تشيلي (500 شخص)
-‏ كولومبيا (500 شخص)
-‏المكسيك (500 شخص)
-‏ بيرو (500 شخص)
-‏استراليا (500 شخص)
-‏الهند (500 شخص)
-‏اليابان (500 شخص)
-‏ماليزيا (500 شخص)
-‏سنغافورة (500 شخص)
-‏فيتنام (500 شخص)

التعليقات

علِّق