المسرحية العرائيسة "ما يراوش" على خشبة مهرجان الحمامات الدولي

المسرحية العرائيسة "ما يراوش" على خشبة مهرجان الحمامات الدولي

على ركح مهرجان الحمامات الدولي، ضرب جمهور المسرح موعدا مع المسرحية العرائسية "ما يراوش" للمخرج منير العرقي وهي مستلهمة من "العميان" لموريس ميترلنك ورأت النور ضمن مختبر العرائسيين الشبان. "

ما يراوش" موّجهة للشباب والكهول، وهي من إنتاج المركز الوطني لفن العرائس، عن نص ودراماتورج وإخراج محمد منير العرقي بمساعدة صبري عبد اللاوي وتمثيل وتحريك العرائس لكلّ من هيثم وناسي، وفاطمة الزهراء المرواني، وأسامة الماكني، وهناء الوسلاتي، وأسامة الحنايني، وضياء المنصوري، وإيهاب بن رمضان، وأميمة المجادي، ومحمد الطاهر العابد وعبد السلام الجمل، عن سينوغرافيا لحسان السلامي، وكوريغرافيا لحافظ زليط. وأما موسيقى العمل فقد أوجدها أسامة المهيدي فيما خلق أمين الشورابي الإضاءة وأشرف الأسعد المحواشي على ورشة صنع العرائس واهتم عبد السلام الجمل بتصميمها وتنفيذ الصنع وتصميم الملابس. وعلى امتداد 75 دقيقة يستثمر المخرج منير العرقي فن العرائس للنقد ومساءلة الواقع في أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والفكرية من خلال شخصيات فاقدة للبصر في اختيار رمزي يحيل إلى ثنائيات الحقيقة والسراب والنور والظلام والمقاومة والاستسلام.. وفي هذا العمل يقترح العرقي إطارا سينوغرافيا يختبئ فيه الممثل وراء المريونات (العرائس) ومسارا إبداعيا يمزج بين الفنون ظهرت فيها العرائس كعنصر لتجاوز الصعوبات الإخراجية للمسرحية ذات الطابع الجامد والشخصيات الثابتة. مجموعة من فاقدي البصر يتوهون في الغابة يتلمسون ظلامها ويتجاذبون أطراف الحديث فيما يختفي دليلهم الذي وعدهم بالشمس والشاطئ، وعلى إيقاع سؤال " كيف سيتصرفون في مكان غريب مفعم بالعتمة" تتواتر الأحداث... وعلى نسق الإضاءة التي تحتد وتخف وتتبدى وتتخفى تتجلى رمزيات العمى ويقحم المخرج الجمهور في المتاهة التي جذبت إليها العرائس ومحرّكيها على إيقاع موسيقى تحاكي أصوات الطبيعة. وفيما تنصهر العرائس مع الممثلين الذين يحركونها تتناثر على الخشبات حكايات من الخانات المظلمة يمتزج فيها البوح والغضب والوجع والرغبة في التجاوز في سياقات درامية تعززها الموسيقى والأصوات المستلهمة من الطبيعة ورقصات الضوء. العلاقة بين الأنا والآخر وبين الفرد والمجموعة، العنف الذي يتخذ أكثر من هيئة، السلطة الذكورية، الظلم المسلط على المرأة، الاغتصاب في أشكاله الكثيرة، الزيف الذي حجب الحقيقة، بعض من المواضيع التي خاضت فيها المسرحية.

رحلة بحث تجلت في فضاء منفتح على احتمالات متعددة ولكنه في الوقت نفسه منغلق على ذوات موجوعة تلاحق الحقيقة كما تلاحق النور الذي تلاشى منذ لحظة العمى الأولى. ومن خلال فاقدي البصر يتطرق المخرج منير العرقي إلى مسألة الأقليات والفئات المهمشة في تونس ويقترح من خلالها نقدا غير مباشر للأوضاع السياسية والاجتماعية والإنسانية عموما.

وبعد مسرحية "ما يراوش" التي تدفع إلى التفكر في واقع المواطن التونسي، يكون الجمهور على موعد مع سهرة مشتركة تجمع عرضين هما خماسي وجدي الشريف ووعد الثنايا لمهدي الطرابلسي وعبير دربال (19 جويلية).

التعليقات

علِّق